مقالات

حسناء.. خنساء سورية

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

لا ندري لمَ يُصرُّ البعض على وضع أنفسهم في مضاهاة ومقارنة مع آخرين وهم يدركون أن هذه المضاهاة والمقارنة لن تكون لمصلحتهم بحال من الأحوال..

فوجىء أحرار سوريا وثوارها اليوم وأصابهم الذهول والحيرة بقرار غريبتنقصهالحكمة،و
يعتبر سابقةّخطيرة لم يعتدْ الأردن على اتخاذ مثلها في تاريخها الذي نعرفه عنها.

فقد قامت المخابرات الأردنية باستدعاء الحرة الثائرة حسناء الحريري وقامت بإبلاغها بضرورة مغادرة المملكة الأردنية في موعد أقصاه ١٥ من الشهر الجاري هي واثنين من أبنائها وأطفالهم ومعهم شخص آخر وإلا ستقوم الاستخبارات بتسليمهم إلى النظام وطغمته.

حسناء الحريري تُعرف لدى الشعب السوري بخنساء سوريا،ولها من المكانة العالية في نفوس
الأحرار ما لها فهي زوجة شهيد مع أربعة من إخوته، وأم لثلاثة شهداء،وأزواج بناتها الأربع كذلك شهداء، أما هي فقد اعتقلت في سجون النظام لسنتين ونصف وتعرضت لشتى أنواع التعذيب النفسي والجسدي في المعتقلات التي حلت فيها وجه إليها النظام تهما كثيرة من بينها مساندة الإرهاب وتقديم العون للإرهابيين وتعتبر خنساء سوريا شاهد ملك على جرائم النظام وما كان يحصل في المعتقلات التي اعتقلت فيها.

قرار الحكومة الأردنية بطرد حسناء الحريري خنساء سوريا ضربة نجلاء في قلب الثورة السورية وهي التي تعتبر رمزًا من رموزها،ورمز
للتضحيات التي قدمتها الثورة السورية من دماء متمثلة بحسناء.

فإذا كانت الحكومة الأردنية قد استقبلت السيدة رغد صدام حسين
وأكرمتها الكرم الذي تستحقه السيدة رغد، وأحسنت مثواها،ومنعت وبشدة أن تسلمها إلى بغداد لإنها تعرف ماذا يعني تسليمها لها ، فإذا كانت الحكومة الأردنية لم تسلم رغد فمن باب أولى ألا تقوم أيضًا بطرد حسناء الحريري من البلد الذي لجأت إليه طريدة شريدة لتسلمها لجلاديها وهي تعرف أي- الحكومة الأردنية- ماذا يعني أن يسلم ثائر إلى النظام. والحكومة الأردنية تعرف أيضًا ما تمثله حسناء الحريري من مكانة عظيمة لدى الشعب السوري الثائر.

قرار الحكومة الأردنية هذا يمثل انحيارًا من جانبها لتضحيات ولدماء قدمها الشعب السوري الحر على طريق استعادة حريته وكرامته المسلوبة.

ردود الأفعال الكبيرة حول اتخاذ الأردن هذا القرار وهذه الخطوة وما يُمثّلُه كما رآه الشعب السوري الحر اصطفافًا للحكومة الأردنية إلى جانب قاتل الشعب السوري وتأييدًا لما يقوم به النظام من جرائم..

قرار الحكومة الأردنية بطرد”حسناء الحريري خنساء سوريا”فتحَ الباب على مصراعيه لأن يتقدم أناس آخرين ويعلنوا رغبتهم في استقبالها مع أولادها،وأحفادها وستجعل من الأردن في وضع حرج جدًا، لم نكن نحن السوريون نتمنى أن تضع الحكومة الأردنية نفسها فيه، فهو سيجعلها في موضع مقارنة ومضاهاة مع من سيستقبل حسناء ورفاقها،وهي مضاهاة خاسرة ليست بمصلحة الأردن وشعبه قولًا واحدًا.

حسناء خنساء سوريا لا تستحق من الأردن أن يتخذ بحقها قرار كهذا
فالأردن العربي الهاشمي وملكه من المستحيل أن يوافق على خطوة كهذه تتخذها حكومته فالأردن وملكه لا أظنه يرتضي أن يُذلُّ النفوس الكرام، وهو الذي اعتاد على إكرامهم ويُعلي من شأنهم كما هي عادة النشامى الأردنيون،

فالنجاشي وهو غير المسلم وغير عربي رفض أن يطرد المسلمين من بين ظهرانيه ويسلمهم إلى قريش،أفيطردُ ويُسلِّم العربي الهاشمي المسلم من التجأ إليه طريدًا لقاتليه؟!

حسناء خنساء سوريا ومن هم مثلها إنما هم خير لمن تحِلّ بين ظهرانيهم ومن فاته حُسنُ
استقبالهم فقد فاته خير كثير،وهي تزيد من هم في ضيافتهم عزًا وفخرًا يضاف إلى رصيد عزهم وما يفتخرون به.

وسائل التواصل الاجتماعي لم تترك شيئًا مستترًا ،فالمستتر معها بات مكشوفًا وظاهرًا، ولولا إذ ذاك لقلنا لحكومة الأردن كما قال
الإعرابي لمن أكرمه وأقله معه على حصانه وفي النهاية سرق حصان وانطلق فما كان من الإعرابي إلا أن ناداه قائلًا: مباركٌ عليكَ حصاني،
ولكن لي رجاء عندك وهو ألا تخبر بالذي كان منك ومني لئلا تذهب المروءة بين الناس وما نظن الأردن حكومة وشعبًا وملكًا بوارد أن يقبلَ بذهاب المروءة بين الناس وهو الذي يشجع عليها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى