الشعب الأحوازي يحتفل “بموسم الحصاد” في كل عام، وبالتحديد يوم ٢٥ نيسان من هذا الشهر،
و كما هو معلوم أن زراعة “الحنطة” أمر محبب جداً على قلوب الأحوازيين ،وإحدى الزراعات المهمة الأساسية داخل قطر الأحواز ككل.
كما فعل الأجداد ،هم أيضًا يفلحون أرضهم الواسعة ،ويحملون أدوات الزراعة ” المسحاة والمناجل و المراوح الخشبية” ..إلخ..وعند الحصاد يجتمع الفلاحين و يرددون أغاني شعبية في هذا الموسم المعطاة من كل عام ،فتنعم وتجود عليهم الأرض بالخيرات والبركات… إنها “الحنطة” و ما أدراك ما الحنطة، أي الخبز الذي لا معنىى للمائدة دونه!
هذا برغم ما تعرضت له الأرض الأحوازية من تلوث متعمد ظالم جراء السياسات المجحفة في تجريف الأنهر لعمق المدن الفارسية على أيدِ الاحتلال الفارسي؛ وحرمان أصحابها منها وذلك بغية أضعافهم أكثر و تهجير وتجويعهم.
إلا أن هذه البهجة الغالية على قلوبنا في ” موسم الحصاد” ستظل رفيقة للفلاح الأحوازي للأبد، فإن لمزارع القمح أهمية خاصة لدى كل الأحوازيين أهل المدن والقرى على حد سواء، توارثها الأحوازيون جيلاً بعد جيل واستمر هذا الحب والعمل في أرضهم منذ قرون طويلة.
ولا أبالغ إن قلت إن لحم أكتافنا منها ،هكذا يمتهن الإنسان الأحوازي زراعة الحنطة ،وبشكل كبير في مساحات تقدر بآلاف ومئات الفدانات ” الهكتارات” بالإضافة إلى المزورعات الأخرى، إلا أن ( للحنطة مكانتها الخاصة لديهم وكأنها هي السيدة المطلقة على بقية ما يزرعون) من نبات وشجر وكذا هي مكانة النخيل والأرز ” الشلب”..
عندما تخضر الحنطة في الشتاء، تخضر معها معظم الأرض الأحوازية التي تغطيها مزارع الحنطة الشاسعة في القرى و الأرياف؛ وأن المرء لما يتجول في تلك الأراضي يتأمل تارة و تارة يشعر بإحساس جميل مليء ومفعم بالبركة، فيمدّ بصره و ينظر فإذا به يشعر وكأنه يشاهد أعالي البحار من مكان قصي بعيد إلى حيث يمتد البصر، وهو يستمع إلى أصوات “ديكة الحجل” الجميلة التي تغرد من عدة اتجاهات في كل صباح باكر ،ولقد قيل فيما يرافق هذا الموسم من بدايته حتى نهايته الأمثال الشعبية والحكايات والقصص وعن طيور الحجل عندما تشدو بصياحها لفلاح الأرض صاحبها الحميم، كأنها تخبره دائماً أنها معه، و إلى جانبه لم تبرح الأرض ولا تفارقه أبدَا..
مهرجان الحصاد ، يوم الحصاد واستخدام بقايا القمح للمواشي مثل الجاموس والأغنام وغيرها ،وإما لمواقد النار وإاشعال أفران الطين، واستخدام سيقان القمح للحياكات اليدوية والأطباق ومزج نباتها الجاف باللهجة الأحوازية” السفه والعيدان والقش ” مع الطين لصناعة الدور التي يسكنونها سابقاً ولا يزال يستخدم الطين إلى يومنا هذا في بناء تنور الطين ” الفرن” الذي يُخبز فيه العجين “بدقيق الحنطة الأحوازية” عالية الجودة و رائحة الخبز الطازجة الزكية التي تفوح من تلك التنانير الطينية في البيوتات الأحوازية التي تصنعه الأم الأحوازية لأولادها.
إنه حقاً لشعور جميل لا يدركه إلا من عاشه ،وقد لا أستطيع وصفه ،أو إعطاءه كامل حقه ،وأثره إلا إنني أقول كان جميلاً هذا الموسم وسيظل ويزداد جمالاً في المستقبل بعزم وهمة الأحوازيين.