مقالات

ميشيل كيلو .. وتوزيع الصكوك)

محمد علي صابوني

كاتب وباحث سياسي.
عرض مقالات الكاتب

(

وحده الخالق عزّ وجلّ هو القادر على توزيع صكوك الغفران وتحديد مَن من البشر إلى الجنة ومن منهم إلى النار .. وقد شهدنا الكثير الكثير من فطاحل علماء الدين ممّن اغتروا بما امتلكوا من علم ومعرفة وظنوا أنهم اخترقوا الأرض أو بلغوا الجبال طولاً فشذوا وانحرفوا عن جادة الصواب وختموا أعمالهم وحياتهم بما يغضب الله والعكس وارد، وبعيداً عن جدلية جواز الترحّم على أهل الكتاب من عدمه .. وبعيداً عمّن منحوا لأنفسهم -ومن الطرفين- صلاحية سبر السرائر ، وفرز البشر بين مؤمن ومشرك وكافر ومتشدّد .. وبعيداً عن استغلال البعض بمناورة قذرة مفضوحة للقضية محاولاً أن يمثّل ويختزل الإسلام بحسون والبوطي، ويمثل ويختزل “المعارضة العلمانية” بمشيل كيلو.! في محاولة بائسة للطعن بالإسلام وإقحامه في المعادلة وتمجيد العلمانية وتصويرها كمخلصٍ ومنقذ.!
بعيداً عن كل تلك الانتهازيات القميئة والتي تندرج ضمن دوامة تصفية الحسابات الإيديولوجية والتي فتكت بالثورة السورية وشتتتها وشرذمتها، وإن كان لا بد من التقييم الوجدانيّ والمقارنة العادلة فالأَولى أن تتم المقارنة بعيداً عن تسييسها أو أدلجتها دينياً ، فميشيل كيلو لم يدّعي في يوم من الأيام أنه معصوم عن الخطأ أو انه محسوب على طائفة معينة أو جماعة دينية مؤدلجة وأنه يمثلها ويتحدث باسمها، ثم أن الرجل أمضى حياته وهو يقارع الظلم والاستبداد ودفع ثمناً باهظاً لمواقفه وثباته، ولم نعلم عنه أنه عقد الدبكات وقاد المسيَّرات في ساحات الاحتفال بالحركة “التصحيحية” ومجّد “القيادة الحكيمة” لسنوات طويلة ثم قفز من مركب “آل الأسد” حين بدأ يترنح وشارف على الغرق كغيره ممّن فعلوها واليوم ينصّبون من أنفسهم أوصياء على الثورة وقضاة على الثوار وأولياء لله على الأرض يوزعون على السوريين صكوك الكفر أوالشرك أو الإيمان أو الوطنية أو العمالة.!
مشكلة معظم السوريين اليوم تكمن في “الفرعون” الذي تلبّسهم وتمكّن منهم إلى درجة أنهم يطالبون الغير بتأييدٍ أعمى لما يقولون  وإلا صبّوا جام غضبهم عليهم ولسان حالهم يقول : “ما أريكم إلا ما أرى وما أهديكم إلا سبيل الرشاد” وقد أداروا ظهورهم لقاتل ذويهم ومنتهك أعراضهم وأعوانه من شذاذ الآفاق الذين استجلبهم من كل حدب وصوب، وانشغلوا بمعارك جانبية وصراعات هي من تصميم وسيناريو وإخراج قاتلهم.
أخيراً لا يسعني سوى القول :
وداعاً يا أبا أيهم .. اتفقنا معك في أمور واختلفنا في أخرى، وتلك هي سنة الحياة الطبيعية، لكن الثابت أنك عشت حراً وتمنيت الخير والحرية للجميع، ورحلت حراً .. مناضلاً .. ثابتاً.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى