اقتصاد

العملات الرقمية تئن تحت وطأة تصريحات “ماسك” والقيود الصينية

تفاقمت تقلبات أسعار العملات الرقمية المشفرة خلال الأسبوع الأخير، بفعل التدابير الصينية ضد عمليات تعدين العملات، فضلا عن تعليقات سلبية للفيدرالي الأمريكي، وللملياردير إيلون ماسك، الرئيس التنفيذي لشركة تسلا للسيارات.

وعلى مدار 10 جلسات مستمرة، خسرت العملات الرقمية ما يقارب 40 بالمئة من قيمتها السوقية من 2.6 تريليون دولار، إلى 1.5 تريليون دولار قبل أن تتعافي بجلسة الأربعاء وتعوض بعض خسائرها إلى 1.75 تريليون دولار.

والأصول المشفرة، مرتبطة بالإنترنت المشفر (كإرسال إيميل مشفر)، وهي عملية تحويل المعلومات المقروءة إلى شيفرة غير قابلة للاختراق، ولا يمكن تتبع عمليات الشراء والتحويلات.

وتستخدم هذه العمليات أيضا، في المدفوعات بين طرفين بعيدا عن مراقبة طرف ثالث (البنك أو البنك الوسيط أو البنك المركزي).

ورغم أن العملات الرقمية تعتبر المستقبل، إلا أنها تخلق مشاكل للحكومات التي تتحكم في المعروض النقدي، ولا تحبذ استبدال النقود ببديل تكنولوجي.

ويجد المستثمرون في العملات الافتراضية أداة استثمارات مجدية، بعد تراجع أسعار الذهب والدولار التي شكلت ملاذا آمنا للمتعاملين بفعل تداعيات فيروس كورونا.

وظهرت فكرة “العملات الافتراضية”، ومنها عملة “بيتكوين” في اليابان بنهاية 2008، ولم تحصل على تغطية قيمتها من الذهب أو العملات الأجنبية، وليست لها علاقة بالمصارف المركزية.

وتتابع العوامل السلبية المؤثرة على انهيار أسعار العملات الرقمية خلال الشهور الأخيرة كان أبرزها، حسب رصد “الأناضول”، حظر الصين التعامل بها، ووقف “تسلا” استخدامها في مدفوعات مبيعاتها، إضافة إلى رفض “الفيدرالي الأمريكي” وإعلانه نيته إطلاق عملته الرقمية السيادية قريباً.

** تدابير صينية صارمة

دعت السلطات الصينية، الجمعة، لاتخاذ تدابير صارمة ضد عمليات تعدين العملات المشفرة، في إطار الرياح المعاكسة التي تواجه الأصول الرقمية.

وبحسب بيان لجنة الاستقرار المالي والتنمية التابعة لمجلس الدولة الصيني (حكومي)، فإن هناك حاجة لقيام السلطات بتشديد اللوائح لحماية النظام المالي، مطالباً باتخاذ إجراءات صارمة ضد تعدين “البيتكوين” وسلوك التداول.

ولفت البيان إلى ضرورة منع تحول المخاطر الفردية إلى المجال الاجتماعي الأوسع، مع اتخاذ تدابير صارمة ضد أنشطة الأوراق المالية غير القانونية.

يأتي هذا بعد أيام من مطالبة الحكومة الصينية للمؤسسات المالية وشركات المدفوعات، بعدم تقديم أية خدمات متعلقة بالعملات المشفرة، نظرا أن هذه الأصول تمثل خطراً على المستثمرين.

وتعتبر الصين أكبر موقع تعدين للعملات المشفرة في العالم، حيث تمثل 65 بالمئة من معدل تجزئة بيتكوين، وهي وحدة قياس لقوة المعالجة التي تستخدمها شبكة بيتكوين، للتحقق من المعاملات وتعدين الرموز الجديدة للعملة المشفرة.

إلى ذلك، طالب بنك الشعب الصيني نهاية الأسبوع الماضي، المؤسسات المالية والشركات داخل الصين، بضرورة التوقف عن استخدام العملات الرقمية.

وقال المركزي في بيان: “إنها عملات ليست حقيقية، وأنه يجب على الشركات المالية ألا تقوم بأي إجراء أو معاملات بهذه العملات الافتراضية، فليس لها أي قانون ينظمها أو يحميها”.

وتحاول الصين بسط هيمنتها مبكرا على سوق العملات الرقمية المشفرة المعتمدة من الحكومات حول العالم، بعد أن أطلقت عملة “شيا” الرقمية رسميا مطلع مايو/أيار الحالي وهي أول عملة مشفرة، ضمن خططها لإيجاد بدائل تقلل سيطرة الدولار الأمريكي على المدفوعات العالمية.

وأدت هذه الاضطرابات إلى فقدان العملة الرقمية الأشهر “بيتكوين” 32.43 بالمئة من قيمتها خلال مايو الحالي بنهاية يوم الإثنين لتصل إلى 39 ألف دولار للوحدة الواحدة، لتواصل الخسائر للشهر الثاني على التوالي بعد تراجع بنسبة 1.78 بالمئة في أبريل/نيسان الماضي.

ويصل عدد العملات الرقمية المشفرة حول العالم إلى 7495 يتم تداولها، بقيمة سوقية تجاوزت 1.76 تريليون دولار حتى صباح الخميس، تستحوذ البيتكوين على الحصة الأكبر منها بمقدار 44 بالمئة بقيمة 720.4 مليار دولار.

** تأثيرات “ماسك”

يضاف إلى ذلك، تأثيرات الملياردير إيلون ماسك، على العملات الرقمية، التي أصبحت تتأثر بنحو لافت بمجرد تغريدات “ماسك” على صفحته الشخصية بـ”تويتر”.

فقبل أسبوعين، غرد “ماسك” قائلا: “إن تسلا للسيارات الكهربائية قد أوقفت قبول عملة البيتكوين كطريقة للدفع لشراء سياراتها، بسبب المخاوف البيئية المتعلقة باستخدام الطاقة الكهربائية بشكل كثيف في إنتاجها”.

كان لذلك تأثير كبير على هبوط البيتكوين خلال هذا اليوم بنسبة فاقت 15 بالمئة.

في المقابل، غرد “ماسك” في وقت لاحق من الأسبوع الماضي قائلا: “إن تسلا لم تقم ببيع حيازتها من البتيكوين”، وكان لهذا تأثير في تخفيف حدة انخفاض العملة.

وكانت “تسلا” الأمريكية قد اشترت في فبراير/شباط الماضي وحدات من عملة البيتكوين بقيمة 1.5 مليار دولار، ما ساعد في ارتفاع أسعارها.

وباعت “تسلا” لاحقًا 10 بالمئة من حيازتها بعد ارتفاع أرباحها من الاستثمار بالعملة بقيمة 101 مليون دولار، وفقًا لتقرير أرباح الشركة للربع الأول من 2021.

** رفض الفيدرالي الأمريكي

الصدمات تتوالي على العملات الرقمية، خصوصا بعد أن أصدر رئيس الاحتياطي الفيدرالي الأمريكي، جيروم باول، نهاية الأسبوع الماضي، تحذيرا حول مخاطر العملات الرقمية، ووضع جدول زمني أوضح لتبني الاحتياطي الفيدرالي لعملته الرقمية.

وقال باول حسب رسالة فيديو مسجلة، إنه يجب الانتباه إلى إطار العمل الإشرافي والتنظيمي للعملات الرقمية.

وتابع باول: “يتضمن هذا التنبه إلى نظام المدفوعات بالقطاع الخاص، والذي لا يخضع في الوقت الراهن للترتيبات التنظيمية التي تطبق على البنوك وشركات الاستثمار، وغيرها من شركات الوساطة المالية”.

المصدر : الأناضول

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى