منوعات

المقاومة الأخيرة… قصة بطل غرناطة موسى ابن أبي غسان

عبد الرحمن قارف

كاتب جزائري
عرض مقالات الكاتب


إنه مشهد حزين للغاية!

فها هي ذي الأندلس قد شارفت على السقوط، و أضحت حضارتها الإسلامية السامقة قاب قوسين أو أدنى من الاندثار و الزوال..

إنها تصرخ و تصيح مستنجدةً.. و لكن ليس هنالك عبد الرحمن الناصر فيحميها، و ليس هنالك الحاجب المنصور ليحارب عدوها، و ليس هنالك ابن تاشفين ليُنجِدَها.

لقد زحف الصليبيون الإسبان من الشمال إلى الجنوب الأندلسي و لم يتركوا في طريق زحفهم مسلماً موحداً إلا و قتلوه أو أكرهوه على النصرانية، و من أبى القتل و الإكراه كان مضطرا إلى النزوح صوب أقصى الجنوب ثم اجتياز مضيق جبل طارق وصولاً إلى بلاد المغرب ليظفر بالأمن و السلام بين إخوانه المسلمين فيها.

و لكن..

ذلك المشهد رغم مضرَّته بنا و أثره القاسي على نفوسنا بيد أنه لم يكن خاليا من بعض اللقطات التي توقفت عجلة التاريخ عندها في دهشةٍ و إعجابٍ كبيرَيْنِ.. إنها لقطات تفيض بالبطولة و العزة و النخوة و الشهامة، و كان بطلها الأول هو المجاهد موسى بن أبي غسان!

ما الذي حصل؟!

بينما الزحف الصليبي الإسباني بقيادة صاحب مملك قشتالة الصليبية يشق طريقه نحو الجنوب الأندلس قادما من الشمال إذا به يحط بمحطة مدينة غرناطة، و فيها حدث ما لم يكن في حسبان أولئك المجرمين.. فلقد اعتادوا أثناء زحفهم على انتزاع المدن الأندلسية من أهاليها المسلمين دونما مقاومةٍ أو حركة جهادٍ ضدهم، أما في غرناطة فقد أبصروا بها البطل المجاهد موسى الذي لم يرض الذل و الهوان الذي ظهر عليه ملك غرناطة محمد الصغير بعد أن استسلم و سلَّم مفاتيح المدينة للصليبيين، و وقف داخل قصر الحمراء فصاح قائلا: (إن الموت أقل ما نخشى، فأمامنا نهب مدننا وتدميرها وتدنيس مساجدنا وأمامنا الجور الفاحش والسياط والأغلال والأنطاع والمحارق، وهذا ما سوف تراه تلك النفوس الوضيعة التي تخشى الآن الموت الشريف، أما أنا فو الله لن أراه)!!

و بعدها مباشرةً انطلق صوب داره فلبس لباس الحرب و أخذ الدرع ثم امتطى صهوة جواده و اتجه صوب منطقة تواجد إحدى سرايا الجيش الصليبي التي كان عدد المقاتلين فيها زهاء خمس عشرة رجلا، فقابله موسى هؤلاء بمفرده دونما أدنى خوفٍ أو رهبةٍ، و قاتلهم قتالا مستميتا حتى سقط شهيداً رحمه الله بعدما قتل بعضا منهم!

هذه قصة البطل موسى بن أبي غسان باختصار و إيجاز، و لكن من المؤسف جدا أن هذه القصة لم ترد على الإطلاق في المصادر التاريخية الإسلامية أو العربية، و إنما ذُكِرت فقط في المصادر الإسبانية التي نقلها عنها الأستاذ الكبير و الباحث في التاريخ الأندلسي عبد الله عنان رحمه الله.

فرحمة الله على موسى و على مجاهدي الأندلس، و أسكنهم فسيح جنانه.

المصادر:

1- دولة الإسلام في الأندلس، للأستاذ عبد الله عنان.

2- قصة الأندلس من الفتح إلى السقوط، للدكتور راغب السرجاني.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى