النَّقْد الْبِنَاء والموضوعي وَضَرُورَاتِه
النَّقد البنّاء وَالْإِنْصَاف عِنْد مُمَارَسَة النَّقْد ، وَنَحْن كَإأفْرَاد ، وتيارات ، وتجمعات ومجتمعات ، عَلَيْنَا أَنْ نتحلَّى بِه ، مُبتعِدين عَنْ الْمُبَالَغَةِ فِي الْمَدْحِ ، وَالْإِطْرَاء ونمارس سُلُوك النِّفَاق ، أَوْ حَتَّى فِي الذمّ ، وجَلد الذَّات لَه مُخَاطَرَةٌ الْكَبِيرَة ؛ فالنَّقد البنّاء يُعْتَمَدُ عَلَى أَطار وَقِيَاس النِّطَاق الموضوعيّ ، بِذِكْر إيجابيّاته ، وسلبيّاته فِيمَا يَظْهَرُ مِنْهُ ، دُون الحُكم عَلَى النيّات ، وَالْمَقَاصِد ؛ لأنّ التعصُّب ، والحُكم المُسبَق ، وعشوائيّة التقييم ، عَوَامِل تُدمّر النَّاقِد أوّلاً ، وَمَوْضُوع النَّقد ثانياً ، وَهِيَ أَبْعَدُ مَا تَكُونُ عَنْ اتّباع الْمَنْهَج العِلميّ المُنصف فِي التَّحْلِيلِ ، والتقييم ، والنَّقد ، وممّا يُنمّي مَلَكة النَّقد البنّاء : دقّة الْمُلَاحَظَة ، وَمَعَهَا فيضٌ مِن التروّي ، وَتَهْذِيب النَّفْسِ الَّذِي يتمثّل بالبُعد عَن اتّباع الْأَهْوَاء ، والمُكابَرة ، والتعنُّت لِلرَّأْي ، أَو الْإِحْجَام عَنْ قَبُولِ الحقّ ، بِالْإِضَافَةِ إلَى أنّ الْإِخْلَاص ، والموضوعيّة يُسَاعِدَانِ عَلَى تَحْقِيقِ حُسن القَصد ، وَطِيب النيّة ، وَالْغَايَة النبيلة فِي رَحْلِهِ النَّقد الذاتيّ نَحْو إصْلَاح ذَوَاتِنَا ، وتياراتها ومجتمعاتنا ، أَوَّل خَطَؤُه الْإِصْلَاح وَالتَّقَدُّم والتَّطَوُّر ، عَلَيْنَا تَعْمِيم الْفِكْر وَالْأَخْلَاق النقدية بكلّ مَا أُوتينا مِن طَاقَات ، وقدرات ، تُلهمُنا نَحْن ، والأجيال القَادِمَة . الثَّوْرِيّ ،
النَّقْد بِكُلّ إشْكَالِه ضَرُورِيٌّ ، وَذَلِكَ مِنْ أَجْلِ إحْدَاث تَغْيِير جِذْرِيّ فِي كُلِّ مجالات الْحَيَاةِ فِي سُورِيا ؛ فثورة بِكُلّ هَذَا الزخم ، بِكُلّ هَذَا الْإِصْرَار ، رَغِم كُلُّ هَذَا السَّحْق وَالدَّمَار وَالْقَتْل ، تَسْتَحِقّ أَنْ تُنْتَجَ دَوْلَة حَدِيثِه بِامْتِياز ، تَكُونُ بِالْفِعْلِ مُمَثَّلَةٌ لِكُلّ السوريين . فَلْيَكُن النَّقْد إذْن سراجاً مضيئاً للثائرين نَحْو إسْقَاط النِّظَام وَبِنَاء دَوْلَة حَدِيثِه . ولنخرج مِنْ النَّقْدِ الأيديولوجي والحزبي لِكُلّ مكونات الثَّوْرَة والشعب ، هَذَا النقد لَا يفيد ثَوْرَة وَشِعْب .