مقالات

أين المدافع عن معاوية ؟ الجزء الثاني

الدكتور منير جمعة

الأستاذ المساعد بجامعة أم القرى سابقا
عرض مقالات الكاتب

دعاني فلبيت ؛ فبمجرد جلوسي سألني مضيفي سؤالا مباغتا… – الكرسي الذى تجلس عليه …هل تعلم عنه شيئا؟ فقلت متعجبا… – ما به ؟ قال بسرور ظاهر : – من هنا خرج إلى الدنيا :صححه الألباني وضعفه الألباني …! قلت متعجبا : – كيف ذلك؟ قال : – كان الألباني يعمل هنا فى هذا المكتب لمدة تزيد عن ثلاثين سنة…وكنت رفيقه …بل كان يعدنى شيخه إلى عهد قريب! فقلت بحذر بالغ : -لكن الألباني – رحمه الله -تحدث فى مقدمة أحد كتبه عن خلاف مالى كبير بينكما… وأذكر أنه خصّك بكلام كثير…لا يصح لى نقله ! سكت الشيخ الجليل فجأة …ثم دخل إلى غرفة أخرى…وعاد يحمل كثيرا من الأوراق… ثم قال لى بأسى : – هذه المستندات تثبت أنى بريء …وأن الشيخ الألباني قد استوفى حقه كاملا غير منقوص نظرت فى الأوراق بدقة ؛ ثم قلت على الرغم من اقتناعي: – لكنك – فى حدود ما أعلم – لم ترد عليه…والناس لا تعرف هذا …! سكت برهة ثم قال : – خشيت لو رددت عليه أن أضعف ثقة الناس فى تصحيحه وتضعيفه… وهو من أوثق الناس عندى فى هذا … فآثرت أن أسكت انتصارا لسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم ! أحسست بنفسي تتصاغر والشيخ ترتفع هامته حتى سدت الأفق كله …! وقد علمت بعد ذلك بسنين أن الخلاف وصل إلى لجنة تحكيم كان الدكتور سليم العوا عضوا فيها ، وخلصت هذه اللجنة بالإجماع إلى أن الحق مع الشيخ زهير الشاويش ! وبينما أنا شارد الذهن أفكر في هذا الخلاف ، وأترحم على الألباني ، وأقول في نفسي ، لعل له عذرا لا نعلمه ، إذ به يقول لي فجأة : هل تعرف شيئا عن علم الحديث ومصطلحه ؟ وعلى الرغم من دراستي له ، فقد قلت بتواضع : قليلا ! فأخذ يكلمنى عن مصطلح الحديث ومباحثه ويستطلع رأيى بين الحين والحين فى بعض المعضلات الدقيقة…وأنا أجاريه وطال الوقت جداً فى هذا… فاستأذنته فى الانصراف شفقة عليه … فطلب عودتى من الغد! وكانت هذه مفاجأة ساحرة لم أكن أفكر فيها فما أن ذهبت إليه حتى عاد إلى ما كان وعدت ! وفى نهاية لقائنا الذى ما كنت أود أن ينتهى أبدا … قال لي : أنت تستحق هذه ! فنظرت بلهفة … فإذا هي إجازة مطبوعة فى علم الحديث من ورقتين كبريين ، كل ورقة منهما ملأى – ظهرا لبطن – بأسماء العلماء الذين درس على أيديهم هذا العلم الشريف … ظننته يرينى صيغتها … فوجدته قد كتب اسمى وأعطانيها بسعادة بالغة مع كثير من الدعاء والثناء ! وقد بحثت عنها لأريكم إياها ، ولكني اقتنعت – أو أقنعت نفسي – أنها في مصر ، ولم أخرج بها حينما خرجت ! آه يا شيخنا العلامة …! لعلها كانت مجاملة رقيقة تقديرا لموقف عابر… فمن أنا حتى تجيزنى بهذه السرعة فى لقاءين اثنين؟ ماذا أقول بعد هذا الذى كافأتنى به الأقدار الطيبة… ؟ أكان هذا لدفاعى عن صحابي واحد من صحابة رسول الله صلى الله عليه وسلم هو سيدنا معاوية رضى الله عنه؟ فماذا لو عشت عمرى مدافعا عنهم جميعا؟ رحم الله شيخنا العلامة زهير الشاويش…وقدس روحه ونور ضريحه …وعوض الأمة فيه خيرا…!

~~~~
*** هذه صورة العالم الجليل فلا تحرموه من دعوة خالصة ، فتاريخه ناصع في نصرة الحق وأهله !

مقالات ذات صلة

‫2 تعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى