مقالات

ضيعة ضايعة…سوريا ضايعة!

معاذ عبدالرحمن الدرويش

كاتب و مدون سوري
عرض مقالات الكاتب

أي مبدع ذاك الذي كتب قصة و سيناريو ضيعة ضايعة.. من يشاهدها اليوم يظن أن الذي كتبها كان ما بعد الثورة السورية المباركة، لما لها من اسقاطات كبيرة و كثيرة ما بين أحداث المسلسل و الواقع، علماَ أن المسلسل انتهى تصويره قبيل الثورة بقليل.
ضيعة ضايعة تلك القرية المنسية الضائعة في هذا العالم الذي أصبح بعظم قاراته السبع مجرد قرية صغيرة .
تلك الضيعة التي اعتبرها الكاتب أنها الناجية الوحيدة من ضحايا الآثار السلبية للتكنلوجيا و التقنية الحديثة في العالم، نتيجة اختبائها في أعالي الجبال بعيداً عن الناس و الحضارة، و التي لا يوجد فيها سوى بقايا جرار زراعي يستخدمونه لحراثة بعض أراضيهم، و و اسطة نقل للضرورة أيضاً، و يملكه (عادل) ذلك المنافق الفسفوس المخبر و الذي يمثل عين النظام في تلك القرية المنسية.
ضيعة ضايعة تلك القرية التي تقبع في جنة غناء حيث تنتشر بيوتها في غابة جبلية أشبه بالجنة تطل على البحر، لكن بؤس و فقر الضيعة غيب كل معالم و صور الجمال من حولها، و هنا يأتي دور المخرج المبدع أيضًا، و هو لا يريك إلا زوايا ضيقة من تلك المناظر البديعة الخلابة .
ضيعة ضايعة التي اعتبرها الكاتب الناجية الوحيدة من ثورة التكنلوجيا و المعلومات، إلا أن نهايتها كانت مأساوية عندما ماتت بالكيماوي!
نعم إنها قصة سوريا الجميلة الرائعة التي عزلها نظام الأسد عن العالم ، و حرم أهلها الاستمتاع بجمالها من خلال القهر و الذل و الفقر الذي ألحقه بها، و بنفس الوقت حرمها من تقنيات الحضارة و التقدم، لكنه بالمقابل لم يدخر جهداً لاستيراد أحدث الأسلحة الموجودة في العالم ، و اقتنائها و من ثم استخدمها ضد سوريا و أهلها ، و في نهاية المطاف لم يتوان عن قصفها بالأسلحة الكيماوية في سبيل القضاء عليها و على أهلها، أي منجم عبقري ذلك الكاتب الذي تنبأ بالنهاية المأساوية لتلك الضيعة الضايعة عبر السلاح الكيماوي.
و لو دخلنا في التفاصيل لوجدنا هناك مصطلحات و أحداثًا كثيرة حدثت في المسلسل ، كما حدثت بالثورة تماماً ، كحاجز طيار مثلاً ، و كيف تم طرد الإعلام الأجنبي باعتباره عميلا ! و الاعتماد على إعلام النظام المحلي فقط ، و كيف تم مواجهة المظاهرة السلمية بالسلاح الحي و قتل المتظاهرين،… و غيرها من الأحداث التي حدثت بالمسلسل و الثورة تماماً…
الأكثر غرابة بالأمر في ضيعة ضايعة؛ أن كل ممثل في المسلسل كان قد أخذ دوره الحقيقي كما في الحياة!
فأسعد المسكين(نضال سيجري رحمه الله ) كان طيباً بسيطا كما الشعب السوري تماماً، تخدعه الكلمة و يصدقها بسبب الصدق و الطيبة المجبولة مع روحه .
لكن أسعد في الواقع مات كما مات الكثيرون من الشرفاء في سوريا ، و أسعد معروف أنه كان من المؤيدين ضمنياً للثورة السورية .
في حين أن جودي(باسم ياخور) النصاب المحتال لا يزال يمارس مهنة النصب و الاحتيال على جمهوره في تأييده لنظام طاغ مجرم.
و المختار(زهير رمضان) لا يزال محتفظًا بختم ما يسمى نقابة الفنانين و يمارس دوره التشبيحي بإسم النظام كما في المسلسل على الفنانين و الفنانات، من خلال ذلك الختم.
و زوجته(غادة بشور) تمارس نفس الفكر التشبيحي في حياتها اليومية أيضاً.
بالإضافة إلى سلينكو(فادي صبيح) الجاهل المنظر على الناس باسم الثقافة و العلم و هو لا يزال يمارس نفس الدور لكن في هذه المرة بتأييده المطلق لمختار نقابة الفنانين سليل النظام و الاستخبارات !.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. بحسب متابعتي المتواضعة للاحداث السياسية منذ ما يزيد عن نصف قرن ، تعرضت أقطار الوطن العربي لصنوف شنى من أنواع الأذى و العذاب ، لكن بعد مشروع “الفوضى الخلاقة أو ما أسماها الدكتور فيصل القاسم الهلاكة” ، جرى استهداف العراق و بلاد الشام عموماً “و على الأخص سوريا” و مصر بتقتيل هائل و بتخريب فظيع ليس له مثيل في الدنيا كلها برعاية إقليمية “خاصة في التمويل بالأوامر ” و بإشراف دولي من الاستعمار الفرعوني المستبد الواضع لأوروبا تحت عبائته و المسيطر على الهيئات و المؤسسات العالمية و آلة الإعلام الدولية . لا أظن أن العراق و الشام و مصر مجتمعة تمثل خطراً حقيقياً على مصالح فرعون العصر يماثل خطر الصين لوحدها . لذلك علينا النظر من زاوية أخرى فقد يكون الفرعون نفسه مطية لعيره ، و هذا الغير هو المحرَض و المفسد الأساسي بينما الفرعون و جنوده و أدواته مجرد دواب تتحرك بالمهماز في اتجاهات محددة و بضلال مبين .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى