مقالات

في رحاب الثورات العربية !

العميد د. م. عبد الناصر فرزات

عرض مقالات الكاتب

من المعروف أن الثورات العربية التي انطلقت في بعض البلدان العربية أواخر عام 2010 ومطلع 2011، جاءت كرد على الفساد والإجرام والقمع الذي مارسته السلطات الحاكمة في البلاد العربية.

لقد لاقت الثورات العربية في البداية تشجيعًا وتأييدًا ودعمًا قويًا من الدول الغربية، وتبنت هذه الدول ظاهرياً أفكار الثورات ضد الأنظمة الحاكمة، وساعدت على توسيع رقعة انتشارها، ولكن هذه الدول عملياً وقفت الى جانب الأنظمة التي انشأتها وتلبي مصالحها، لأنها أدركت ان نجاح الثورات وسقوط هذه الدول هو نهاية تواجده وسيطرتها على شعوب المنطقة، وتجلى ذلك بشكل خاص في الثورة السورية، حيث أطلق الغرب العنان للروس باستخدام كافة الوسائل والامكانيات والدعم العسكري للنظام ضد فصائل الثورة السورية، لمنع سقوط النظام الحاكم في سوريا.

 أما الدولة المركزية فقد بدأت بمحاولة نشر الديموقراطية، ودعم المنظمات الحقوقية في الدول العربية، وتدريب وتهيئة الكوادر التي ستقود الثورات المحتملة، من خلال منظمات ومعاهد أمريكية تابعة لأجهزة المخابرات. واتبعت أسلوب الضغط على الحكومات العربية لإفساح المجال لوسائل الإعلام المستقلة والمعارضة لتغطية جميع فاعليات الاحتجاجات والمعارضة؛ أما عن سبب اهتمام أمريكا بشكل خاص في سورية فيوضحه كاتب النيويورك تايمز توماس فريدمان، حيث يقول: إن كل دول الربيع العربي تنفجر إلى الداخل، عدا سورية فإن انفجارها سيكون إلى الخارج؛ فسورية بمثابة البركان الذي ستصلي حممه كافة دول الجوار في حالة سقوطها في أتون صراع مسلح (تركيا، العراق، الأردن، لبنان، والكيان الصهيوني). أما نعوم تشومسكي أكبر مفكري الغرب، فيقول إن الغرب لم يكن يوماً يريد تطبيق الديمقراطية في العالم العربي، وان «الولايات المتحدة ستفعل كلَّ ما في وسعها لمنع ديمقراطية حقيقية في العالم العربي، والسبب واضح للغاية؛ وهو أن الغالبية العظمى من شعوب المنطقة تعتبر الولايات المتحدة مصدراً أساسياً لتهديد مصالحهم. لذلك فان الدولة المركزية والغرب فضل رعاية مصالحه في المنطقة، ولم يحرك ساكناً في سورية، سوى بضعة العقوبات الاقتصادية على نظام الأسد، وترك الأحداث لروسيا وإيران وحزب الله وتركيا كممثل للناتو.

أما في إسرائيل فقد أدركت أن نجاح الثورات ،وانتصار الشعوب هو أكبر خطر على وجودها، فالشعوب العربية جميعها ضد الاحتلال واعوانه، ولكنها لن تتمكن من ترجمة ارادتها إلّا إذا حسمت صراعها مع الطغاة والحكام. لذلك لم يكن قادة الاحتلال متشجعين لتأييد الثورة السورية لأن نظام الأسد الابن هو امتداد لنظام الأب، وإسرائيل تُدرك انها تُحسن التعامل معه ومع سياسته لحماية حدودها، ومن جهة أخرى فهي تخشى أي انتخابات ديمقراطية حقيقية في سوريا وفي الوطن العربي، والتي يمكن أن تُفرز حكما شعبيا يمتلك موقفاً واضحاً ضد إسرائيل ومؤيداً للشعب الفلسطيني. 

والسؤال، هل سنصحو؟ أين الحراك الشعبي العربي؟

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. مساهمة في الصحوة المنشودة، علينا ان ندرك أن رأس الأفعى هو الدول الغربية التي حمت، وما تزال تحمي، هذه النظم القمعية من أول يوم…لا فرق بين سوريا ومصر وتونس وليبيا وغيرها..شعار الديمقراطية وحقوق الإنسان مجرد حبر على ورق للاستهلاك الاعلامي..شاهدنا الموقف الغربي(بشقيه الامريكي والاوربي) حين اعتقلت بيلاروسيا المعارض بعد أن أجبرت الطائرة على الهبوط في ارضها…مجرد اعتقال معارضا أشعل الغضب الغربي..بينما يقوم الجزارون العرب من السيسي بطل رابعة الى بشار الكيماوي الى القذافي وحفتر و علي صالح وحكام طهران و غيرهم بقتل المئات والالاف دون ان يرف جفن قادة الغرب…بداية الصحوة المنشودة تبدأ في الخطوة الأولى في رحلة الوعي ثم الوعي الف ميل…وحين تركن الثورة(أي ثورة) إلى ذئب الاستعمار الغربي و تأتمنه(وأدواته من الحكام $$$) على ثورتها ومصير شعبها فالمصير البائس معروف سلفا…وأن يأتي الوعي، ولو متأخرا، خير من ألا يأتي..وهذا ما يجب على اللاهثين وراء “المجتمع الدولي—-أي الغربي — أن يدركوه وكفى تضييعا للجهود والتضحيات الجسام…

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى