مختارات

الانتخابات الرئاسية في سوريا.. الأسد يحشد مناصريه وينتظر إشارة الحلفاء 

تشهد الساحة السياسية الخاصة بالملف السوري حالة من الركود منذ قرابة ثلاثة أشهر، فلا جديد يذكر على صعيد نقاشات عملية وضع دستور جديد للبلاد، فيما تخرج تصريحات لمسؤولين من الدول الفاعلة تزيد الواقع غموضا وضبابية، بعيدا عن أي توضيحات لاستشراف المستقبل. 

ومن الحالة المذكورة التي لا تبدو ملامح انتهائها قريبة تتجه الأنظار إلى الانتخابات الرئاسية المقرر تنظيمها في الأشهر المقبلة. هي الانتخابات الثانية منذ انطلاقة الثورة في البلاد. 

وعلى الرغم من خوض نظام الأسد فيها كونها “استحقاقا وطنيا”، إلا أن الموعد الذي ستكون عليه لا يزال غير محدد حتى الآن، في ظل الحديث عن ارتباطه بما يريده حلفاء الأسد الروس والإيرانيون. 

أولى الخطوات العلنية 

وكأول خطوة علنية من جانب نظام الأسد، أعلنت سفارته في أبو ظبي بالإمارات، الثلاثاء، أنها بدأت تحضير القوائم الانتخابية لـ”المواطنين السوريين المقيمين والمتواجدين في دولة الإمارات”. 

وقالت السفارة في منشور عبر صفحتها الرسمية في “فيسبوك”: “يرجى من المواطنين السوريين البالغين الراشدين والراغبين بالانتخاب ممن أتموا سن الثامنة عشر من العمر أو تجاوزوه بتاريخ الانتخاب، تسجيل أسمائهم على الرابط”. 

ونشرت السفارة رابطا يتضمن حسب ما رصد موقع “الحرة” خانات لاسم المواطن السوري وتفاصيل عائلته، بالإضافة إلى صور من جواز سفره ورقم الهاتف الذي يحمله.  

واللافت في بيان السفارة أنها حددت توقيت تسجيل الأسماء قبل 25 من أبريل الحالي، الأمر الذي يشي بترتيبات سريعة يعمل عليها نظام الأسد في الوقت الحالي، استعدادا للمحطة المقبلة، والتي يعتبرها معارضون غير شرعية وستكون كسابقتها في عام 2014. 

“التوقيت ليس بيد الأسد” 

الخطوة التي أقدمت عليها سفارة الإمارات هي الوحيدة التي خرجت على العلن، لكن التعاميم المتعلقة بفتح سجلات الراغبين بالانتخابات تشمل جميع سفارات النظام وقنصلياته في الخارج، حسب ما قال مصدر مطلع في تصريحات لموقع “الحرة”.  

ويشير المصدر إلى أن هذا التحرك بدأ منذ قرابة شهرين، انطلاقا من اجتماعات “حزب البعث” وإدارة التوجيه السياسي التابعة لـ”الجيش السوري” والمراكز الثقافية، وتم تعميمها في الأيام الماضية إلى السفارات في الخارج.  

ويوضح المصدر الذي فضّل عدم ذكر اسمه: “الحملات الانتخابية أصبحت أمرا واقعا على الأرض لكن توقيت تنظيمها لم يعرف”، مشيرا نقلا عن أحد أمناء الأفرع التابعة لـ”حزب البعث” في العاصمة دمشق قوله: “تعاميم الاستعداد وحشد الحملات تعممت على مختلف قطاعات الدولة”. 

ويضيف أمين فرع الحزب: “ضمن الاجتماعات الحزبية الخاصة بالعاصمة دمشق يتردد حديث مفاده أن توقيت إعلان موعد الانتخابات قد يكون مفاجئا دون أي تمهيد سواء في يونيو أو بعد أشهر منه، نظرا لارتباطه برؤية الحلفاء. هناك تعميم رسمي بأن إعلان الموعد سيحدد لاحقا”. 

وسبق أن قال سفير النظام السوري في موسكو، رياض حداد، إن الانتخابات الرئاسية المقبلة في سوريا ستجرى مع “مراعاة الوضع الوبائي”. 

وعلى الرغم من إشارته إلى أن الانتخابات ستجرى في موعدها، وتأكيده استمرار الاستعدادات لها، إلا أن حداد ربط تأكيد موعدها بظروف انتشار فيروس كورونا. 

وقال لوكالة “تاس” الروسية في مارس الماضي: “لا يزال الوضع الوبائي المرتبط بانتشار فيروس كورونا هو العامل الرئيسي المحدد في العملية الانتخابية المقبلة”. 

“رفض دولي”

لسوريا وضع خاص يتعلق بطبيعة تنظيم الانتخابات الرئاسية والشخصيات المرشحة للفوز بها، والتي تنحصر ببشار الأسد، على الرغم من ترشح شخصين في انتخابات 2014، الأول هو رجل الأعمال الدمشقي، حسان النوري، والثاني عضو البرلمان السوري، ماهر حجار. 

وكان التصويت في السابق يتم عبر استفتاءات فاز فيها بشار الأسد، ومن قبله والده حافظ الأسد، حين لم تكن أوراق الاقتراع تتضمن إلا اسما واحدا، وسؤالا يصوت عليه السوريون بـ”نعم أو لا”. 

وبالرغم من وجود “متحدين” للأسد في انتخابات 2014، إلا أن هذه العملية وصفت في ذلك الوقت بـ”اللعبة السياسية”، لإظهار “صورة ديمقراطية”. 

ولم يعرف بعد إن كانت الانتخابات المقبلة ستضم أكثر من اسم إلى جانب الأسد، كما شهدته الانتخابات السابقة في 2014. 

وكانت الولايات المتحدة الأميركية قد دعت، في 16 من مارس الماضي، إلى عدم الانخداع بالانتخابات الرئاسية في سوريا، مشيرة على لسان السفيرة الأميركية لدى الأمم المتحدة ليندا توماس غرينفيلد إلى أنها “لن تكون لا حرة ولا نزيهة”، وأنها “لن تُكسب نظام الرئيس بشار الأسد أي شرعية”.   

في المقابل، يرفض الاتحاد الأوروبي تنظيم الانتخابات أيضا، وفي آخر تصريح للممثل الأعلى للشؤون الخارجية والأمنية، جوزيف بوريل، قال إنها “لا يمكن أن تسهم في تسوية الصراع، ولا تؤدي إلى أي إجراء للتطبيع الدولي مع النظام السوري”. 

“عمليات إحصاء”  

الانتخابات وإن تم تنظيمها قريبا ستكون وفق الدستور الذي أقره الأسد عام 2012، وهو الذي تعتبره المعارضة السورية “غير شرعي”، بسبب الظروف التي أقر بها، والتي لا تتناسب مع الوضع السوري الحالي.  

ويشترط دستور عام 2012 على الراغب بالترشح لرئاسة سوريا، الحصول على تأييد خطي من 35 عضوا من أعضاء مجلس الشعب، ولا يجوز لعضو مجلس الشعب أن يمنح تأييده إلا لمرشح واحد. 

وتحدد الفقرة الأولى من المادة 86 من الدستور، أن يُنتخب رئيس الجمهورية من قبل الشعب مباشرة دون تحديد الأرض التي هو عليها، سواء كان في دول المهجر واللجوء، أو كان على الأراضي السورية. 

الإعلامي والكاتب السوري، أيمن عبد النور يقول إن مديرية الأحوال المدنية التابعة لحكومة الأسد عممت، في الأيام الماضية، لجميع دوائرها إجراء إحصائيات لأعداد الناخبين، الذين يحق لهم الانتخاب، بالتعاون مع مخاتير البلدات والأحياء. 

ويضيف عبد النور لموقع “الحرة”: “ذلك للكشف عن أعداد الناخبين القاطنين في كل المناطق لحصر أعداد اللاجئين والمهاجرين بطريقة غير شرعية خارج سوريا. هنا سيكتشف من خرج ومن بقي وبناء على هذا الأساس تتضح طريقة التعاطي”. 

وقد يكون التعاطي متعلق بتقديم تسهيلات أمنية للمواطنين السوريين في الخارج، من خلال تأجيل خدمة العلم أو إزالة الفيش الأمني له على المعابر الحدودية، مقابل إبداء دعمهم للأسد. 

واعتبر عبد النور أن الخطوات المذكورة سابقا تعتبر “غريبة” كونه تأتي على عجل، ولم يسبق وأن تم طرحها في الأشهر الستة الماضية من حملاته الانتخابية.  

ويضيف الإعلامي السوري أن هناك تكهنات تتعلق بالتوقيت المحدد لتنظيم الانتخابات، مؤكدا أن المحافظات السورية شهدت منذ أشهر وتعيش الآن حالة حشد انتخابي للأسد في المدارس وطلابها والقطع العسكرية للجيش، إلى جانب الشعب الحزبية والمراكز الثقافية.  

المصدر : الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى