مقالات

محاولة الانقلاب الفاشل في الأردن

د. عثمان محمد بخاش

باحث في الفكر الإسلامي والقضايا المعاصرة
عرض مقالات الكاتب

كشف نائب رئيس الوزراء الأردني وزير الخارجية وشؤون المغتربين، أيمن الصفدي، عن إحباط مخطط استهدف أمن المملكة وزعزعة استقرارها، عبر حلقات تنسيق واسعة ربطت بين ولي العهد الأردني السابق الأمير حمزة بن الحسين، ورئيس الديوان الملكي الأسبق باسم عوض الله، وأحد الأشراف، وأشخاص آخرين. وفي مؤتمر صحافي عقده يوم الأحد 4-4-2021، أكد الصفدي أن الأجهزة الأمنية تابعت، عبر تحقيقات شمولية مشتركة حثيثة قامت بها القوات المسلحة الأردنية – الجيش العربي، ودائرة المخابرات العامة، ومديرية الأمن العام، على مدى فترة طويلة، نشاطات وتحركات الأمير حمزة بن الحسين، والشريف حسن بن زيد، وباسم إبراهيم عوض الله، وأشخاص آخرين؛ وجميعها يستهدف أمن الوطن واستقراره. وشدد الوزير الأردني الذي تلا بياناً مكتوباً على أن التحقيقات رصدت تدخلات واتصالات، شملت اتصالات مع جهات خارجية، حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن البلاد.

لفهم ما جرى ينبغي الوقوف على الامور التالية: وجود تشنج كبير في العلاقة بين النظام الأردني و بنيامين نتنياهو كما تجسد في رفض الاردن السماح لطائرة نتنياهو بعبور الاردن في طريقه لزيارة الامارات (11-3-2021) فيما فهم بأنه رد على عرقلة نتنياهو قيام ولي العهد الأمير الحسين بن عبدالله الثاني بزيارة الى القدس،والتي جاءت نتيجة دعم الملك عبدالله للمعارضة اليهودية ضد نتنياهو عشية الانتخابات الاخيرة التي اجريت في 23 أذار الماضي. وكان وزير الدفاع  اليهودي بني غانتس قام بزيارة سرية الى الاردن التقى بها الملك عبدالله الثاني ،و صرح لصحيفة يديعوت أحرونوت بأن “العلاقات مع الأردن لها رصيد هائل، لكن وجود نتنياهو يقلل في ترقيتها وتطويرها”. وقال غانتس: “نتنياهو شخصية غير مرغوب فيها لدى الأردن”، وأضاف : “العلاقات مع الأردن كان من الممكن أن تكون أفضل ألف مرة، لكن لسوء الحظ نتنياهو شخصية غير مرغوب فيها في الأردن، ووجوده يتعارض مع تقدم العلاقات”.(موقع عربي بوست- 11-3-2021).

  و لكن المطلعين على الأمور يقرون بوجود توتر كبير بين الملك عبدالله الثاني ونتنياهو نتيجة إصرار نتنياهو على الغاء حل الدولتين، وتمرير “صفقة القرن” تحت ضغط الأمر الواقع وبتأييد من السعودية والامارات، مستفيدا من الدعم الواسع لحكومة ترامب الذي فوض صهره كوشنير بإنضاج تفاصيل الصفقة التي تقوم على الغاء حل الدولتين، وشطب حق العودة للاجئين، والعمل على تنفيذ مشروع الترانسفير لفلسطينيي الضفة الغربية باتجاه الاردن “الوطن البديل”. بالإضافة إلى التضييقات الكبيرة التي فرضتها إسرائيل على الوصاية الأردنية على المقدسات في القدس، و نقل موقع عربي بوست عن تقارير عديدة عن نية تل أبيب التخلص منها، وربما تحويلها إلى السعودية بدلاً من الأردن، خاصة في ظل إعلان صفقة القرن أن “القدس عاصمة موحدة لإسرائيل” وبالتالي فإن كل ما فيها يقع تحت الوصاية الإسرائيلية.

 كما نقل “عربي بوست” عن مصادر مطلعة في الأردن ” أنّ الأردن يسعى إلى إيصال رسالة إلى نتنياهو، مفادها أن “عمّان لن تقبل بتوجهات اليمين الإسرائيلي المتطرف، ولذلك ترفض المملكة التعامل مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بسبب توجهاته المعادية تجاه مسألة حل الدولتين، وتجاه ضم الأغوار والمساس بالوصاية الهاشمية، وبالتالي تعمل من خلال اللقاءات الأخيرة مع خصوم نتنياهو، على كسر الحاجز والعزلة السياسية التي تعرضت لها القيادة الأردنية منذ أيام الرئيس الأمريكي السابق ترامب”.

 وكان الملك الأردني أكد خلال مقابلة له مع المجلة الالمانية دير شبيغل في مايو 2020: “سنشهد مزيداً من الفوضى والتطرف في المنطقة، وإذا ما ضمت إسرائيل بالفعل أجزاء من الضفة، فإن ذلك سيؤدي حتماً إلى صدام كبير مع المملكة الأردنية الهاشمية”.

فقدوم ادارة بايدن التي ترى المضي في حل الدولتين أدى إلى تصلب الموقف الأردني ضد صفقة القرن،  بل والعمل على دعم فوز معارضيه في الانتخابات الأخيرة، بما في ذلك حمل عرب الـ 48 على العمل لاسقاط نتنياهو ومنعه من تشكيل الحكومة الجديدة.

ومن بواكير ما قامت به إدارة بايدن كان عقد اتفاقية تعاون دفاعي ‫بين المملكة الأردنية  و الولايات المتحدة الأمريكية في 31-1-2021، وتم اقرار الاتفاقية ونشرها في الجريدة الرسمية الأردنية في 16-3-2021. فالأردن، عمليا، أصبح تحت المجهر الأمريكي وتحت الحماية المباشرة من أمريكا وأجهزتها العسكرية والمخابراتية، ويرجح أن الأجهزة الأمريكية رصدت الاتصالات الدائرة بين باسم عوض الله، القريب من دوائر الحكم في الإمارات والسعودية، وفريقه وأنذرت الملك عبدالله بالإعداد للانقلاب القادم، كما نوّه إلى ذلك الوزير أيمن الصفدي بأن ” التحقيقات رصدت تدخلات واتصالات، شملت اتصالات مع جهات خارجية، حول التوقيت الأنسب للبدء بخطوات لزعزعة أمن البلاد”.

وفور اجهاض محاولة الانقلاب الفاشل سارع الجميع إلى ابداء التأييد للنظام الأردني والتنصل من المحاولة المزعومة، وما كان لهم أن يفعلوا سوى ذلك، مع أن وسائل الإعلام في الإمارات والسعودية بقيت تشكك في حقيقة ما جرى و تطعن في عدم شفافية الإعلام الأردني، خاصة بعد كلمة الأمير حمزة بن حسين التي اشتكى فيها من وضعه قيد الإقامة الجبرية.

فخلاصة الأمر، أن إدارة بايدن عازمة على السير في حل الدولتين لقضية فلسطين، و اجهاض ما عمل له ترامب فيما يسمى بصفقة القرن، وهذا يعزز من وضعية النظام الأردني في مواجهته لمخطط نتنياهو وحلفائه في الخليج.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. https://arabic.rt.com/middle_east/1219315-واشنطن-بايدن-أكد-في-مكالمة-مع-ملك-الأردن-على-دعم-بلاده-حل-الدولتين-في-النزاع-الفلسطيني-الإسرائيلي/ واشنطن: بايدن أكد في مكالمة مع ملك الأردن على دعم بلاده لحل الدولتين في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي
    تاريخ النشر:07.04.2021 | 18:04 GMT |

    07.04.2021 | 18:16 GMT | أخبار العالم العربي
    روسيا اليوم
    واشنطن: بايدن أكد في مكالمة مع ملك الأردن على دعم بلاده لحل الدولتين في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي

    أفاد بيان للبيت الأبيض، اليوم الأربعاء، بأن الرئيس جو بايدن أكد في مكالمة مع ملك الأردن عبد الله الثاني على دعم الولايات المتحدة لحل الدولتين في النزاع الفلسطيني الإسرائيلي.

    بايدن يعرب في مكالمة مع الملك عبد الله الثاني عن تضامن الولايات المتحدة مع الأردن
    وجاء في البيان أن “بايدن تحدث اليوم مع العاهل الأردني للتعبير عن دعم أمريكا القوي للأردن وللتأكيد على أهمية قيادته بالنسبة لأمريكا والمنطقة”.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى