أخبار عاجلة

حرفة صناعة القش.. تراث دمرته حرب اﻷسد

المكتب الإعلامي في الداخل – رسالة بوست
حولت حرب الأسد على معارضيه معظم الحرف التراثية إلى رفوف الذكريات والنسيان… ووحدها بعض العوائل التي امتهنت قديما تلك المهنة تحاول التمسك بها، على أمل أن تتغير الظروف… ينسجون من “القش” ما يعيد إليه الروح، ويركن جانبا حتى “موعدٍ لاحق”.
صناعة القش:
ويروي عبد الناصر، اسم مستعار ﻷسباب أمنية من أبناء مدينة دمشق، أنّه ورث حرفة “صناعة القش” عن جده، لكنه ومنذ أكثر من 6 أعوام أغلق محله، الكائن في وسط دمشق القديمة، بعد أن بقي لوحده، واختفى عماله بين لاجئ ومعتقل.
وأضاف عبد الناصر؛ “الجدوى اﻻقتصادية من متابعة ممارسة المهنة، باتت تؤكد أنّ اﻻستمرار يعني الخسارة الحتمية وإضاعة المال والوقت”.
وأردف؛ “معظم زبائني من السيّاح اﻷجانب… حرب اﻷسد أبعدتهم عن البلد”.
ويذكر أن حرفة صناعة القش الطبيعي، يدخل فيها “القمح” كمادة أولية، وبديلة عن أعواد “النايلون” التي تستخدم مؤخرا، ويرى عبد الناصر أنه ﻻ روح في اﻷخيرة.
مجرد خرابة:
ويؤكد عبد الناصر أنّ محله المختص بصناعة القش، تحول إلى خرابة، لا ضجيج إﻻ للذكريات فيه، وأغلق أبوابه بانتظار تغير الظروف.
ورغم توقفه عن ممارسة حرفته في “صناعة القش”، وتحوله لمهنة أخرى، يصر عبد الناصر، في المحافظة على محله، فهو يرى أنّ أوﻻده سيرثون المهنة عنه، في حال تبدلت الظروف.
لماذا تراجعت حرفة القش؟
ويروي عبدالناصر، ظروف تراجع حرفة “صناعة القش الطبيعي” قائلا؛ ” تعتمد هذه الحرفة اليديوية على ما ينتج من قش القمح، وكنا نشتريه مما تجمعه كبيرات السن، في محافظة السويداء وغيرها، بعد قيامهن بتخليصه من السنابل التي تُدق للحصول على القمح”.
وتابع عبد الناصر؛ “نعمل على معالجة القش ونقعه بالماء ثم، نصبغه بألوان محددة، ونباشر صناعة “القجة” وهي وعاء يشبه السلة، ويحمل رائحة طيبة لأن عيدانه طبيعية لم تخلط بأي مادة كيميائية، وكذلك “القفة” وهي أكبر من “القجة” وتستخدم عادةً في البيوت لحفظ المونة كالبصل ولها استخدامات أخرى”.
وتراجعت تلك الحرفة بسبب فقدان البلاد لعنصر السياحة حسب عبد الناصر إضافة لغياب اليد العاملة، وعدم جدواها معيشيا، ويصنفها عبد الناصر كمادة كمالية في البيوت، استغنت عنها النسوة بغيرها، خاصة مع ارتفاع اﻷسعار، وعدم دعم المهنة من طرف ما يسمى “نقابات الحرف اليدوية” التابعة للنظام.
وتابع عبد الناصر؛ “حرب اﻷسد دمرت البلاد… وقطعت الطريق على السيّاح اﻷجانب والعرب… وهؤلاء هم رصيدنا وزبائننا”.
عن ذكريات الحرفة:
ويروي عبد الناصر، أنه كان يبدأ باكرا مع عماله، في تجميع العيدان التي يحرص أن تكون رطبة لسهولة لفها، ثم تجميع سيقان القمح بأحجام مختلفة، كبيرةٍ او صغيرة حسب طلب زبائنه، وتبدأ عملية لف العيدان الأخرى، وتنتهي بالشكل الدائري المتين… وبعضها يعلّق على واجهة المحل لجذب السائحين اﻷجانب”.
وأضاف؛ “كأس الشاي الساخن يلازمنا… وفيروز على المذياع… وغيرها من المناكفات التي تدور بين العمال… بقيت مجرد ذكريات داخل محلٍ مغلق مع بقايا القش الذي تركناه قبل إقفال بوابته”.
انتهت حرفة “صناعة القش” إلى رفوف الذكريات والنسيان…، على أمل أن تتغير الظروف… أنسج مع أوﻻدي بعض السلال وأحيانا لا نكملها، وبعضها مما اكتمل يستخدم للتدفئة أو يركن جانبا حتى “موعدٍ لاحق” لعل الروح تدب فيه.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

“تحت التعذيب سأعترف بأي شيء”.. .سجناء سوريون في “المسلخ” اللبناني

يوثق هذا التحقيق معاناة السجناء السوريين في رومية وغيره من مراكز التوقيف والتحقيق، بناءً على …