ثقافة وأدب

أين أنت يا نزار؟

عبود العثمان

شاعر وكاتب سوري
عرض مقالات الكاتب

لا أدري لماذا جلبتْ لي ذاكرتي المتعبة، وأنا أشاهد مجاميع “الرعاع” وهي تجوب شوارع دمشق في حالة من الهستيريا وغياب للوعي ، وتعقد حلقات الرقص البذيئ ، التي تتشابك فيها أيادي القتلة بأيادي العاهرات
و”مناضلات النظام”في حلقات للدبكة، هي أقرب ما تكون إلى حفلات للمجون الجماعي، للتعبير عن حبها وإخلاصها للقائد الذي مارس عليها ولا زال كل أصناف الساديّة والتلذذ بعذابات ضحاياه!
لا أدري لماذا خطرت ببالي قصيدة ل”نزار قباني” الشاعر الدمشقي الذي عاش بعيداً عن وطنه، وعشْقِه الاول “دمشق الياسمين”، مطارداً من أنظمة الإستبداد القمعية، وعلى رأسها النظام المجرم في دمشق، والذي اغتالت عناصر مخابراته “بلقيس” محبوبة نزار وزوجته التي عشقها حتى الجنون.
يقول نزار في قصيدته -وكأنها لسان حال المجرم بشار الأسد-:
“كلما فكرت أن أعتزل السلطة ينهاني ضميري
من تُرى يحكم بعدي هؤلاء الطيبين؟
من سيشفي بعدي الأعرج والأبرص والأعمى
ومن يحيي عظام الميتين؟
من ترى يُخرج من معطفه ضوء القمر؟
من تُرى يرسل للناس المطر؟
من ترى يجلدهم تسعين جلده؟
من ترى يصلبهم فوق الشجر؟
من ترى يُرغمهم أن يعيشوا كالبقر؟
ويموتوا كالبقر؟
كلما فكّرتُ أن أتركهم
فاضت دموعي كغمامة
وتوكّلتُ على الله
وقررتُ أن أركب الشعب
من الآن إلى يوم القيامة! “

رحم الله نزار فقد كان شاعراً حمل قضية وطنه، وظل يعشقه ويتغنى بجماله
حتى آخر يوم من أيام حياته، حين لفظ أنفاسه بعيداً عن هذا الوطن.
نزار قباني شاعر ولد سياسياً قبل أن يكون شاعر “الحب والمرأة”،لقد كانت كلماته كالسياط جلدت الحكام المستبدين كثيراً، وجلدت الذات أحيانا،لتاتي ً معبرة عن عمق المأساة وشدة المعاناة.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى