منوعات

الشباب العراقي طاقات مهدورة وموارد بشرية مغيبة!

المحامي محمد نادر العاني

باحث في مجال حقوق الإنسان
عرض مقالات الكاتب

الشباب عامود قوام الأمم ، وركائز تطور الدول ، ورواد التنمية المستدامة.
ولكن مانرى عليه الحال في وضع الشاب العراقي بين التعليم الرديء ، والنسق المعيشي السيء ، والبطالة المقنعة ، مع غزوات الانحلال الأخلاقي، والتطرف الفكري ، وانتشار المخدرات ،وتحصيف رفع سطحية قراراته ، مع إدامة تغذية رفع الكراهية والطائفية لديه .

يجعل منه شخصاً مبرمجاً آلياً لايفكر ، لايخترع ، لايتطور لاينتج .
يراد به كهلاً عائلاً على البلد .
وهذا بحد ذاته يدق ناقوس الخطر والدال على سوء السياسة العامة للدولة في استثمار الموارد البشرية ، واستخراج الخامات، والطاقات المخبئة والتي تخرج به نحو بر الأمان.

وإليكم من النهضة الصينية كيف ارتقت كدولة نموذجية اقتصادياً، وعسكرياً، واستراتيجياً رغم إن عدد سكانها المرعب المليار والنصف .
باستثمار الموارد البشيرية للطاقات الشبابية، والتي نجحت في تحقيق الهدف الاستراتيجي التي خططت له قبل ميعاده بخمس سنوات، حيث استطاعت أن تزيد قيمة الناتج المحلي الإجمالي أربعة أضعاف ما كان عليه في عام 1980، حيث بلغ الناتج المحلي في عام 1995 حوالي 5760 مليار يوان مما شكَّل قفزة كبيرة في تاريخ التنمية الاقتصادية في الصين، كما نجحت في زيادة دخل الفرد من390 دولار إلى 7820 دولار خلال الفترة (1992-2015) ، ناهيك عن دور مكافئات براعة الاختراع، وكيف قلبت الموازين لدى الشباب؛ لأن يخوضوا أدوارهم العلمية، والعملية في إطار البحوث، والتجارب، والتوسع الفكري قاد؛ لأن تكون الصين الدولة الإنتاجية رقم واحد في العالم في كل الجوانب الصناعية، و الزراعية، والطبية .

لذا ضرورة أن ينظر إلى طبقة الشباب في العراق من منظور مختلف تماماً؛ لأن الخطط الحكومية اتجاه هذه الفئات خطط بائسة مدمرة ، وأن القائمين على صناعة القرار إذا ما أرادوا أن يرتقوا بهذا البلد نحو التقدم، والقضاء على الفساد عليهم الاهتمام بشريحة الشباب؛ لأنها هي مصدر انطلاقة الأمة، وبناء الحضارة، وصناعة الآمال وعز الوطن، فهم يملكون طاقات هائلة لا يمكن وصفها، وبالاستمرار معالجتها بهذه الطريقة سيكون الانطلاق نحو التنمية بطيئاً، والبناء هشاً، والصناعة بائدة، والتطلع المنشود هو اكتشاف الطاقات الشبابية، ومن ثم توجيهها إلى من يهتم بها، ويفعلها التفعيل المدروس، حتى يتم استثمارها، فهذا الاستثمار له أرباح مضمونة متى ما وجد اهتماماً من الجهات الحكومية، والأهلية، والدينية المعنيّة، والتطلع المنشود من خلال هذا المحور هو عملية تعديل إيجابي تتناول طاقة الشباب، وتنميتها حتى يكتسب المهارة والإتقان.
والعوامل التي يجب أن تنطلق منها الدولة نحو إعادة أستثمار هذه الطاقات هي:
أولاً : التعليم : إننا في الحقيقة بحاجة إلى ثورة تربوية تهدف إلى تعليم من أعلى مستوى.. تعليم يوفر للشباب فرص التفكير بحرية، و الانتقاد، والنقاش كبديل عن التعليم القائم على التلقين، والتبعية في التفكير.
التعليم يمكّن الشباب من إظهار قدراتهم على التحليل، والخلق، والإبداع.

ثانياً : الدور الثقافي :يجب تطور دور المدارس الثقافية، والجمعيات، ووسائل الإعلام، والمؤسسات التعليمية؛ لتأخذ على عاتقها اتباع أفضل الأساليب التثقيفية التي توصل إليها العلم الحديث من أجل توسيع مدارك الشباب، وخبراتهم، وتطوير أساليب استثمار طاقاتهم ، واستثمار تحفيز قراءة الكتب الهادفة التي تنمي مدارك الشباب.

ثالثاً : تشجيع الإبداع، وقتل المظاهر : يجب أن يشجع الشاب على أن يبدع، ويتفنن في مجال اختصاصه، وأن يقتل فيه روح الغرور المدعومة بالمظاهر الكاذبة غير المنتجة ، حيث يجب التأكيد على أخذ الجرعة العلمية لا الشهادة الدراسية، وجعلها ضابط يحكم الأهداف لا أن تكون لها غاية استعراضية، فهذه المظاهر العلمية أضحت من السهولة استحصالها من داخل البلد، ومن خارجه، وهي لاتسمن، ولاتغني من جوع، فقط تقتل روح التنافس والإبداع، والتطور لدى الشاب المجتهد.

رابعاً: الاحتكاك التوأمي : يجب أن توفر فرص الاحتكاك، والتعاون الثقافي، وتبادل الخبرات مع الدول المتقدمة، والمتطورة من أجل الاستفادة وإتاحة الفرصة للنمو، والتطور أمام الشباب.

خامساً : البلورة الفكرية : يجب تهيئة بيئة مجتمعية للشباب تدع لأنفسهم الحث على التفكير الموضوعي، والتسامح الفكري، وضبط النفس، والبعد عن التقليد، والتعصب، والاعتراف بالخطأ، وتقبل الحقيقة، وإن كانت مخالفة لمصالحهم، والتمسك بالتعاليم الدينية، والتحلي بالأخلاق الفاضلة من عفة، وشجاعة، وعدالة، وحكمة، وصدق، وإقدام وأمانة وإخلاص.

  • لذا الحل النهائي، والحقيقي لمعضلات العراق يكون من بوابة الشباب، وأن العمل في استثمار طاقات الشباب ، والتي إن وجهت وجهتها الصحيحة، فإن قطف الثمار سيجنيه الوطن أولاً ، والمجتمع ثانياً، ولعل السباق الحضاري، والتقدم في كافة المجالات العلمية، والتقنية، والثورة المعلوماتية إنما تدفع الشباب إلى تطور نمط الحياة التي يعيشونها ، ولهذا يجب أن نعي أهمية التدريب، والتطوير بتنمية المعارف، والمهارات الفعلية، والنفسية، وتنمية المدركات العقلية بشكل دائم، ومستمر، وتوفير فرص التعليم في ميادين اللغات، والعلوم، والآداب، والفنون، والهوايات في شتى المجالات مع ما يلائم استعداداتهم، وميولهم، وذلك بمنح الشباب المزيد من الثقة، والفرص لاكتساب الخبرات الاجتماعية عن طريق التدريب العملي، بحيث يتم تثبيت الاتجاهات، والقيم من أجل التكامل الاجتماعي، وآداب السلوك، وتأصيل العمل الجماعي حتى تصبح هذه الاتجاهات مقومات سلوكية لشخصياتهم.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى