حقوق وحريات

بيانُ الهيئات المدنية والروابطِ الثورية السورية حول الكارثة الإنسانية التي تهدد شمالَ غربِ سورية

على مدى السنوات العشْر الماضيةِ شن نظام الأسد وحلفاؤُه حرباً موازيةً لحربهم العسكرية، طالت الجانب الإنسانيَّ، وتمثلت في استخدام سلاح التجويع والحصار، ومنعِ إدخالِ المساعدات الإنسانية للمناطق الخارجة عن سيطرتهم، في سياسة ممنهجة ضد المدنيين كوسيلة للإخضاع والتهجير والعقاب الجماعي.

واليوم هناك كارثةٌ إنسانيةٌ جديدةٌ تهدد ملايين السوريين شمال غرب سورية، يمكن أن تطال حياةَ أكثرَ من أربعةِ ملايين مدنيٍّ، بينهم مليونا مهّجرٍ فقدوا مصادرَ رزقهم، وباتوا في خيام النزوح التي لا تقيهم برداً ولا حراً.
إذ تهدد روسيا باستخدام حقِّ النقض (الفيتو) في مجلس الأمن ضد تمديد تفويضِ دخول المساعدات الإنسانية عبر معبر (باب الهوى) المعبرِ الوحيد المتبقي في الشمال السوري، الأمر الذي إن حصل فستتفاقم معاناةُ السكان، وتنتهي خططُ الأمم المتحدة لتوزيع اللقاحات المضادةِ لكوفيد-19 لملايين السوريين، فيما ستنخفض العمليات الإنسانية الأساسية، وستتوقف شحناتُ الأغذية والمساعدات الإنسانية، في وقت تشهد فيه البلادُ أزمةً اقتصاديةً تعصف بالمدنيين؛ من انتشار البطالة وغلاء الأسعار.

كما أن القطاعَ الطبيَّ سيشهد كارثةً حقيقية إذا توقف إدخالُ المساعدات الطبية، لا سيما وقد تعرض للاستهداف المباشر من قبل النظام وروسيا مراراً، وخاصة مع ازدياد تدفقِ الجرحى والمصابين إلى المشافي بسبب استهدافِ النظامِ وروسيا، إضافة لاستمرار انتشار كوفيد19.

إن المساعداتِ الإنسانيةَ والطبيةَ هي حقٌّ غيرُ قابلٍ للمساومة والابتزاز، وأي منع لهذا الحقِّ هو جريمةُ حربٍ مكتملةُ الأركان، لا يمكن السكوت عنها، وهو ما تهدد روسيا القيام به، متزامناً ذلك مع جرائمها وجرائم النظام في قصف المدنيين، وارتكابِهما المجازرَ في مناطقَ عدةٍ؛ كقرى جبل الزاوية وغيرها.

إننا -السوريين- ننتظر من المجتمع الدولي إضافةً لتمديد قرارِ إدخالِ المساعداتِ الإنسانيةِ عبر الحدود، حلاً جذرياً للمعاناة في سوريا، وهذا لن يتحقق إلا عبر حلٍ دائم، يوقف جرائمَ النظام وروسيا وهجماتِهم ضد المدنيين، ويقدم أركانَ النظام المجرم ورموزَه للمحاسبة، ويضمن انتقالاً سياسياً لا وجود فيه لمجرمي الحرب من النظام في مستقبل سوريا، كما نص على ذلك قرارُ مجلسِ الأمن: 2254.

إن قرارَ إغلاقِ المعبر -إن تم- وتحويلَ المساعداتِ الإنسانيةِ والطبيةِ للنظام، هو في نظر السوريين مكافأةٌ سياسيةٌ للنظام المجرم على تجويعه للسوريين، وخطوةٌ لتعويمه بدل محاسبته، وقد أثبتت السنواتُ الماضية عبثيةَ تسليمِ المساعدات للنظام؛ حيث يسخرها في تمويل حربه على السوريين، ويدعم منها الميليشياتِ الإيرانيةَ الإرهابية، مما يوجب على المجتمع الدولي الوقوفَ بقوة ضد هذه الخطوة، ومنعَ تحكمِ النظام وروسيا بمصير ملايين السوريين.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. من الواضح لدى الكثيرين من المثقفين في سوريا أن أمريكا هي القائد الأعلى في سوريا منذ آذار/مارس 1963 و حتى يومنا هذا . بسبب سيطرتها على آلة الإعلام العالمية ، تبدو و كأنها خارج اللعبة مع أنه معلوم أنها هي من فرضت عصابة الأقلية للتحكم في سوريا ما يزيد عن نصف قرن و هي التي حمت العصابة و مكَنتها من الاستمرار بل و هي التي تسعى مع مطبخها –الأمم المتحدة – و مع طراطيرها الأعراب لإعادة تدوير العصابة حالياً . حين دخل جيش العراق إلى الكويت ، أقامت أمريكا الدنيا و لم تقعدها و حشدت الجيوش “و من ضمنها جيش حافظ الأسد” و جعلت قيادتها تحت الجنرال الأمريكي “نورمان شوارتزكوف” من أجل ما أسموه “تحرير الكويت” .
    لا يقل أحد أن حزب الله و مليشيات إيران و الجيش الروسي دخلوا إلى سوريا بسبب عجز أمريكا و رغما عنها. هؤلاء دخلوا إما بأمر – كما في حالة أتباع إيران – أو بتوكيل – كما في حالة روسيا – أي أنهم جميعاً أدوات للأمريكان . و من المعلوم أن أوباما و وزير خارجيته كيري استجدوا من بوتين أن يشترك جيشه في العمليات داخل سوريا ، و كان ذلك لأنه صدَ توسلات أذناب أمريكا للتدخل . كانت حساباته مالية ، فلما أعلمته أمريكا بوجود تمويل سخي من سفهاء الأعراب سال لعابه و باشر بإقحام جيشه في العمليات مما نتج عنه انقلاب الوضع عسكرياً ضد الثوار الأحرار . أي أن روسيا كانت و لا تزال وكيلاً مرتزقاً عديم الأخلاق لا يهمها سوى المكسب . أما إيران فلها دور وظيفي محدد رسمته أمريكا لها في المنطقة كلها و من ضمنها سوريا . و ظاهر جليَ أن الجماعات الإرهابية الأرمنية النصيرية الشيعية –المتسترة تحت اسم الأكراد – مدعومة من أمريكا لإيذاء سوريا و تركيا.
    أعلم أن بعض الهيئات و الروابط ربما لا تورد اسم أمريكا خوفاً من أذاها و محاربتها لها ، لكن المطلوب على الأقل التلميح من دون التصريح عنها ، و هذا أضعف الإيمان و هو حق لشعب سوريا حتى يعرف من هو عدوه الرئيسي في هذه الدنيا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى