منوعات

دفاعًا عن المؤرخ الكبير علي الصلابي..

عبد الرحمن قارف

كاتب جزائري
عرض مقالات الكاتب

لقد شاهدتُ الكثير من الفيديوهات على اليوتيوب التي يظهر فيها أناسٌ يُحسبون على أهل العلم يُحذرون فيها من كُتب الشيخ المؤرخ علي الصلابي و يوصون الشباب بتجنب قراءتها !

و السبب حسب زعمهم لا يخرج عن اثنين: إما وجود بعض الروايات التاريخية التي لا سند لها أو لا أصل لها (و هي قليلة جدا في مؤلفات الدكتور).. و إما أنَّ الروايات التي يذكرها -بغض النظر عن صحتها أو بطلانها- لا يعزوها إلى مصادرها أو لا يذكر من أين نقلها (و هذا ما سمعت الشيخ أحمد النقيب عفا الله عنه و غفر له يقوله .

و بما أنني من المطلعين على معظم مؤلفات الشيخ الصلابي-أو هكذا أزعم- فقد ارتأيت أن أقول كلمة حق في هذا الرجل و أنصِفه و أُنصِف مؤلفاته، و أفنِّد المزاعم و الاتهامات التي طالت منهجه في كتابتها:

·1/ الدكتور الصلابي من بين أكبر المؤرخين المعاصرين الذين اجتهدوا في استنباط و استخراج عوامل نهوض و أسباب سقوط الدول عبر التاريخ الإسلامي و محاولة لفت انتباه المسلمين إليها للاستفادة منها في واقعهم المعاش اليوم.

· 2/ الدكتور الصلابي من المؤرخين القلائل الذين ربطوا الأحداث التاريخية بمدلول آيات القرآن و أحاديث رسول الله صلى الله عليه و سلم.

·3/ و بالنسبة للروايات التاريخية التي يوردها الصلابي في مؤلفاته فيكفيك أن تفتح كتابًا واحدًا من كتبه (مثال: سيرة أبي بكر أو عمر أو معاوية أو عمر بن عبد العزيز…إلخ) و ستجد أنَّ الدكتور حريص للغاية على إيراد ما اتفق على صحته جمهور المؤرخين في القديم و الحديث، أو على الأقل أنها لا تُعد من الروايات الباطلة التي قد تجد فيها مطعنا في أحد الصحابة أو غير ذلك مما لا يصح.

·4/ و أنا أتعجب حقيقة من البعض كيف أنَّ قلوبهم طاوعتهم للتحذير من جميع ما كتبه الصلابي بسبب وجود روايات قد لا تُقبل من ناحية المتن فصلا عن السند، رغم أنها نادرة جدا في مؤلفات الدكتور الصلابي الذي عُرِف بالأمانة النقلية و العلمية!!

· 5/ ليس شرطًا إذا لم يكن للرواية التاريخية سند أن يتم إهمالها بشكل كلي ما لم تكن فيها مخالفة شرعية تمس بالعقيدة أو التشريع والأحكام أو ما يقرب من ذلك ؛بل الأصح أنها تورد بشكل عادي لأنها قد تحتوي على تفاصيل مهمة في الجانب الحضاري للأمة ،أو في جانب الحروب التي خاضها المسلمون و ما سوى ذلك.

· 7/ من المستحيلات التي ستواجه القارئ لمؤلفات الصلابي هي أنه لن يجد روايةً أو خبرًا تاريخيصا دون أن يذكر الدكتور على “الهامش” المصدر الذي نقل منه الرواية أو الخبر!!.. و أتحدى أحدا أن يجد خبرا غير معزوٍّ إلى مصدره في مؤلفاته.

· 6/ إنَّ الذين طعنوا في مؤلفات الشيخ الصلابي لا يمكن مقارنة عددهم أبدا بعدد الذي زكوا الشيخ و شهدوا له بالأمانة العلمية و النقلية و عرفوا قدر جهوده الكبيرة في خدمة تاريخ الإسلام و إنصاف عظماء الإسلام و الرد على شبهات المستشرقين والوضاعين حول هذا التاريخ العظيم؛ و قد قال عنه الشيخ المغامسي -و المقطع موجود على اليوتيوب-: (و قد ظهر في زماننا مؤلفون موفقون في الكتابة في السيرة و التاريخ، و لكن من أكثرهم توفيقًا الدكتور الصلابي، و هو مؤرخ ليبي معاصر له كتبٌ قيِّمة موجودة الآن في المكتبة الإسلامية، و يُنصح بقراءتها)

وأخيرًا و ليس آخرا…

مهما طعنوا في الدكتور المؤرخ الكبير علي الصلابي فإنه سيبقى واحدًا من الذين جددوا في مجال التاريخ الإسلامي ،و دافعوا عنه، وصدوا شبهات المستشرقين و المؤرخين الصليبيين ،و أكاذيب غلاة الشيعة حوله… و يكفي أنَّ كِبار المؤرخين المعاصرين الآخرين قد نقلوا عنها في مؤلفاتهم كثيرًا، و منهم الدكتور راغب السرجاني و سامي بن عبد الله المغلوث و طارق السويدان و غيرهما.

و إنَّ له فضلاً على المسلمين لا ينكره إلا حاقد أو جاحد..

فجزاه الله خيرا.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى