دين ودنيا

ضياع البوصلة وغثاء السيل !

سعد عبد الرحمن التركماني

كاتب وباحث تركي
محرر الشؤون الدينية في رسالة بوست
عرض مقالات الكاتب

لما كانت الشريعة أساساً في التعامل مع البشرية ، ظهر في الأمة جيلٌ ملكوا الدنيا وما فيها رغم قلة عددهم وعدتهم لأنهم أظهروا للعالم جوانب الإسلام التي لا تقبل المجاملة ولا الخوف في إظهارها كالعزة والقوة إلى جانب العدل والرحمة ؛ وهذا ما كان يأمر به النبي ﷺ ، حيث يروي مسلمٌ في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه ، أن رسول الله ﷺ
( لا تبدءوا اليهود ولا النصارى بالسلام، فإذا لقيتم أحدهم في طريق فاضطروه إلى أضيقه ) يعني: ألجئوه إلى أضيقه، هذا إذا كان الطريق ضيقًا، أو فيه زحام، بمعنى: أن المسلم لا يتنحى، ويمشي بجانب الطريق، ويترك الكافر يمر في وسطه، وإنما المسلم هو العزيز، ( وَلِلَّهِ الْعِزَّةُ وَلِرَسُولِهِ وَلِلْمُؤْمِنِينَ ) [المنافقون:8].
فالمؤمن هو الذي يمشي في وسط الطريق، والذي يتنحى هو الكافر، ولا يكون المسلم ذليلًا بحال من الأحوال،فهنا يظهر العزة ، وهذا لا ينافي الإحسان إليه والقيام بمساعدته إن كان محتاجاً ، فالإسلام جاء لترسيخ معنى الرحمة للبشرية ، كما قال تعالى : ( وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ ) [ الأنبياء : 107 ]

أما اليوم فقد ضاعت البوصلة الإسلامية وحرفوها عن اتجاهها الصحيح ، فالأعداء يعملون على قدم وساق لطمس الهوية الإسلامية ؛ قاموا بصناعة الإرهاب وألصقوها بالإسلام ، كمن ألقى للذبيحة طُعماً وبعد أن أكلها ذبحها ..

وعندما تعددت الولاءات لغير الإسلام وتركنا الجهاد تحت راية واحدة أصبحنا أذل الناس ، وقد جاء في الحديث الذي رواه أحمد وغيره بإسناد حسن عن ثوبان رضي الله عنه أن النبي ﷺ قال: ( يوشك أن تداعى عليكم الأمم كما تداعى الأكلة على قصعتها ) قيل: يا رسول الله أمن قلة بنا؟

قال: ( لا، ولكنكم غثاء كغثاء السيل، تنزع المهابة من قلوب عدوكم منكم ويوضع في قلوبكم الوهن )

قالوا يا رسول الله وما الوهن ؟ قال :  ( حب الدنيا وكراهية الموت ).

وهذا الوهن الذي ورد في الحديث إنما نشأ عن الجهل الذي صارت به الأمة غثاء كغثاء السيل، فليست عندها بصيرة بما يجب عليها بسبب هذا الجهل الذي صاروا به بهذه المثابة.
فقد سيطر الوهن عليهم واستقر في قلوبهم ولا يستطيعون الحراك إلى المقامات العالية والجهاد في سبيل الله وإعلاء كلمته؛ لأن حبهم للدنيا وشهواتها من مآكل ومشارب وملابس ومساكن وغير ذلك أقعدهم عن طلب المعالي وعن الجهاد في سبيل الله فيخشون أن تفوتهم هذه الأشياء.

والحل :

1- أنه لا بد أولاً وضع الخلافات على جانب في هذه الظروف وتوحيد الصف .
2- وإبعاد كل الأسباب التي تؤدي شق الصف الإسلامي .
3- إدراك خطورة القوميين والباطنيين والليبرالية والسلفية العلمانية ( الجامية والمداخلة ) وكذا من تخندق في الخندق الصفوي والصهيوني .
4- الخروج من عباءة الغرب وأمريكا فهم لن يقبلوا بأي تحرّك إسلامي موحد
5- عدم القبول بقيادات ولاءها للقومية أو الغرب أو غير الإسلام .

ولا بد من الرجوع إلى كتاب الله تعالى وسنة المصطفى ﷺ فبهما صلُح أمر الأولين ، وكما قال إمام أهل السنة مالك بن أنس رحمه الله : “لن يَصلُحَ آخرُ هذه الأمة إلا بما صَلَح به أولها؛ فما لم يكن يومئذٍ دينًا، لا يكون اليوم دينًا ” . نقله القاضي عياض في”الشفا” (2/ 87 – 88).

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى