مقالات

الأيقنة مصيبة الثورة السورية !

الدكتور عزت السيد أحمد

كاتب ومفكر سوري
عرض مقالات الكاتب

منذ بدايات الثورة السورية وقعت في مزالق أوحت بل أوحى كل واحد منها منذ البداية أَنَّهَا لا يمكن أن تنتهي بها إلىٰ خير إلا بقدر إلهي ومعجزة من الله تَعَالىٰ.

الأيقنة واحدة من هٰذه المصائب التي ابتليت بها الثورة السورية منذ البداية. في بدايات الثورة كان حمزة الخطيب. هل يستحق أن يكون أيقونة للثورة السورية؟ لا مشكلة في ذٰلك. ولٰكن طالما تم اعتباره أيقونة الثورة فقد وجب الاتفاق عليه والاقتصار عليه. وفي أسوأ الأحوال إذا وجد من يمثل رمزية أشد منه يكون الجديد هو الأيقون أو أيقونتان في الأكثر.

لكل ثورة أيقونة واحدة أو اثنتان فإذا كثرت الأيقونات فقد فقدت الأيقونات قيمتها وصارت عبئاً ووبالاً علىٰ الثورة لا رمزاً لها ولا حافزاً، ومشتتاً لها لا جامعاً. وتكاثر الأيقونات في الثورات دليل هشاشة وبلاهة وضعف وعدم وجود تنظيم ولا قيادة. وإذا كانت الثورة كذٰلك فكيف يمكن أن تنتصر؟ كيف يمكن أن تنتصر وهي قد قدمت للخصوم أثمن الهدايا وأعظمها؟!

من قبل أن تكتمل تتمة العام الأول من الثورة، أي من قبل أن ينتهي عام 2011م  صار للثورة السورية ألف ألف أيقونة؛ كل واحد صاح يسقط النظام نصَّب نفسه أيقونة للثورة، كل واحد فقد عزيزاً خلع عليه لقب أيقونة الثورة. 

بل الأدهى من ذٰلك الغالبية العظمى من الثائرين كان يتعامل كل واحد منها علىٰ أَنَّهُ أيقونة للثورة. وقد كتبت في مطلع عام 2013م قائلاً: «أكثر السوريين الثائرين وحَتَّىٰ معهم الرماديون ينتظرون مكالمة هاتفية من أحمد منصور بعد انتصار الثورة ليسجل معهم شهاداتهم علىٰ الثورة». علىٰ اعتبار كل واحد منهم يرى نفسه أيقونة للثورة.

بل الأدهى من ذٰلك، وهو ما سينجم عنه بالضرورة، هو سعي كل واحد لتقزيم الآخرين وتهمشيهم والتقليل من شأنهم للإفساح في المجال أمام إظهار نفسه أو أيقونته المزعومة.

المسألة فيها جهل، ولٰكنَّهُ جهل مدمر. يبدو الأمر بسيطاً وسهلاً ولا يحتاج كل هٰذا التعقيد. كل واحد يرى فقيده أو قريبه عزيزاً وفهماناً يستحق أن يكون أيقونة. من حقك أن ترى نفسك أو عزيزك أهمم من في الأرض. هٰذا حقك وأنت حرٌّ في رأيك. ولٰكنَّ ليس من حقك أن تفرض نفسك أو قدوتك قدوة للمجتمع. فكيف إذا تعلق الأمر بأيقونة ثورة؟!

لقد تعاملوا مع الأيقنه بسذاجة وأنانية حمقاء، ساووا بَيْنَ أيقونة الثورة وزهرة العيلة، وزهرة العيلة أيقونة الثورة. واختيار الأيقونة دون سائر الرمزيات الأُخْرَىٰ الواجبة مثل (جان دارك الثورة) علىٰ سبيل المثال دليل علىٰ العقليَّة الاستعراضيَّة والأنانيَّة والاستسهالية للزهور من دون جهد أو تضحية بما يعني أنَّ الأكثرية منذ البداية وضغت نصب عينها حصد المكاسب قبل حصولها، ومن دون بذل جهد لها، وبما يعني أيضاً أنَّ النتيجة ستكون كارثية. عندما ينحرف المسار إلىٰ الهدف منذ البداية بسمت جدِّ صغير فلن يصل إلىٰ الهدف، ومن البلاهة بمكان توقع إصابته الهدف. وإذا توقعت غير ذٰلك فالله أعلم بحالك.

بطبيعة الحال هٰذه ليست مصيبة الثورة الوحيدة، نحو مئة مصيبة ابتليت بها الثورة.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. سلمت يداك دكتور عزت على هذا المفال و اسمح لي بهذا التعقيب :
    من أكبر المنزلقات ، التي وقعت فيها ثورة شعب سوريا المباركة ، في رأيي المتواضع : تشكيل فصائل متعددة متنازعة بعد عسكرة الثورة ، و على رأس غالبيتها قيادات كان ممكناً شراؤها بثمن بخس دراهم معدودة بالنظر لقلة إخلاصها للأمة و لعدم فهمها للواقع السياسي في سوريا و الإقليم و العالم . النزاع مشروع للفشل المؤكد ، أوضحه لنا الله تعالى بقوله ( وأطيعوا الله ورسوله ولا تنازعوا فتفشلوا وتذهب ريحكم واصبروا إن الله مع الصابرين) ثم إن قيادات حصلت على بترو دولارات و ريالات من بعض الدويلات برهنت على قلة – إن لم يكن عدم – الإخلاص للأمة لأن هذه الدويلات مرتبطة تماماً باستعمار حاقد لا يتمنى لنا الخير إطلاقاً بل و لا يؤمن شره تجاهنا . من الغريب أنه غاب عن العقول أن كل طرطور في أعرابستان هو حليف و رديف للمعتوه بشار ، ثم إن من سمح لنفسه – تحت تبريرات – أن ينال أموالاً من هؤلاء قد صار عبداً لهم مرتهناً بأوامرهم و لقد قال العرب قديماً “من رضي بالخل و البقل لم يستعبده أحد” و قال بعض العرب حديثاً “من كان طعامه من فأسه ، كان كلامه من رأسه” و قريب من هذا القول الحكيم “القناعة كنز لا يفنى ” .
    الأمر الأبشع ، أن بعض “القواد” كانوا مجرد دمى لغرفتي “الموك و الموم” مع أنهم كانوا يجتمعون فيهما مع أشد أعداء الأمة فرعون العصر مع مخابرات دويلات لا تعصي للفرعون أمراً . هاتان الغرفتان أناطتا بأتباعها أين يتواجدون و أين يتحركون و حماية العاصمة من الاقتحام ، و هيأتهم للاستسلام و ما يسمى “الخروج الآمن ” إلى الشمال خاصة أو خارج سوريا . يا ويح الجهلة كيف لم يدركوا أن فرعون العصر هو الداعم الأكبر للعصابة الطائفية الأقلوية المتحكمة في سوريا منذ ما يزيد عن نصف قرن بل هو أساس الطغيان و الاستبداد في الدنيا.
    لما قضي الأمر ، خذلهم الفرعون و مخابرات اٌلإقليم و كان إغلاق للغرفتين بعد طقوس “الاستلام و التسليم” بنفس طريقة الشيطان الذي يخذل أتباعه في الدنيا و الآخرة.
    كل مال الدنيا متاع الغرور و هو زائل ، و لذلك فمن يتقي الله حق تقاته لا يمكن أن يسمح لنفسه بأن يكون عبداً تعيساً للدينار و الدرهم . حين يفعل ذلك ، يكون قد انتحر و نحر الأمة معه و في هذا خسران مبين للدنيا و سيكون حسابه عسيراً عند الله في يوم لا ينفع فيه مال و لا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى