مقالات

خداع الجنرال الأمريكي ماكينزي: قسد تقوم بحماية جنود أمريكا

د. عثمان محمد بخاش

باحث في الفكر الإسلامي والقضايا المعاصرة
عرض مقالات الكاتب

أكد قائد القيادة المركزية الأميركية الجنرال كينيث ماكنزي، لشبكة رووداو الإعلامية أن قوات سوريا الديمقراطية “شريك مهم جداً لنا وهي تقوم بحماية جنودنا”.( موقع رووداو 22-4-2021).

هل هذا التصريح كذبة الأول من نيسان؟ فلنعتبرها، تأدبًا مع الجنرال، “نكتة الأول من نيسان”، فمن يحمي من؟ قوات قسد تحمي قوات الولايات المتحدة الأمريكية وهي الدولة التي يخاف بطشها قادة الدول وقادة الجيوش الكبرى ويحسبون لغضبها ألف حساب؟ أم أن أمريكا هي التي، بتعبير موقع يورونيوز (9-3-3021) تشكل “صمام أمان  لقوات سوريا الديمقراطية كونها تشكل هدفاً دائماً لأنقرة”؟

بينما يتولى ماكينزي الملف العسكري، قام “ديفيد براونشتاين” المبعوث الأمريكي لشمال وشرق سوريا  بعقد اجتماع مع الرئيسة المشتركة للإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا بيريفان خالد  التي صرحت لموقع خبر24 (Xeber24  22-4-2021)  أن السفير “ديفيد” شدد على دعم بلاده للإدارة الذاتية من الناحية السياسية والاقتصادية، وأيضاً حماية المنطقة ودعم قوات سوريا الديمقراطية لإنهاء وجود بقايا تنظيم داعش الإرهابي. جاء هذا كله بينما تتابعت الأنباء الروتينية عن القصف المتبادل بين الفصائل المدعومة من تركيا لمواقع قسد في ريف عين عيسى الغربي، وأيضا تفجر اشتباكات جديدة بين قوات قسد و ما يسمى بجيش الدفاع الوطني التابع لنظام دمشق الذي لا زال يحتفظ بمربع أمني في القامشلي..

من المعروف أن الحقيقة هي أول ضحايا الحروب ،قبل سنتين  نقلت مجلة “بوليتيكو” الأمريكية عن  المتحدثة باسم البيت الأبيض ساره هاكابي ساندرز إنه جرى دحر تنظيم (داعش) في الأراضي السورية بنسبة 100%،كما أعلنت قوات سوريا الديمقراطية  تحقيق “النصر العسكري النهائي على التنظيم بعد استعادة آخر جيب في الباغوز، وكان  حيدر العبادي أعلن النصر النهائي على التنظيم في العراق  في كانون الأول 2017، ولكن الجنرال ماكينزي، في شهادته أمام لجنة الكونغرس عن مخاطر الأمن القومي الأمريكي (20-4-2021) أعلن أن تنظيم الدولة لن ينتهي؟ كما أعلن أن مستقبل سوريا سيكون مخضّبا بالدماء؟؟

نعم بعد عقد من إجرام اوباما_الكيماوي (الله يلعن روحه) الذي اعترف أن ” السلاح الكيماوي خط أحمر ” كان زلة لسان، فالقتل بالبراميل المتفجرة وفي زنازين التعذيب وبالصواريخ يعتبر، في قاموس أوباما (ونذكّر ان بايدن، بطل حقوق الإنسان، كان نائبه في حينه) أمرًا معقولا يمكن غض النظر عنه، بعكس الكيماوي الخطير!

يأتي ماكينزي ليبشرنا بمستقبل مخضّب بالدماء! طبعًا تحت فزّاعة وشمّاعة تنظيم الدولة الهلامي الجاهز دوما، غب الطلب، لتبرير أي سياسة شيطانية تفرضها أمريكا في أي زاوية في بلاد المسلمين..فلا تحتاج المخابرات الأمريكية، و توابعها من المخابرات المحلية في دول  الموز”المستقلة” التي لا يستقيم كرسي العرش تحت مؤخرة الحاكم لأكثر من أسبوعين لولا دعم العم سام لفخامته صاحب السمو وصاحب الكرش ، وليس هذا بجديد على أمريكا، صاحبة تمثال الحرية في نيويورك وصاحبة الدستور الذي ينص على أن كل الناس ولدوا أحرارًا متساوين في الحقوق، كل الناس باستثناء المسلمين والهنود الحمر والسود،أما الهنود الحمر فقد حرصت أمريكا على الابقاء على عدد منهم في متاحف المناطق المحمية ليكونوا شاهدا وعبرة لمن يشكك في سمو الحضارة الامريكية Manifest Destiny وهي صنو “عبء الرجل الأبيض” The White Man’s Burden الإنجليزية الشهيرة.. واما السود فها هم يُقتَلون صباح مساء من ولاية لأخرى تحت سمع وبصر العالم دون رادع وحيث إنه يصعب احتجاز 1.5 مليار مسلم في “معهد غوانتامو  للحرية والديمقراطية”، كما فعلت الصين في تركستان الشرقية، فقد قررت أمريكا أن تشرعن سياسة قتل المسلمين، سواء بأيديها أو بأيدي توابعها من الحكام، في أراضيهم وبلادهم ( ولا ننسى سجن أبو غريب وباغرام فهذه نماذج عن المُثل الأمريكية العليا دون أن نبرأ شركاءها الاوروبيين والدب الروسي وعباد البقرة من الهندوس).

فكما قامت أمريكا باختراع فزاعة تنظيم القاعدة لتبرير احتلالها لأفغانستان و لم تستح من العالم بالكذب الصريح عن زعم امتلاك العراق أسلحة الدمار الشامل لتبرير احتلاله وتسليمه لأصحابها الملالي في طهران، أصحاب شعار الموت لأمريكا، ولتبرير حكمها بإدانة كل مسلم مسبقا حتى ولو كان مواطنا أمريكيا (أنور العولقي)  وتنفيذ الحكم فهي الحاكم والجلاد بحسب ديمقراطيتها المزعومة،ولتفرض على حكام المسلمين الانبطاح بين أقدام حكام البيت الأبيض حرصًا على عروشهم المعوجة، فلا يردون لها طلبا..مع علم الجميع أن تنظيم القاعدة، المزعومة، بريئة من احداث 9/11 براءة الذئب من دم يوسف عليه السلام، ولكن لا أحد يجرؤ على فضح الملك العاري، بل يطأطئون الرؤوس له، فها أمريكا اليوم تتلطى وراء فزاعة تنظيم الدولة لتبرر نشر القواعد العسكرية حيثما أرادت في ديار المسلمين.

المثل الشامي يقول :الطبل في دوما والعرس في حرستا، فأمريكا حريصة على إلهاء الرأي العام تحت جلبة ضوضاء تهديدات داعش المزعومة..  في تصريح ماكينزي لشبكة رووداو الإعلامية قال:  “قسد” برعت في حماية قواتنا في سوريا، ونستعد لمواجهة مقبلة بين “قسد” وقوات النظام السوري ونعتقد أنهم سيصمدون”.  إذن هناك مواجهة قادمة بين قسد ونظام دمشق، تصمد قسد فيها بحسب الجنرال، يبشر بها ماكينزي و تشرح جوابه امام لجنة الكونغرس عن مستقبل سوريا الدامي ولكن ، في محاولتنا للخروج من طبل التضليل الإعلامي لأمريكا، وللوصول الى العرس في مكانه الصحيح،هل يستطيع نظام دمشق، وهو أوهى من بيت العنكبوت، أن يتصدى لقوات قسد والإدارة الأمريكية تعلن جهاراً نهاراً ،مراراً وتكراراً دعمها لها؟ لم ننس بعد مصير المرتزقة الإيرانيين و شركائهم  مرتزقة فاغنر الروس حين حاولوا اجتياح حقل العمر النفطي في دير الزور في شباط 2018 ، فعلى مدى 18 ساعة، كما نقلت النيويورك تايمز، حصد الطيران الأمريكي المئات من المرتزقة الروس والإيرانيين، في درس لم تنساه لا روسيا و لا إيران.

إذن فالجولة القادمة ليست ضد نظام دمشق، وحشد القوات الأمريكية شرق الفرات وإقامة المزيد من القواعد العسكرية فيه إنما يستهدف فرض سياسة الأمر الواقع كما حصل في كردستان العراق بعد حرب 1991، بينما تنشغل الادارة الذاتية لشمال وشرق سوريا في الترويج للحل السياسي الذي يناسبها، ففي المقابلة التي أجراها عبدالسلام أحمد مع موقع خبر24 قال الدبلوماسي الكردي(هو منح نفسه هذه الصفة ولم أسمع نفيًا من الدولة اللبنانية) :” القضية الكردية اليوم تعد قضية مركزية، كالقضية الفلسطينية، ودون حل القضية الكردية على أسس عادلة لا يمكن أن يشهد الشرق الأوسط الاستقرار، وسيكون عامل للتدخل الخارجي، لضرب مكونات المنطقة بعضها ببعض”.

هنا إذن العرس الأمريكي الذي تريد واشنطن إلهاءنا عنه تحت دخان وضباب محاربة تنظيم داعش الذي سبق أن أعلنت القضاء عليه أكثر من مرة، ولكن وقت الحاجة ممكن إعادة إحيائه ريثما تنتهي واشنطن من تنفيذ رؤيتها لسايكس بيكو جديدة في المنطقة، بعيدا عن حشرية رواد العرس أو ضحاياها المشغولين بالتناحر فيما بينهم على حارة هنا او قرية هناك تراق في سبيله أنهار من الدماء بحسب مبعوثي الديمقراطية الأمريكية.

فالدبلوماسي أحمد أوضح أن “حل القضية الكردية في إطار حل ديمقراطي مشروع كونفدرالية مشرقية ” فالادارة الذاتية تدعو ” إلى جلوس الكرد والعرب والترك والفرس كقوميات أساسية على طاولة الحوار لحل قضاياهم بسبل سياسية وسلمية”.

وهذا الموقف المعلن يتم بدعم تام من السيد ديفيد الذي شدد في لقائه المذكور على ” أهمية إشراك ممثلي الإدارة الذاتية في شمال وشرق سوريا في أي عملية تفاوضية وفق مقررات جنيف والقرار الأممي 2254، بما يضمن حلا دائما للأزمة”.

(وعيش يا كديش)إذا كانت القضية الكردية قضية مركزية كقضية فلسطين، كما يقول أحمد، فهل هذا يعني أن العرس الأمريكي الدموي سيستغرق هذا الزمن، فقضية فلسطين لم تحل إلى الآن كما نعرف جميعا؟! ولعل هذا كان مقصد الثعلب جيمس جيفري حين كرر أكثر من مرة أن “السياسة الأمريكية في سوريا ناجحة على المدى البعيد”.

 ثم لا يمكنني إغفال أن الدبلوماسي أحمد أضاف مكونات الفرس والترك الى جانب العرب والكرد، مما يكشف أن طبخة العرس الأمريكي تقتضي مزيدا من الطبول وسفك المزيد من الدماء في سبيل القضاء على تنظيم داعش، عفوًا في سبيل شرعنة العرس الأمريكي المراد فرضه بالحديد والنار.

وهذا ما ورد في التقرير الصادر عن مكتب مدير المخابرات الامريكية في 9 نيسان بعنوان “تقييم الأخطار التي تتهدد الأمن القومي الأمريكي” والمستند إلى مجموع أجهزة المخابرات الأمريكية :”ستشهد منطقة الشرق الأوسط نزاعات مستمرة تؤدي الى زعزعة الاستقرار ومزيد من الازمات قد تصل الى انهيار بعض الدول…”

وعن سوريا ورد فيه: “ستعاني سوريا في السنوات القادمة من انهيار الاقتصاد، واستمرار الصراعات و مزيد من الأزمات الانسانية…وسيواجه الاكراد ضغوطات متزايدة من النظام السوري ومن روسيا ومن تركيا”.

المهم نعود إلى الطبل في دوما حتى لا يفوتنا العرس !

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى