تحقيقات

المرض الخفي!

صالح موسى الحمزة

محام وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

ابتليت المنطقة الشرقية بداء خبيث انتشر بين أبنائها اسمه المعلم العلوي، في ما بين عام ١٩٨٢ و عام ١٩٨٧ فقط تم ايفاد أربع عشرة ألف مدرسة « من الطائفة » إلى محافظات الجزيرة، و كان لمحافظة الرقة وريفها حصة الأسد منها وتوالت هذه الإرساليات المشبوهة بأرقام مرعبة حتى سنة ٢٠١١ فقطع الله عنها دابر المعلمين المفسدين .

فاقد الشيء لا يعطيه :
لم تكن المعلمات العلويات الموفدات إلى مناطق الجزيرة مؤهلات للعملية التعليمية أبدًا ، الأغلب منهن حصلن على شهادة الثانوية يا بالغش أو بالواسطة تلك السمة المنتشرة والمعروفة في كل مناطق الساحل
ناهيك عن الجانب الأخلاقي المعدوم ، فالمعلمة العلوية الموفدة “غالبًا ما تكون بذيئة اللسان سافرة ، مظهرة مفاتنها بشكل فاضح ، وهذا أمر يبدو أنه مقصود في بيئة اجتماعية ذات طابع عشائري قبلي محافظ .
ثمة أمر آخر يتمثل بالغياب المتكرر كل أيام الشهر ماعدا أيام قبض الراتب، حيث تأتي بعضهن بسيارة ( الستيشن ) برفقة عناصر الأمن العسكري تملأ دفتر الدوام عن باقي أيام الغياب، وتأخذ معها شيئًا من الجبن والسمن البلدي مع ابتسامة عريضة من مدير المدرسة المسؤول عنها، وتعود من حيث جاءت .
لم يكن حال المعلم العلوي الموفد إلى الجزيرة ،بأحسن حالا من المعلمات؛ فالأمر سيان سوى أن المعلم العلوي وجد فرصة للإثراء وكسب المال من السمسرة والواسطات ،وعمليات الرشوة وتبيض الأموال المنهوبة من الشعب في مشاريع زراعية أو تجارية عجت بها المنطقة ( بخاصة فترة التسعينيات ) فباتت مساحات واسعة جدا تزرع لحساب ضباط علويين من القرداحة ،وآلاف الرؤوس من الماشية تربى لصالح ضباط القصر الجمهوري يشرف على إدارتها وإطعامها الأساتذة الموفدون للتعليم .

هذا المطر من تلك الغيمة :
في الصف السابع كان مدرس الرسم « العلوي » يشرح لنا أن الخمر حلال شربه والمحرم فيه الإكثار منه فقط ذلك أن الماء إذا أكثرت منه اسكرك فيصبح محرما أيضا !
وكان مدرس الرياضيات « العلوي » في الصف التاسع يشرح لنا تناسخ الأرواح، و يعطينا أمثلة عن ذلك العجوز الذي توفي وظهرت روحه في طفل الجيران ! وجارتهم التي توفيت و حلت روحها في قطة البيت !
ولي قريب كان مثالا في الأدب والخلق والتدين احتاج إلى دروس خصوصية في مادتي الرياضيات و اللغة العربية؛ لتجاوز عقبة الثانوية العلمية فتلقفه مدرسان أحدهم علوي والثاني مرشدي، فلم ينه معهم ستة أشهر حتى تحول إلى ملحد كثير المجادلة ،و محترف في بت الشبهات في الشريعة الإسلامية يمتلك أطنانًا من الحقد و الأنانية و الشك !
هذه الأمثلة وكثير مثلها مما بلغ حد التواتر في قصص وروايات تحتاج إلى مجلدات لتوثيقها يعجز اللسان حياء عن ذكرها ، أخرجت جيلا ضعيفا مضطربا مشوشا مهزوما إلا مارحم الله .

قصة ومعنى :
سنة ٢٠٠٧ م جاءت إلى الرقة مدرسة من قرى طرطوس خريجة جديدة تحمل شهادة معهد رياضة مكثت سنة كاملة في المدينة، ثم اشترت سيارة « كيا ريو » جديدة لا تزال ملفوفة بورق الوكالة ذهبت بها إلى قريتها وعند وصولها إلى المنزل تجمع حولها الأهل والجيران .
سألها أبوها :
هاي السيارة إلك ؟!
اجابته :
إي والله .
فقال لها :
بشرفك ؟؟
أجابته :
…من راتبك …. !!

الخلاصة :
المراقب لتأثير الإرساليات التبشيرية الطائفية المنظمة والمؤدلجة إلى أهل الجزيرة، يدرك حجم الشرخ الأدبي والأخلاقي والعلمي بين الأجيال التي لم تتلوث على يد « المعلم ابن الطائفة المؤدلج » وظلت محافظة على نقائها وفطرتها السليمة وتلك الثي تلوثت حتى النخاع ،فخرج علينا جيل جاهل منحرف فكريا ودينيا ظهرت مساوئه عند اندلاع الثورة وبداية الحراك السلمي .
يأتي هؤلاء الطلاب ( الذين كبروا وصاروا رجالا ) الذين أنتجتهم المعلمة “الطائفية” من القرى البعيدة مدججين بالعصي الغليظة لينهالوا بها ضربا على الشباب المتظاهرين السلميين، أو مطاردتهم في الحارات و إلقاء القبض عليهم وتسليمهم للأمن العسكري مشكلين طابورا خامسًا طوعيًا !

مع سيطرة حزب العمال الكردستاني مدعومًا من قوات التحالف الغربي على منطقة الجزيرة وجد بيئة خصبة ومهيئة لبث سمومه وأفكاره العفنة التي لاقت رواجا كبيرًا وقبولا عند تلاميذ تربوا على يد المعلمة …

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. هذا الموضوع مهم جداً ويحتاج إلى دراسة تفصيلية وماذكرته في مقالتك قيض من فيض
    وكونك تطرقت له ياريت تتابع الغوص فيه أكثر وخاصة في الآثار السلبية التي نجمت عن هذه الظاهرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى