مقالات

بين المستعمر الغاصب و المستبد الفاسد

محمد عماد صابر

برلماني مصري سابق
عرض مقالات الكاتب

تصدر حملة “مقاطعة المنتجات الفرنسية ” عربياً للشهر السادس على التوالي في العديد من الدول العربية، وفي المقدمة مصر كرد فعل على تأييد الرئيس الفرنسي ماكرون للإساءة إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم بزعم حماية حرية الرأي والتعبير ،دلالات مهمة :

• تأكيد مكانة الإسلام ورسوله صلى الله عليه وسلم بين العرب والمسلمين رغم الواقع المتراجع على مستوى الأفكار والقيم والسلوك لكن تبقى المشاعر عنوان لا يخطئه نظر ،

• أجواء من الفرص المتاحة عمليا أمام الدعاة والمصلحين لتوظيف هذه المشاعر الإيجابية في بناء الشخصية الإسلامية على مستوى الفكر والسلوك ، بناء يراعي تحديات الواقع واحتياجاته و طموحات المستقبل وأدواته ،

• بناء يعبر عن رؤية الإسلام في إعداد الكفاءات والقيادات ، وبناء عموم الإنسان بالمعايير والمواصفات ، إنسان الحاضر رغم تعثره وليس إنسان الماضي رغم تحضره ، إنسان المجتمع والدولة وليس إنسان الجماعات و الأشخاص والأحزاب وإنسان الأنظمة والمؤسسات ، فيكون الصراع و الاستقطاب والانقسام والتشرذم

• الانتقال بوعي الإنسان العربي والمسلم من النظر إلى الأسماء إلى التعامل مع المسميات ، فيقف بصلابة وصمود أمام المستعمر غير المسلم يقاوم ويدافع ويتحمل ولا يستسلم ، لكنه أمام المستبد الفاسد قد يكون جزء من فساده واستبداده ، فالواقع يؤكد أن المستبد الفاسد أشد خطرا على البلاد والعباد من المستعمر الغاصب على مستوى الحقوق العامة وفي مقدمتها الحق في الحياة والحريات والثروات بل وتقدم المجتمعات

• مراجعة التجارب والنماذج للوصول إلى خلاصات التغيير والإصلاح المنشود واعتبار رأي الشارع ورؤيته ، وعدم التعامل معه وكأنه تابع أو فاقد الأهلية ، وعندما تتعثر الخطوات تخرج الشعارات والمقولات ” نحن مع الشعب وخلف الشعب “

وأخيراً ، رغم حجم التحديات وكثرة العقبات والعثرات إلا أن فرص النهوض والتحرر من القيود مازالت متاحة ، شرط توفر الرؤية والإرادة وحسن الإدارة .

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. الاستعمار القديم – و على الأخص البريطاني – كان أكثر ذكاءً من المستعمر الجديد فلقد منح أمتنا بعد تجزئتها استقلاليات وهمية و قامت بتنصيب طراطير نواطير “أراجوزات ” كمتحكمين ظاهريين بينما كانت سفارات و مخابرات الاستعمار تدير كل شيء في أي بلد من وراء ستار . بعد وراثة الاستعمار الجديد للقديم ، استمر على نهج القديم في الاختباء حتى تقريباً عام 1980 حيث بعد ذلك صار واضحاً لكل ذي عقل يفكر و يتابع من أبناء أمتنا أن الأراجوز و بطانته لا يملكون من أمرهم شيئاً و أنه لا يوجد من بين هؤلاء من يقدح شيئاً من رأسه ، و بالفعل كما تفضلت يا أخي كاتب المقال صار (المستبد الفاسد أشد خطرا على البلاد والعباد من المستعمر الغاصب على مستوى الحقوق العامة) . ما خدم هذا التوجه هو صلف و حمق الاستعمار الجديد (الذي يشبه المستعمر الفرنسي الذي قال عنه أمير الشعراء أحمد شوقي رحمه الله : رَماكِ بِطَيشِهِ وَرَمى فَرَنسا ** أَخو حَربٍ بِهِ صَلَفٌ وَحُمقُ ). و لذلك انكشفت اللعبة للجزء المخلص من النخبة المثقفة و يزداد انكشافها يوماً بعد يوم . مع أن الأجواء في ظاهرها غير مواتية للتغيير والإصلاح المنشود لكن طبيعة المجتمعات تشبه تسخين المياه حيث تكون الجزيئات في حركة تتعاظم و بشكل “مفاجئ” يبدأ الغليان . الاستبداد فيه تسحين هائل للجماهير و ما يبدو من خضوعها للاستعمار و أذنابه لن يستمر بعون الله . رغم ضرباتهم المسبقة و مكرهم و كيدهم و سدَهم للذرائع و عملهم الدائب لإفساد الناس ، لن يفرح أعداء الله بدوام الحال فعقلياً و منطقياً (دوام الحال من المحال) .

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى