مقالات

حقائق للتاريخ يجب أن يعرفها العرب قبل الترك

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

حقائق للتاريخ يجب أن يعرفها العرب قبل الترك

1- العلاقة بين العرب والأترك علاقة أخوة متجذرة، ولكن أطرافاً كثيرة تحاول أن تبذر الخلاف، وتعمق الشرخ بين العرب والأتراك، وتتهم العرب بسقوط الخلافة العثمانية، ولا سيما بعض المتزلفين المتقربين المتفيقهين من المتجنسين الجدد، والمتأسلمين المنافقين، جهلا منهم بالحقيقة التاريخية الراسخة التي هي عكس ذلك تماما..

2- مبدئيا الذي أوصل الأتراك إلى حكم تركيا وأقام لهم الدولة فيها هم العرب، وتحديدا خالد بن الوليد في معركة اليرموك؛ حيث كانت بداية النهاية للامبرطورية الرومانية الذين كانوا يحتلون المنطقة ويسيطرون عليها، وكانت عاصمتهم القسطنطينية، ثم معاوية الذي قضى على الأسطول الروماني في معركة ذات الصواري، ثم يزيد الذي غزاهم في عقر دارهم وحاصر اصطنبول، وقبر أبي أيوب الأنصاري في اسطنبول شاهد على ذلك، ثم المعتصم الذي دمر أنقرة، وحرق عمورية (ما بين أنقرة واسطنبول)، ثم اتجه إلى القسطنطينية لفتحها لولا المؤامرة التي قادها ابن أخيه المأمون ضده، حيث عاد وترك الحاميات في عمورية وأنقرة التي كان معظم جنودها وقادتها من أخواله التركمان الذين جلبهم معه من بلاد الترك، وكانت سهول كركوك مربط خيلهم، وبعد أن بنى سر من رأى عاصمة له، توجه إلى بغداد وفتحها، وعندما صاحت العربية صيحتها المشهورة: (وااا معتصماه) توجه المعتصم لتأديب الرومان وطردهم وتطهير الأرض منهم، وهذا ما حصل، وحل الأتراك مكانهم لأول مرة في تاريخهم.

3- إن المتتبع لمعارك الحرب العالمية الأولى يرى وجودا عربيا قويا في ساحات تلك المعارك ولاسيما في كوت العمارة في العراق (1916م)، ومعركة جاليبولي (جناق قلعة) في إستانبول (1916م)، فقد مات ربع مليون جندي عثماني في تلك المعركة منهم سبعين ألف عربي، لا تزال شواهد قبورهم موجودة، دفاعا عن إستانبول، وهناك جيش عثماني قوامه مائة ألف معظمهم من العرب كانت مهمته الدفاع عن فلسطين، انهار فجأة ذلك الجيش بسبب قطع الإمدادات عنه. فانسحبت كتائب منه، ووقعت كتائب كاملة منه في أسر الجيش البريطاني قتلوا جميعاً. فالجيش العثماني كان تعداده مئات الآلاف من (بينهم ثلاثمائة ألف عربي).

4- كيف هُزم الأتراك؟.. لقد انتصر الأتراك في معظم المعارك في الحرب العالمية الأولى، ولكن القادة العسكريين الأتراك التابعين للاتحاد والترقي (معظمهم من يهود الدونمة) كانوا يسيطرون على خطوط الإمداد (إمدادات الطعام والسلاح) وفجأة انقطع الطعام والسلاح عن جبهات القتال، فانهار الجيش، وتوالت الهزائم، إذا هزيمة الجيش كانت بأيدي ضباط أتراك (قوميين، ويهود) فلا علاقة للعرب بما حل بالجيش العثماني، وإنما كانوا مع العثمانيين يقاتلون، وكانوا ضحية غدر القادة العسكريين الأتراك التابعين للاتحاد والترقي.

5- الأتراك هم من أسقط الدولة العثمانية.. سقطت الدولة بشكل فعلي سنة 1909م بسقوط عبد الحميد الثاني، على يد الضباط الأتراك القوميين (معظمهم يهود)، وهؤلاء الضباط هم سبب هزيمة الجيش العثماني، ثم جاء مصطفى كمال وسمى نفسه أبو الأتراك (أتاتورك) وقضى بشكل رسمي على الدولة العثمانية بالتعاون مع ضباط الجيش التركي، وكان الشعب التركي واقفا يتفرج ما بين مؤيد لأتاتورك، وساخط لا حول له ولا قوة.

6- الدولة العثمانية كانت ساقطة منذ سنة 1909م، واليهود هم الذين يسيطرون على كل شيء، والسلطان كان دمية بأيديهم.. فكان لا بد من تحرك الشعوب المسلمة وإسقاط حكم تلك الدولة الذي ظاهره دولة عثمانية وحقيقته دولة قومية يهودية. فلا بد من تحرك الشعوب وحمل السلاح على جميع الأطراف، وإقامة دولة إسلامية جديدة على أنقاض الدولة العثمانية (المنتهية فعلياً)، تقوم على أساس ديني وليس عرقي أو قومي.

7- العرب تم تحميلهم مسؤولية سقوط الدولة العثمانية مع أنهم وقفوا مع الأتراك في كل معاركهم مع الغرب، وقدموا مئات الآلاف من الشهداء طيلة قرون دفاعا عن الدولة العثمانية (سبعون ألفاً في معركة جناق قلعة وحدها) دفاعا عن اصطنبول، ومن يبحث في أسماء قتلى الجيش العثماني في معاركه كلها يجد أسماء عربية كثيرة، مع ذكر المدن العربية التي تنتمي إليها تلك الأسماء.

8- الحقيقة التاريخية تؤكد أيضا أن الدولة العثمانية كبُرت وهرمت، شأنها شأن كل الدول في التاريخ، فكانت رجل أوروبا المريض، وطيلة قرن من الزمان حاول سلاطينها منذ السلطان محمود الثاني (بداية القرن التاسع عشر) وحتى السلطان عبد الحميد الثاني، إعادة بناء الدولة وإنعاشها، ولكن المرض كان مزمناً، فكان لا بد من إعلان وفاتها وقيام دولة إسلامية جديدة، وهذا هو حال التاريخ الإسلامي، فما أن تضعف دولة مسلمة وتسقط رايتها، حتى تنهض دولة مسلمة قوية وشابة، ترفع الراية في مكان آخر.

9- لم يحدث بكل أسف، ولكن الذي حدث أنه ما أن أعلن عن وفاة الدولة العثمانية حتى وجد العرب المسلمون أنفسهم في عشرات الدول، في اتفاقية سايكس بيكو سيئة الصيت، وتحت احتلال مباشر من أعداء الأمة، الإنكليز والفرنسيين والإيطاليين والإسبان والرتغاليين، ثم الأمريكان، ومخلفاتهم الحكام الصهاينة اليهود الذين زرعوهم في جزيرة العرب، وشمال أفريقيا، وأبناء الأقليات في بلاد الشام، ومصر، وأقاموا الكيان الصهيوني في فلسطين لحمايتهم والحفاظ على أنظمتهم المسخ.

10- ما زالت الأمة العربية المسلمة تدفع ثمن ضعف الخلافة العثمانية وسقوطها على يد يهود الدونمة والقوميين الأتراك وأتاتورك، وجمال باشا، وجمعية الإخاء والترقي، وجمعية تركيا الفتاة إلى اليوم، ولا يمكن للأتراك العثمانيين الجدد بناء دولة عظيمة، وإعادة مجد الخلافة العثمانية الغابر دون مساعدة العرب، وإن مصلحتهم في التعاون والتنسيق مع إخوانهم العرب المسلمين ونصرتهم لهم في ربيعهم العربي، ولا سيا في سورية، وليس المساومة عليهم وبيعهم للروس والفرس في أستانا وسوتشي، وإن القضاء على حكم الطائفة النصيرية في دمشق هو الامتحان الصعب لهم، والفرصة الذهبية أمامهم، ولكن ما يجري من أحداث ومساومات واتفاقات لا يطمئن ولا يبشر بخير بكل أسف، وإذا ضاعت الفرصة التاريخية هذه، فلن تقوم للأمة الإسلامية قائمة، وستعود دولة الروم إلى بلاد الأناضول من جديد لا قدر الله، بعد أن يجتمع عليهم الروم والفرس والروس والكرد وصهاينة العرب، ويقضون على حلمهم الوليد، حلم أمة الإسلام المرتقب..     

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى