مقالات

الشباب الفلسطيني يسطر تاريخًا مجيدًا…

د. صلاح قيراطة

كاتب وباحث سياسي
عرض مقالات الكاتب

سأعترف أنني كنت إلى مرحلة ماقبل نشوب العدوان الإسرائيلي على الفلسطينيين( كنت ) بائسًا يائسًا من مستوى ماهم عليه جيل الشباب لاعتقادي أنه كله، أو بشكل أدق غالبيته فارغ المضامين، وهو بما كنا نستشعره ونراه إنما هو نتاج موضوعي للعولمة التي جعلت العالم قرية صغيرة، متمكنة بذا من كسر الحدود أمام تدفق كم مرعب من الإعلام جلّه عبارة عن ( غزو ثقافي ) إنما غايته إدخال كم هائل من الثقافات الغريبة إلى المجتمعات المراد تعطيلها مع تضليلها والعبث بها، وذلك بشكل مخطط، ومنظم لغزوات مرعبة نتائجها، لجهة التجهيز، والإعداد الذي يقف خلفه علماء نفس، واجتماع، وكذا جهات استخباراتية تتصرف كلها ككل واحد متضافرة بمكر، وخبث، وذكاء موجهة نيران إعلامها باتجاه من تريد تخريبه ثقافيًا؛ ليصبح هذا مع الوقت بنيويًا من خلال نشوب صراع بين وافد قادم يمضي باتجاه التخريب الماكر، والذي يؤثر على العقول؛ ليتحكم بها، وليعزف على الغرائز لجعلها متقدة، ومتخفزة، وجاهزة للاستجابة لأي إشارة ربما تكون عبر أي من وسائط التواصل الاجتماعي التي يتم التحكم بها من خلال مشغليها، فالمتلقي يعتقد أنه حر بخياراته بينما الوقائع التي تؤكدها الحقائق تؤكد غير هذا، ولكم في سلوك القيّمين على الفيس بوك مؤخرًا نموذجاً على ذلك، حيث تفننوا بالحظر، و التقييد لحسابات ملايين المناصرين لأحقية الفلسطينين فيما يجري بدءًا من ٨ الشهر الجاري …
ما أريد أن أؤكد عليه هي حالة الصراع بين مؤسسات ثقافية، وإعلامية محدودة الكفاءة، والإمكانية لجهة تكوينها ومهامها، لا تقوى على حرب ثقافية بيد أنها كرست لها إمكانيات خرافية، وجعلت خلفها أدمغة، وقدرات استثنائية، ليس هذا فقط فغالبا مايكون دور مؤسسات التثقيف والإعلام في الدول المُستَهْدفة هو الدعاء للزعيم بطول العمر، وللتفنن بتأييده مع إبداع في ألوان الصفات التي يتحلى بها الزعيم، في ظل هذا الصراع يكون الشباب هم الضحية، وهذا ماكنا نراه واقعًا ملموسًا سواء عندما كنا نلتقي ببعض من هؤلاء في مناسبات مختلفة، أو من خلال ما نقرأ على صفحات التواصل الاجتماعي الذي يعكس حالة الخواء الفكري والفراغ الأخلاقي لهذا الجيل، مع العبث الإنساني …
لكن هنا علينا أن نؤكد على ماهو موروث من صفات الإنسان، وهذا ماظهر في فلسطين كل فلسطين، وكذا حيثما تجد عربًا مؤمنين بقضيتهم عاملين للانتصار لها وقد تجسد هذا واقعًا في الصراع الدائر في عموم فلسطين وضمن التاريخي منها بحيث يرزح أبناؤه تحت سيطرة الاحتلال، ليتأكد لنا كجيل بات شاباً بعد أن شاخ وترهل. إن
الشباب الفلسطيني المقاوم أحدث نقلة كبرى في بنيانه، وطاقاته وإمكاناته، موفرًا بطرائق شتى عدته، رافعًا بشكل ملحوظ عديده، مما يجعلنا نؤمن بإمكانا ته التي تمكنه من خوض القتال الذي نراه منذ تسعة أيام إلى أسابيع، وأشهر قادمة…
هذا :
ويشهد الصراع الفلسطيني الإسرائيلي منذ ٨ أيار تصعيدًا بدأ باندلاع اشتباكات في حي الشيخ جراح في القدس، ليمتد للأقصى الشريف، وعموم الشطر الشرقي من القدس، لتثأر بالتالي حركات المقاومة في غزة فارضة بالفعل بعد القول الذي أخذ شكل تهديد، ووعيد حدد ساعة بعينها لتراجع العدو عن أفعاله في القدس الشريف، ليفعل ماقال فاتحًا نيرانه ضمن إمكانات ومسافات واستهدافات، كان ل أربكت العدو فعلًا، وصولًا لحالة لم نكن عليها يومًا لجهة زخمها واستمرارها، وإصرارها، وعزيمتها منذ عام النكبة عام ١٩٤٨، فقد تمكن الشباب المقاوم أن يجعل الإسرائيليين يصلون نهارهم بليلهم مختبئين في الملاجىء في عموم فلسطين بدءًا من تل أبيب، ليس هذا فقط، بل هم ماضون بتحقيق توازن الرعب، وسيكون لهم بحول الله توازن الردع بحيث يعد العدو ألف مرة قبل أن يباشر عدوانًا مستقبلاً، ولن ننسى هنا أن الشباب المقاوم تمكن، ولايزال من فرض حظر التجوال في عاصمة الكيان ومن ثم بقية المدن الأخرى .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى