د. عمر عبد الله الحلبي
(11) في السياسة الشرعية …
تعيش الأمة الإسلامية اليوم ، حالة من التخبط الشديد، الذي لم يسبق لها مثيل في تاريخها .. إذ أنه يبدو للناظر بادئ الرأي ، لايعوزه كثرة التأمل ولا إمعان النظر ..
أنّى اتجهت إلى الإسلام في بلدٍ
تجده كالطير مقصوصاً جناحاه
ومع ذلك ، ففي المراحل السيئة من حياة الأمة – كفترة الحروب ال ص ل ي ب ي ة والغزو التتاري- لم تفقد بوصلتها العامة ، ولم تختفِ مرجعيتها ، ( الكتاب والسنّة النبوية الصحيحة) تحت ركام الأفكار المنحرفة، والأطروحات الضالة ..
أما اليوم ، فالإسلام يعيش غريباً بين أبنائه المزعومين .. وفي بلاده التي ساد فيها .. وحكَم دهوراً طويلة …!!!
(12) في السياسة الشرعية …
إشكال ..
حقيقة الإشكال ليست في مكائد الكائدين، وشراسة هجوم أعداء الدين – فهذا ديدنهم على مرّ التاريخ – وإن الاشكال في الصف الإسلامي ذاته …والذي بات يعيش حالة من الذهول أمام شراسة الهجوم وتتالي الضربات، وقلة الحيلة وانعدام النصير.
حالة من الحيرة والذهول تُلفُ جميع التكتلات الإسلامية ..
أعداء من الخارج والداخل تُحيك المؤامرات .. للنيل من وجودنا .. والسعي لاستئصال دعوتنا وحركتنا واجتثاثها .. نقف عاجزين ..
نسير حيث يقودنا التيار ..
وننزل حيث أنزلنا ..
لانملك رؤية تهدينا سبيل النجاة .. فلا أداة تُخلصنا من استحكام التيار .. ولاقوة موازية تفرضها على الأرض ..
ولكن ألنا عذر في هذا …؟
بالطبع لا .. وسيأتيك التوضيح ..
(13) في السياسة الشرعية …
نحن إذ نحن كذلك .. لسنا معذورين على ضعف امكاناتنا، وقوة أعدائنا ، في الخارج والداخل ..
لسنا معذورين ، لأن الله تعالى ، أودع بين أيدينا مايُنقذنا من الغرق ، ويهدينا إلى سواء السبيل ، وبيّن لنا – فيه – قَدرَه بيننا، ومكانته الواجبة نُصب أعيننا ، وأودعنا سراجاً نستضيئ به، لينير لنا مواضع أقدامنا في طريق فلاحنا ، وقائداً ( الأصلح والأكفأ ) يتقدّم مسيرنا .. ويرسم لنا خطة إدارة المعركة المتجددة بكفاءة واقتدار ..
ولايهمّ قلّة العدد …
{ كم من فئة قليلة غلبت فئة كثيرة بإذن الله }.
(14) في السياسة الشرعية …
لم تنضج بعد …
لا نتهم صدق نيّة أحد من المنتسبين للتيارات الإسلامية المختلفة .. والعاملين في الميادين الدعوة المتعددة ..
ولانشكك بان جُلّ هذه الاتجاهات الفكرية إنما تصبو لنهضة الإسلام ورفعته، وتنهل من معين القرآن والسنّة النبوية الصحيحة … إلا أننا:
نرى غياب الرؤيا المتكاملة والأفق الكلي والجزئي في إدارة حركة المشروع الإسلامي ، والخطو به باتجاه تحقيق الغاية الكبرى …
وتعاني من نقص النمو …
ولم تنصج بالقدر الذي يؤهلها لتولي المهمة وحمل الأمانة ..
(15) في السياسة الشرعية …
الاتجاهات الفكرية والتيارات الإسلامية .. بعضها أقربَ من بعض ، وأنضج وأعمق وأرقى ..
إلا أننا نجد أن هذه الدعوات والجماعات، مازالت تحتاج إلى المزيد من إدراك الشمولية، والسعي للإنضاج، والاستعانة بالعليم الخبير ..
ومع ذلك نقول :
أن هذه الجماعات – بلا استثناء – تمتلك الرصيد الكافي من الصدق والإخلاص والاستعداد للتضحية ، وهذا الرصيد يؤهلها لقبول الحق، والإذعان لسلطان النصوص الشرعية على القلوب، والانصهار في بوتقة واحدة ليؤدي كل منها دوره في خدمة مشروع الإسلام .. وإن اتفاقها على أن مرجعيتها لاتخرج عن كونها مستمدة من كتاب الله والسنّة النبوية الصحيحة .. يشكّل قاعدة صلبة يمكننا الانطلاق منها، والبناء عليها ..
(16) في السياسة الشرعية …
على الأمة الإسلامية أن تدرك أن سعيها للتمسك بالكتاب والسنّة النبوية الصحيحة ، والمنهج الرباني .. ليس من نافلة وموضع اختيار .. إنما هو واجب لابديل عنه … ومطلب لابد منه لمن كان يرجو سعادة الدارين …
(17) في السياسة الشرعية …
مجموع الأوامر الإلهية ( الطاعة، الاتباع، الاعتصام، التحاكم، الاستجابة، الاستمساك ، و…) ، لاتترك للمكلّف باباً من أبواب الحاجة أمرَتهُ أن يُرجعها لكتاب الله وسنّة النبيّ صلى الله عليه وسلم، ويستحيل ان تكون هذه الأوامر والتوجيهات والمعاني ، ثم لاتكون شاملة كاملة .. وخصوصاً وأن لكل مصطلح منها دلالته الخاصة ، وتوجيهه … – وحاشا لكتاب الله وسنة النبيّ صلى الله عليه وسلم – أن يوصفا بالعجز عن معالجة الواقع بكل جوانبه، وهداية المؤمنين، وبيان السبيل ..
(18) في السياسة الشرعية …
من أراد نَيْل :
[ التمكين والاستخلاف والتأييد والنصر والتثبيت والعلاج والفوز .. و… ] ..
فلا بد له الالتزام بالقرآن وبالسنّة النبوية الصحيحة ،على النحو الذي أراده الله سبحانه ، ونبيّه محمد صلى الله عليه وسلم ..
(19) في السياسة الشرعية …
الانحراف عن الشريعة..
من ارتضى لنفسه الانحراف، ولو يسيراً ، عن أوامر الله ورسوله صلى الله عليه وسلم،
كمن ارتضى مرجعية غير الله ورسوله، واحتكم إليها ..وهذا واضح وجلي ..
وكمن ارتضى مرجعية : القرآن والسنّة النبوية الصحيحة، ولكنه لم يُذعن لسلطانها، ولم يدرك أسرارها ، ولم يستجب لها حقّ الاستجابة، ظناً منه بعجزهما عن معالجة الواقع المتغير ..
ولاشك أن مَن تمكن منه ظنه بعجز مرجعية : القرآن والسنّة النبوية الصحيحة..عن معالجة الواقع، وإصلاح الأمة ، والنهوض بها ، لتستعيد مكانتها الأولى ، كما كانت ،بالقيادة الإسلامية الأولى ، فقد زاغ قلبه عن الصراط المستقيم .. وقادته أهواءه بعيداً عن المسلك القويم ، إلى مهاوي الانحراف …
(20) في السياسة الشرعية …
المتأمل في أوجه الانحراف عن المرجعية ، يجد أن كلّ خلل وصفه القرآن في واقع الأمة .. مردّه للانحراف الجزئي أو الكلي ، عن طاعة الله ورسوله …
وهذا ماسببه غياب المرجعية ( القرآن والسنّة النبوية الصحيحة ) .. أو الانحراف عنها ، أو تأويل نصوصها تأويلاً منحرفاً، كما يفعل دعاة النسويات ،ووأصحاب القراءات المعاصرة التحريفية والعصرانيون