مقالات

الانتخاب المسموم والاقتراع المحسوم!

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

اطّلعتُ مؤخراً على الكثير من التساؤلات التي عجّت بها صفحات التواصل الاجتماعي وكان مفادها :

  • لما كل هذا اللف والدوران وإحراج الناس وتعطيل الحياة العامة فنتيجة انتخابات النظام في سوريا ومنذ أن تسلطت هذه العائلة على رقاب السوريين هي محسومة مسبقاً وقوائم الناخبين وفي كل موسم انتخابي يتم إحضارها من دوائر “النفوس” إلى مراكز الاقتراع ليتم تعبئة الجداول ولا فرق إن حضر أصحاب تلك الأسماء أم لم يحضروا فالمرشّح واحد والنتيجة معلومة وسبق أن شارك الكثير من المهاجرين والكثير من “الموتى” بالعملية “الانتخابية” بفضل هذه الآلية “المبتكرة”.
    نعم كل هذا الكلام صحيح، وهو معروف للجميع، لكن المؤكد أيضاً أن إعلام النظام حين يتعمد إظهار المواطنين المتفاعلين مع مسرحية الاقتراع والمؤيدين له  -من كافة الأديان والمذاهب-  وأولهم “رجال الدين” و “شيوخ” العشائر، وحين يذهب “رأس الإجرام” إلى دوما لينتخب نفسه، ويصرّح من هناك أن هذه الانتخابات أكدت أن قرار المواطن السوري بيده وهو حر في اختياره .!
    وأن هذه المدينة قد تم تحريرها من “الإرهابيين” وعادت إلى “حضن الوطن”.!
    وحين يشترك العرب والكرد والسريان وبرعاية وتنظيم  “PYD ”  وبتنسيق مع نظام دمشق بالمشاركة بتلك المسرحية في شمال شرق سورية .. فهي رسائل واضحة أراد أن يرسلها النظام السوري إلى جهات داخلية وإقليمية وعربية ودولية وأهم تلك الرسائل :
    -الرسالة الأولى عامة وقد قال فيها :  أنا من يقرر “الانتخابات” وأنا من يفوز بها وأنا من يحدد من الذي يحق له المشاركة ومن المحروم منها، وأنا غير معنيّ بتصريحات دول العالم ولا فرق إن وافقوا “إعلامياً” على نتائج الانتخابات أم لم يوافقوا فالعبرة بالنتائج والأفعال لا بالأقوال.
  • أما رسالته الثانية غير المباشرة فقد وجهها لمؤسسات “المعارضة الرسمية السورية” حيث أكد لهم أن غباءهم وقصر نظرهم قد جعلهم يعولون على الجهات ذاتها التي تدعم الأسد وتمنع سقوطه  وأنه كان يتلاعب بهم ويغرقهم بتفاصيل تافهة لسنوات عديدة من خلال لجان التفاوض التي خدمت النظام ولم تقدم شيء للسوريين.
    أما الرسالة الثالثة فهي داخلية وقد وجهها لقطيع المؤيدين من خلال التجاوزات العلنية وتعمّد تسريب بعض الفيديوهات التي وثقت عمليات التزوير العلني في مراكز الاقتراع المدنية والعسكرية نهاراً جهاراً وعلى رؤوس الأشهاد حيث أوصل لهم رسالته التي أكدت أنهم -بالرغم من الأثمان التي دفعوها نتيجة تأييدهم-  فهم لاقيمة لهم ولا لأصواتهم وهي مجرد تحصيل حاصل، وهو مستمر بقمعهم وإذلالهم وإفقارهم، ومن لم يعجبه فليترك البلد ويغادر إلى غير رجعة.
    نعم فنظام دمشق لم ولن يغيّر نهجه الذي اعتاش عليه كل تلك السنوات، والأنكى والأدهى أنه اليوم يرفض رفضاً قاطعاً أن يغير جلده الخارجي كمجرد تغيير وهمي، وهو يعتبر ذلك تنازلاً لا يليق بجبروته وطغيانه، ومن يعتقد أن هذا النوع من الأنظمة يمكن أن يتنازل عن مزيّة من مزاياه فهو واهم وجاهل بتركيبة هذه النوعية من المافيا المدعومة، وقد أثبتت الأيام و التجارب أنها إما أن تبقى وتستمر، أو أن تُقتلع قسراً من جذورها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى