أخبار عاجلة

ديكتاتوريو الفكر!

حسام نجار

كاتب صحفي ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

سأكون صادقاً مع نفسي في البداية قبل ان أكون صادقاً معكم .

قدّمنا وقدّم غيرنا الكثير من المبادرات فيها الغث و السمين ،وفيها من الجهد والنقاط المهمة الكثير الكثير ،و أغلبها تبحث عن نهاية لحكم العصابة الأسدية بمختلف الطرق السياسية ، وتبحث في استراتيجيات بناء الدولة السورية لاحقاً ، بالطبع كل طرف يضع تلك المبادرات من خلال خلفياته العملية والإدارية ويكون التركيز عليها من خلال قدرته ومعرفته بهذه الأمور .

فهناك من يركز على الناحية التنظيمية وغيره على القانونية ،وآخر على الدستورية و رابع على السياسية البحتة ،وفي كل واحدة منها يتم إغفال جزء مهم ،أو لنقل بشكل أكثر دقة أنه يتم بحثه بشكل مقتضب .

وبعد جمع الجموع والنقاش المسهب في نقاطها و محاولات لتبنيها من قبل الشعب أو غيره يكون مصيرها ،إما ندوات حوارية أو تنام في الأدراج ويأكلها النسيان ، فعلى مرور السنوات العشر لم تنجح أي مبادرة لإنهاء حرب النظام على الشعب ،وليس مرده ضعف هذه المبادرات لا ! لكن هناك إجماع دولي يساهم فيه بعض السوريين على إسقاط الحلول السورية، وجعل الكفة ترجح لأمور لا يريدها الشعب و إنما تتعلق بوضع سورية الداخلي و الإقليمي والدولي .

سورية في تكوينها التاريخي والثقافي و المعرفي قادرة على الوصول لحل رغم كل الصعوبات لكن لا يُراد لها هذا الوصول منفردة ، فوجدنا توافق وتعاون وتعاضد بين كل المنظمات والدول لإبقاء الوضع السوري هكذا .

يتبع هذا حرب إعلامية ممنهجة لتجهيل وتغييب الشعب السوري من خلال بث الشائعات على مواقع التواصل الإجتماعي أو المنظمات التي صنعتها الدول بحجج واهية ، والتي كانت في أغلبها بؤر تجسسية لجمع المعلومات أو استمالت الشخصيات المؤثرة .

إن أغلب الندوات الحوارية تحصل بين الأشخاص أنفسهم و تكون بتوجيه ما أو تعليمة ما أو إلهاء .

وهي عبارة عن بث لرؤية أشخاص للحل مع العلم أن هؤلاء ليس لهم دور واضح و مؤثر على الجموع .

وقد أضحت مقاطع الفيديو و المقاطع الصوتية أشبه بالخبز اليومي لتلك الحواريات .

لقد تعرفنا في ثورتنا على شخصيات عدة من مختلف التيارات والتوجهات والإيديولوجيات ومعظم تلك الشخصيات لا تشتم بعضها البعض ،و إنما تنتقد بشكل إيجابي ، بينما المتسلقين و المغروزين ضمن تلك الشخصيات موقفهم معاكس فتراهم يكيلون الاتهامات بكل الاتجاهات و لا يسلم منهم أحد.

نجاح أي مبادرة لا يعني بالضرورة هو فشل للأخريات ” لا ولا ” يعني عدم قدرة الآخرين على حمل المهمة ؛لكن توقيتها و آليتها وشخوصها لها كل التأثير .

هنا يقودني هذا لنقطة مهمة ؛ ألا وهي أنه من الممكن أن تقدم شخصيات ما عمل متقن و مدروس بعناية ،لكنه لا يلقى التعاطف ولا التفاعل بشكل جيد لعدم معرفتهم بتلك الشخصيات، بينما مجموعة أخرى تقدم عمل فيه من الثغرات و التدخلات ،والارتباطات شيئاً كثيراً لكنه يلقى القبول بسبب معرفة الجموع لهذه الشخصيات .

لا يمكن الحكم على عمل ما أو نشاط ما من خلال معرفة شخوصه فقط فلا بد من قراءته ونقاشه و معرفة كل ما يحيط به .

فترى الناس و قبل كل شيء يسألون عن أسماء المبادرين قبل السؤال عن فحوى المبادرة فإن كانوا من المعروفين قرأوا لهم و إن كانوا من غير هذا طنشوا و ابتعدوا .

كالعادة أصبح البعض يحاول تجميع بعض الشخصيات لجلب التأييد لعمله و لو من باب الشرفية فقط ، فهذه الأمور لا تبني الأوطان .

عندما تتوفر لدى الجموع القدرة على التمييز بين العمل وشخوصه وبين المتاح والمتوقع وبين الحاضر والمستقبل ، نستطيع القول أننا على الطريق السليم .

و يأتي السؤال المهم : أولئك النخب هل هم ديكتاتوريو فكر ؟ أم يمتلكون كاريزما نخبوية ؟ أم أن الجموع جعلتهم هكذا ؟

نتوقف هنا .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

خطيئة أصحاب الأمية الفكرية في تقييم أردوغان وحزب العدالة والتنمية!

أ.د فؤاد البنا أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي يقع أصحاب الأمية الفكرية في …