ثقافة وأدب

قراءة في رواية “الأجندة”

باسل المحمد

مدير الأخبار – رسالة بوست
عرض مقالات الكاتب


“الأجندة” ليست رواية عادية نقرأها بقصد الاستمتاع أو لزيد رصيدنا الثقافي، هي رواية تكشف لنا خفايا وأسرار واحدة من أهم المراحل التاريخية لسوريا بشكل خاص والمنطقة بشكلٍ عام، وبالتحديد فترة مابين 2000\ 2010م، وما حملته هذه المرحلة من أحداث مهمة، مازلنا نعيش تبعاتها ومضاعفاتها إلى الآن، إضافة إلى تأثير هذه الأحداث فيما بعد على مجريات الثورة السورية، ولا أبالغ إذا قلت إن هذه الأحداث لها تأثير مباشر على كل سوري إلى الآن.
أبرز هذه الأحداث: اغتيال الحريري، أحداث مخيم نهر البارد، واستعصاء سجن صيدنايا. وبرأي كان الملف الأعقد والأخطر هو ملف “الجهاديين”، فالمؤلف يبين لنا وبإسلوب سهل بعيد عن التعقيد كيف يتم إعداد هؤلاء الجهاديين وتصنيعهم في سجون النظام وأفرعته الأمنية (مثل سجن صيدنايا)؛ ليتحولوا فيما بعد (بعلم أو بغباء) إلى أدوات يستخدمها النظام لتحقيق أهدافه وأجندته خارج سوريا، كما حصل في غزو العراق ومخيم نهر البارد في لبنان، وداخل سوريا من خلال استخدامهم في تشويه الثورة السورية وحرف مسارها. لنجد أن النظام تعامل مع الثورة السورية وشيطنها بنفس الطريقة التي تعامل بها مع “استعصاء سجن صيدنايا” (المسار السلمي في البداية، الأسلحة، الأسلمة، العلمانيين والسلفيين، المعارضة المخترقة و ……)
ولأن الكاتب “إبراهيم كوكي” ابن بيئة دمشقية، ومن عائلة عريقة كان لها دور في العمل الدعوي والمسجدي في دمشق وريفها، وقد عايش عن قرب أغلب هذه الأحداث، كل هذا يعطي قدراً كبيراً من المصداقية للأسرار والخفايا التي يكشفها الكاتب في روايته.
الرواية لا تقتصر على سرد الأحداث السياسية وتعقيداتها وكشف أسرارها، إذ نجد الكاتب يُضمِّن هذه الأحداث بعض القصص الغرامية، في بيئات مختلفة، والتي تأثرت بتلك الأحداث أيضاً، وهذا ما سنجده في قصة (حيدر ونهلة في منطقة الساحل)، وقصة (سامر ومؤمنة في البيئة الدمشقية).
ما يميز هذه الرواية هو اللغة البسيطة السهلة البعيدة عن التكلُّف، والتي تحتوي في بعض الأحيان على بعض الكلمات العامية، وكأن الكاتب تعمَّدها لتقريب الصورة قدر المستطاع ليعيش القارئ الحدث كما هو.
الحقيقة كشفت هذه الرواية كيف كان النظام يُسير شريحة كبيرة من المجتمع، ويجعلها تتعاطف بشكل كبير مع بعض الأحداث (مسرحية حرب تموز مثلاً)، وهذا أمر طبيعي نتيجة سياسة الإعلام المُوجَّه، والتعتيم المُمنهج، التي دأب النظام على استخدامها منذ تأسيسه.

ولطالما تساءلت في نفسي، وأنا أقرأ الرواية كم كنا سنتلافى من أخطاء وفظائع وكوارث في الثورة، لو أننا كنا نعرف بعض الأسرار والخفايا التي كشفتها رواية الأجندة؟
بالنهاية نقول إن الكاتب استطاع ببراعته أن يحول الرواية إلى وثيقة تاريخية، كُتبت بأسلوب أدبي سهل وشيق يفهم الجميع.

المؤلف إبراهيم كوكي

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى