إنَّ رؤيا عبادِ اللهِ الْـمُخلَصين لَـحقٌّ ولا يستطيع إبليس وجنودُه التلبيس عليهم بالقرينتيْنِ:
أولاها: قوله ﴿قَالَ يَا بُنَـيَّ إِنِّـي أَرَى فِـي الْـمَنَامِ أَنِّـي أَذْبَـحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾[الصافات 102] يتأصَّل بقوله ﴿قَالَ رَبِّ بِـمَا أَغْوَيْتَنِـي لَأُزَيِّنَنّ لَـهُمْ فِـي الْأَرْضِ وَلَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ إِلَّا عِبَادَكَ مِنْهُمُ الْـمُخْلَصِينَ قَالَ هَذَا صِرَاطٌ عَلَيَّ مُسْتَقِيمٌ إِنَّ عِبَادِي لَيْسَ لَكَ عَلَيْهِمْ سُلْطَانٌ﴾[الحجر 39 ـ 42] ولا يخفَى أنّ النبيّين على رأس الذِين أنعم اللهُ عليهم واصطفاهم وأخلَصَهم.
ثانيهما: عَلِمَ الْـمُطفَيَيْنِ الْـمُخْلَصَيْنِ إبراهيمُ وابْنُهُ أنّ إبليس فمن دُونه مِن الشياطين لا سبيلَ له على رؤْيا إبراهيم بذَبْحِ ابنه الذي بلغ معه السّعيَ وأنّها حقٌّ أي أَمْرٌ وتكليفٌ مِن الله، وله القرائن التالية:
ـ قولُ إبراهيم ﴿يَا بُنَـيَّ إِنِّـي أَرَى فِـي الْـمَنَامِ أَنِّـي أَذْبَـحُكَ فَانْظُرْ مَاذَا تَرَى﴾
ـ قول ابنه الذّبيح ﴿يَا أَبَتِ افْعَلْ مَا تُؤْمَرُ سَتَـجِدُنِـي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾
ـ قوله تعالى ﴿فَلَـمَّا أَسْلَمَا وَتَلَّهُ لِلْجَبِينِ وَنَادَيْنَاهُ أَنْ يَا إِبْرَاهِيمُ قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيَا إِنَّا كَذَلِكَ نَـجْزِي الْـمُحْسِنِينَ﴾
ـ وإنَّـما الذّبيح إسـماعيل بثلاث قرائن:
ـ لو كان الذّبيح إسحاق لكان السياق أنّ اللهَ بارك على إسحاق وعطف عليه مِن غير فصل مُباركتَه على إسحاق أيضا.
ـ القولُ بأنّ الذّبيح هو إسحاق يلزم منه وَصْفُ ذرِّيّةٍ واحِدَة لأنّ جميعَ ذُرِّيَّةِ إسحاقَ ذُرِّيَّةُ إبراهيم أيضا.
ـ القولُ بأنّ الذّبيحَ هو إسماعيل يصحّ معه تثنية الذّريّة في وصْفِ ذُرِّيَّةِ إسماعيل وذُرِّيَّةِ إسحاق.
ـ أنّ اللهَ وصَفَ إسماعيل بقوله ﴿إِنَّهُ كَانَ صَادِقَ الْوَعْدِ﴾[مريم 54] وفصّلَه قوله في قوله ﴿سَتَجِدُنِـي إِنْ شَاءَ اللهُ مِنَ الصَّابِرِينَ﴾[الصافات 102]
ـ أنَّ تفصيلَ الكتاب المنزَّل لم يتضمَّنْ وَعْدًا مِن إسحاق.
من موسوعتي لتجديد أصول التفسير معاني المثاني مادة أمَر
