تحقيقات

“الانتخابات الرئاسية” في سوريا: انتخابات “محسومة” في ظل معايير غير نزيهة!

نور الصالح – رسالة بوست

مع ترشيح رأس النظام المجرم نفسه اليوم الأربعاء ، فقد اقترب استحقاق ما يسمى بِـ” الانتخابات الرئاسية” في سوريا، تبدو تحضيرات النظام السوري، العسكرية والأمنية والسياسية والإعلامية والخدمية جارية على قدم وساق، استعداداً لفصل ضمن “مسرحية” انتخابية مكررة، يعيد انتاج أدوات النظام ذاتها، ويحاول فرض واقع على المشهد السياسي بغية دفع الفاعلين المحليين والدوليين للتعامل معه.

يبدو أن كتاب النظام الذي يقرأ منه ، قليل الصفحات وقليل السيناريوهات أيضًا ، فهو يعيد ما قام به في سنة 2014 فالمعطيات تقول إن الانتخابات المقبلة لن تكون مختلفة عن “الانتخابات” السابقة، رغم المساعي الروسية الحثيثة لإضفاء طابع يظهرها بصورة أقل فجاجة.

يحاول النظام التقرب عبر أساليب مختلفة على رأسها إنعاش الموظفين بمنحة مادية، وزيادة في المرتبات الشهرية من أجل تخفيف الضغوط على الناس لكن الأمر غاية في الصعوبة بسبب ما تعانيهِ البلاد من وضع اقتصادي صعب.

حيثُ قام النظام السوري في السنوات العشرين الأخيرة على فكرة أن الشعب السوري غير موجود ويمكن الاستغناء عن نصفه في أقل تقدير.

ولاشك أن ثمة حملة إعلامية هي الأضخم من نوعها ستنطلق في دمشق لاسيما بعد ما التقى بشار الأسد الإعلاميين لوضع خطة تضم مجموعة من البرامج، على أن تنطلق حملته الانتخابية في منتصف الشهر القادم.

لكن الوضع يشير إلى أن بشار الأسد ينتظر ضوءًا أخضر خارجيًا، وأن بشار ونظامهُ يبحثان عن نظراء حتى ينافسوه في التمثيلية الانتخابية، كما يبحثون بمساعدة روسية عن أسماء من المعارضة ذات وزن، تقبل بالترشيح للانتخابات حتى تكتسب الأخيرة مصداقية وشرعية.

والواقع أن من أبقى بشار ومن دعم نظامه ليس الروس والإيرانيون فقط بل ثمة قوة عظمى ” الولايات المتحدة الأمريكية ” هي من أبقته وهي من أعطت الضوء الأخضر لروسيا وإيران بمقاتلة الثورة السورية ، وهي من تعمل الآن على ابقائه ولو أرادت خلعه لما احتاجت سوى هاتف صغير من موظف صغير لديها .

ويرى خبراء في الشأن السوري أن بشار الأسد ومن خلفه موسكو

 يسوّقون للانتخابات ويعملون عليها من أجل أموال إعادة الإعمار في سوريا من جهة، ومحاولة دفن مسار جينيف للحل السياسي من جهة أخرى. ويجزم الكثيرون أن لا شيء في الحالة السورية اسمه حملة انتخابية، فالعملية لا يمكن وصفها بالانتخابات طالما أنه لا يوجد سياق تنافسي في الأصل.

ويسعى نظام الأسد إلى إجراء انتخابات رئاسية في 2021، وفق الدستور الذي أقره عام 2012، وسيكون الأسد المرشح الأقوى فيها للفوز، في حين لا تعترف المعارضة السورية بشرعية إجراء الانتخابات في الوقت المحدد لعدة اعتبارات، أبرزها عدم الاعتراف بالدستور الحالي (2012)، وانطلاق أعمال “اللجنة الدستورية” السورية، وما سيترتب عليها من نتائج يجب أن تسبق عملية انتخاب رئيس سوريا.

ومن شروط الترشح للانتخابات أن يكون المرشح قد أقام في سوريا بشكل متواصل خلال الأعوام العشرة الماضية، ما يغلق الباب أمام احتمال ترشح أي من المعارضين المقيمين في الخارج. ولقبول ترشيحه يحتاج المرشح تأييد خمسة وثلاثين عضواً على الأقل من أعضاء مجلس الشعب، الذي يسيطر عليه حزب البعث الحاكم.

كانت الولايات المتحدة الأمريكية قد أعلنت رفضها مرارًا للانتخابات التي يحضّر لها الأسد والروس معه، وهو موقف مخادع لذر الرماد في أعين الشعب السوري ، هذا الموقف “الإعلامي” ويتوافق هذا الموقف مع الاتحاد الأوروبي الذي أعلن في ديسمبر الماضي، على لسان الممثل الأعلى للسياسة الخارجية والأمنية في الاتحاد الأوروبي، جوزيف بوريل، أن “الانتخابات ذات المغزى في سوريا، هي فقط تلك التي تُجرى على أساس دستور سوري جديد، بموجب قرار مجلس الأمن الدولي 2254”.

وأضاف بوريل أن الانتخابات التي تنظم وفق القرار الأممي، من شأنها أن تكون بمثابة فصل افتتاحي جديد بالنسبة  للبلد وشعبه.

وعلى الرغم من “التوجيهات الداخلية” المذكورة، فإن الأجواء العامة الخاصة بالانتخابات لم تشهدها أوساط المدن السورية حتى الآن، كاللافتات التي تحمل الصور الترويجية للأسد، فالوضع الاقتصادي السيء الذي يعيشه المواطنون، الأمر الذي حصر تفكيرهم في كيفية الحصول على المحروقات لتسيير آلياتهم أو الحصول على الخبز من أبواب الأفران.

 وأسفرت أكثر من عشر سنوات من الحرب عن مقتل أكثر نحو مليون سوري واعتقال عشرات الآلاف، وتغييب نحو ربع مليون ، وتهجير 9 ملايين سوري ، فضلا عن دمار البنى التحتية واستنزاف الاقتصاد .

ومما سبق ذكره، هل يمكن للوحشية والقمع والبراميل المتفجرة تحويل الأخطاء إلى نجاحات مهما طال الزمان؟

هل ما وصلت إليه سوريا اليوم نتيجة طبيعة لأخطاء تراكمت منذ خلافة بشار الأسد والدهُ في 2000؟

هل مازال النظام السوري ينغلق على ذاته وتجاهل ما يدور في العالم ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى