مقالات

هل هزم الكيان أمام الفلسطينيين في حربه الأخيرة ؟

د. صلاح قيراطة

كاتب وباحث سياسي
عرض مقالات الكاتب

معلومكم أنني وقفت مع المقاومة الفلسطينية في حربها الأخيرة، ما استطعت إلى ذلك سبيلا وهذا ذو مساس بعقيدتي المبنية على ماهو معاش وواقع، وقد نسجت قناعاتي لجهة هذا الصراع مرتكزًا على أيدلوجيتي الوضعية، فلست ولجهة الصراع( العربي – الصهيوني )، في مكان الركون لعلوم الغيب، أو بشكل أدق علوم ماوراء الطبيعة، فأنا أعتد بوقائع مادية دنيوية، إنما كان لها أن حققت واقعاً هو ( اغتصاب ) حق من أهله الحقيقيين منذ عام ثمانية وأربعين وتسعمئة وألف في فلسطين، وهنا تراني أنحاز إلى أن فكرة الصراع هي بين حق مغتصب، وبين حق بيّن وواجب الدفاع عنه بكل الطرائق الممكنة ومن ضمنها شتى أشكال الدعم، ومنها مصادر التسليح، مع التأكيد على استقلالية القرار الوطني …
نعم هذا ماكنت عليه منذ انطلاق الشرارة الأولى للحرب حتى إن حُظرّتُ لمدة أسبوع، وهنا أعود للتأكيد على :

  • إن الصراع هو واقعة مادية لايجوز الركون فيها على غيبيات …
  • الصراع هو وطني بامتياز ومن هنا كنت في كل ماكتبت أنسبه إلى مقاومة وطنية فلسطينية، دون ذكر أسماء لمنظمات ولا لأشخاص …
  • إن الحق الذي يدار عليه الصراع هو فلسطيني بالدرجة الأولى وعربي بالدرجة الثانية، وليس في حساباتي مكان للدرجة الثالثة فأنا لا أراه إسلاميًا بحال من الأحوال ليقيني أنه لايجوز أن يكون بين مسلمين ويهود …
    على أي حال :
    حذرت المقاومة جيش الاحتلال بالكف عن أفعاله الداعمة للمستوطنين في حي الشيخ جراح، ومعه الأقصى الشريف، وحددت ساعة ( صفر ) تكون موعدًا أخيرًا يكفُّ عنده المعتدون عن غيّهم، ومع انتهائه كان أن أطلقت المقاومة دفعة من صواريخها، وفتحت بالتالي أبواب جهنم لتستمر أحد عشر يومًا…
    من المسلمات :
    أن نقرّ بأن الصراع ( الفلسطيني – الإسرائيلي ) يواجه كتلة من التناقضات العصية على الحل، والواضح هنا أنه لاتوجد لدى أحد في هذا العالم رغبة في حلها كون النخب المحلية تعتاش على وقعها، آخذة شرعيتها من حالة الحرب المتفجرة دومًا، وهذا ديدن مايقال إنه محور مقاومة حيث صودر كل شيء، وضمنا الأنفاس على وقع هذا العداء وهو حقيقي، لكن مقاومته كانت مطاطة، ومتمادية وسلاح بيد الأنظمة في مواجهة شعوبها حدَّ القهر والامتهان، واستخدم لمصادرة الحريات والعيش في ظل ظروف قوانين طوارىء، وخلافه، وصولاً؛ لأن دمرت بلاد سورية هنا( عنوان ) تحت مسمى مواجهة الدولة العبرية …
    في ذات الوقت لابد من الإشارة إن للقوى العالمية مصالحها الخاصة التي يتم الصراع حولها من خلال مشروع حرب مفتوحة على الدوام منذ عام ١٩٤٨…
    في التفاصيل :
    معلوم أنه وبعد إطلاق النار على الترسانات العسكرية والإعلامية، توصلت إسرائيل وحركة حماس الفلسطينية إلى هدنة…
    الوقائع تعلمنا :
    إن شوارع فلسطين تعيش عيد انتصار الفلسطينيين على الإسرائيليين، وهذا مايبدو يقينًا قاطعًا للشك، فقد تم تسجيل رقم قياسي في إطلاق الصواريخ، بلغ أكثر من أربعة آلاف، وتجاوز العديد منها نظام الدفاع الصاروخي الإسرائيلي الشهير ( القبة الحديدية ) وللمرة الأولى أيضًا، وقعت هجمات واسعة النطاق على مناطق في وسط الكيان، وضمن القدس…
    نتنياهو :
    قال في البداية إن ( العملية ستستمر طالما كان ذلك ضرورياً ) لكن الوقائع أخبرتنا بأن وقف إطلاق النار كان من جانب واحد، ما أبطل عمليًا كل مكاسب الكيان السياسية السابقة، سيما وأن مشاعر الهزيمة باتت واقعًا في إسرائيل، فقد اتهمت الأحزاب اليمينية نتنياهو بالجبن…
    ويبدو هنا أن الحياة السياسية لرئيس الوزراء قد انتهت أخيرًا، ولا تزال التحقيقات معه بتهم الفساد جارية…
    المقاومة الوطنية الفلسطينية بدورها، عززت مكانتها ولو نظرياً لكن الثابت أن الفلسطينيين قاتلوا وحدهم دون دعوة الحلفاء الإيرانيين، أو السوريين، أو اللبنانيين…
  • السوريون كان لديهم مايشغلهم في خيامهم الاحتفالية التي نصبت في معرض مسرحيتهم الانتخابية لرئاسة الجمهورية …
  • الإيرانيون مايريدونه تحقق فهم استفادوا من الحرب كعامل ضغط في المفاوضات المتعلقة بملفهم النووي، وقد كسبوا وقتًا انشغل به العالم؛ ليستمروا بتخصيب اليورانيوم …
  • أما حزب الله، فقد بادر للتبرؤ من إطلاق ٣ صواريخ أطلقت من جنوب لبنان على مدن شمال الكيان، وطبعًا معلوم أن قرار الحزب مصدره إيران …
    معلوم :
    إن قطر ستدفع لإيران مايمكّن المقاومة الفلسطينية من تعويض الفاقد من ترسانات الصواريخ …
    ليبقى السؤال :
    إذا كان نشوب الحرب كما كان بيّنا نتيجة لمباشرة المقاومة الفلسطينية لإطلاق صواريخها في محيط غلاف غزة مع انتهاء المهلة المحددة لإنذارها لقوات الاحتلال بأن تكف عن ممارساتها بحق أهلنا في الشيخ جراح، وكذا عدم تدنيس الأقصى، والاعتداء عليه…
    لتنتهي الحرب وتعود ( حليمة لعادتها القديمة ) أقصد عودة الكيان لممارسة العدوان على حي الشيخ جراح، وكذا الأقصى الشريف…
    فهل تصح هنا مقولة ( وكأنك يا أبا زيد ماغزيت ) ؟…
    وإن كان ذلك فلماذا نشبت الحرب وفي مصلحة من كانت؟ النتائج ؟…
    وأخيرًا :
    هل لنا أن نقول :
    حُق لنا نحترم المسيرات التي خرجت في أوروبا لدعم حقوق الفلسطينيين، كون الأوربيين لا يدعمونهم بشعارت ترتكز على العرق، أو الدين، إنما بشعار حقوق الإنسان، فهم يرون أن للفلسطيني العيش بكرامة كإنسان في ظل القوانين، ولايجوز جعله مجرد دعاية وقيمة صفرية يموت، ويُهدم بيته؛ لأجل عودة أمجاد الماضي، متطرفون من الإخوان المسلمين، وشيعة إيران يجلسون في مكاتبهم حيث الأمان في الدوحة، وبيروت، ودمشق، واسطنبول، وطهران، هم من يؤججون الحروب، ويختارون أوقاتها ويدعمونها بمشاهد أشلاء الأطفال، ودموع النساء، دعاية رخيصة ثمنها شيء وحيد، أمجاد الخلافة، والماضي، والرغبة في عودة اليهودي ذليل مهان تحت إمرة الخليفة، والسلطان، لهذا الحلم مات أطفال ليبيا وسوريا، والعراق، واليمن، ولبنان دون رحمة، القاتل واحد ملثم يختبيء خلف السواد.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى