مقالات

طبائعُ الآدميين

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب

طمعُ الصالحين:
الطمع آفة نفسية وقيمة سلبية، حيث تتشوف النفس الأمّارة بالسوء إلى ما ليس لها، لكن الطمع قد يكون محمودا مثل الطمع بمغفرة الله ورضوانه مع سلوك الأسباب المؤدية إلى نيل تلك الغاية النبيلة، وذلك كطمع الخليل إبراهيم عندما قال عن ربه: {والذي أطمعُ أن يغفر لي خطيئتي يوم الدين}، وكطمع سحرة فرعون بعد أن آمنوا بدعوة موسى وصمدوا أمام جبروت فرعون، فقد قالوا: {إنا نطمعُ أن يغفر لنا ربنا خطايانا أن كنا أول المؤمنين}[الشعراء: ٥١]، وكطمع فريق من مؤمني النصارى بأن يدخلهم الله مع الصالحين، حيث قال الله على ألسنتهم: {وما لنا لا نؤمن بالله وما جاءنا من الحق ونطمع أن يدخلنا ربنا مع القوم الصالحين}[المائدة:٨٤]. وفي إطار الطمع المشروع، وصف الله المؤمنين بأنهم: {يدعون ربهم خوفاً وطمعاً}[السجدة: ١٦].
وهكذا فإن كل صور الطمع مذمومة باستثناء هذا الطمع الذي يتطلع الإنسان فيه إلى ما عند الله، فإنه محمود بل ومطلوب في الدعاء، فقد قال تعالى: {وادعوه خوفاًوطمعاً}[الأعراف: ٥٦].

الخوف المحمود:
الشعور بالخوف أمر طبيعي مزروع في جبلة الإنسان، بل قد يصير أمراً محموداً عندما يصحبه الحذر؛ لأنه نوع من الأخذ بالأسباب الذي هو عبادة مأجورة، كخوف موسى المعبر عنه بقوله تعالى: {فخرج منها خائفاً يترقب}، فكلمة يترقب تشير إلى تحويل الخوف إلى طاقة لإذكاء مشاعر الحذر وتحفيز طاقات التخطيط السليم!
أما الخوف المذموم فهو الذي يملأ النفس بالهَم والقلب بالرعب، ويتحول إلى هاجس مرَضي ينسى فيه الإنسان أقدار الله وقدرته، وقد يدفع صاحبه للامتناع عن معاقرة بعض الأسباب، وهذا هو الخوف المنهي عنه، كما في قوله تعالى: {فلا تخافوهم وخافوني إن كنتم مؤمنين}، فلا يجتمع الخوف المرَضي مع الإيمان الحقيقي بأن الله هو المتحكم بحياة الناس وأرزاقهم وأنه مالك الكون بكل ما فيه ومن فيه.

انفضاحُ الضعف:
أكثر ما يبرز الضعف الناري في شخصية الإنسان في أوقات الشدة، وقد وصل الأمر إلى أن فريقاً من الصحابة كادت قلوبهم أن تزيغ في غزوة العُسرة: {لقد تاب الله على النبي والمهاجرين والأنصار الذين اتبعوه في ساعة العسرة من بعد ما كاد يزيغ قلوب فريق منهم ..}[التوبة: ١١٧]، هذا في غزوة تبوك، أما في غزوة الأحزاب فقد ورد في القرآن بأن قلوب الصحابة قد بلغت الحناجر وظن مسلمون بالله الظنونا!
وهذا يتطلب من المؤمن أن يتسلح بالطاعات في أوقات الرخاء، وأن يوثق عُراه مع الله في السرّاء، وأن لا يكف عن طلب التثبيت من الله في كل أحواله، ولا يتوقف عن الاستعانة به والتوكل عليه في سائر شؤون حياته.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى