حقوق وحريات

ذكرى مذبحة ليمان طرّة: أولى كبريات مذابح عسكر مصر

د. فاروق مساهل

تعتبر مذبحة ليمان طرّة والتي حدثت في أول حزيران/يونيو عام ١٩٥٧م أول مذبحة كبيرة يرتكبها الكيان العسكري في مصر ضد المسالمين العزّل من أفراد الشعب المصري وهم الذين رحبوا بالإنقلاب وأضفوا إصطلاح “الثورة” عليه.
فما أن اكتملت ثلاثة أسابيع على إنقلاب يوم الأربعاء ٢٣ تموز/يوليو ١٩٥٢م حتى كشف الإنقلابيون عن وجههم الإجرامي الدموي فقاموا بإعدام إثنيْن من عمال شركة غزل كفر الدوار بغرض إرهاب المصريين وإدخال الرعب في قلوبهم وهما خميس والبقري لمجرد المطالبة بتحسين أوضاع العمال وحقوقهم المنتهكة، وبعد فترة العامين علّق العسكر ستة من خيرة المصريين على أعواد المشانق بتهم مزيفة وملفقة.
وفي أول يونيو ١٩٥٧م ارتكب العسكر أول مذبحة كبيرة ضد مساجين الإخوان في ليمان طرة .. هؤلاء يقضون أحكاما ظالمة وصار لهم عدة سنوات عندهم في الحبس وبالتالي فهم مسالمون تماما، كل يوم يخرجون للجبل سواء برد ومطر أو شمس وحر يقطعون في الجبال ويسوون الحجر وينقلونه على ظهورهم في أماكن التجميع لتبيعه مصلحة السجون للمقاولين والعمولة تذهب لضباط السجون .. وبدون أدنى مخالفة لقوانين أو لوائح السجون كانت لهم مطالب وسلموها مكتوبة لإدارة الليمان وطلبوا مقابلة النيابة وانتظروا في الزنازين لحين المقابلة لكن مدير الليمان رفض طلبهم واتصل بوزير الداخلية زكريا محيى الدين الذي اتصل بعبدالناصر فكان ردّه “أن يقوموا باللازم” وبدلا من حضور النيابة توجهت إليهم سريّة من الجنود المسلحين وأطلقت النار على المحبوسين العزّل والمجردين إلا من ملابس السجن فقتلت ٢١ وأصابت مثلهم ..
وما تزال الداخلية تتكتم على هذه المذبحة ولم يحدث أي تحقيق فيها منذ وقوعها ..
لا أحد ينكر سادية العسكر الناشئة عن إصابتهم بأمراض نفسية والمعهود أنهم يتعرضون لاختبار نفسي وقت التحاقهم بالخدمة العسكرية لكن يظهر أن الوراثة والوساطة تتجاوزان عن هذه النواقص لقصْر الالتحاق بالجيش على فئة محددة بصرف النظر عن اللياقة والكفاءة والأصحاء من الشباب ..
وقد توالت المجازر بعد ذلك بطرق مختلفة وكان عبدالناصر يمثل الشخص المريض في “أتمّ” صورة فكان مصابا بمرض ضيق الشرايين الذي أودى به لاحقا ومعه مرض العظمة الذي جعل منه قاتلا ساديا أرعنًا يجد في تعذيب البشر وإراقة دمائهم مسكّنا لأعصابه الشاذة التالفة وهذا الخليط المرضي دفعه لإلقاء الجيش المصري في أتون ثلاث حروب (٥٦ وحرب اليمن و٦٧) وضمّ إليهم مذبحة جزيرة أبا بالسودان هلك فيهم الآلاف من المدنيين والعسكريين إرضاءً لنفسه المريضة الشريرة.
ولم تتوقف مذابح الشعب المصري في فترات من جاء بعد عبدالناصر وخاصة في عهد مبارك الطويل الممل الذي أنهاه بقتل أكثر من ألف مصري ليخلفه حكم عسكري إنقلابي غير إنساني أعمل في المصريين قتلا وتنكيلا في مذابح متتالية متنوعة دون توقف أو رادع ..
لم يحدث أي تحقيق في أي من تلكم المذابح ولم يطالب الشعب بالتحقيق في أي منها مما جعل تكرار المجازر سهلا ومحصنا، ونحن إذ نطالب بالتحقيق في كل تلك الجرائم نتساءل كم من الأدلة بقي لتمثل إدانة للعسكر الخونة وأعوانهم فلقد ظل زكريا عزمي يتردد على رئاسة الجمهورية ثلاثة أشهر يزيل فيها المعلومات التي تدين فترة مبارك والحكم العسكري، وكانت الصناديق المحملة بالوثائق تصل إلى أحمد شفيق في عزبته يضيع وقته ويتسلى في تدمير الأدلة الكافية باتهام القتلة المجرمين، وهذه صيحة نطلقها من هنا لثورة الشعب القادمة بإذن الله أن يكون للتحقيق في تلك المذابح والمحاكمة للمتبقين من السفاحين أولية على جدول أعمال الثوار قبل أن تندثر كل الخيوط المؤدية للقصاص العادل.

المجلس الثوري المصري

١ يونيو ٢٠٢١

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى