مختارات

“مراسيم الفجر” تهز الليرة التركية.. والأسواق في صدمة

أصدر الرئيس التركي، رجب طيب إردوغان مرسوما رئاسيا أقال فيه نائب رئيس البنك المركزي، مراد جيتين كايا، في هزة جديدة للسلطة النقدية في البلاد، وانعكست بأثر سلبي على قيمة الليرة التركية في سوق العملات الأجنبية.

جاء ذلك بعد أسبوع فقط من إقالة رئيس البنك المركزي، ناجي أغبال، وتعيين شهاب قافجي أوغلو بدلا عنه.

ووفق المرسوم الرئاسي الذي صدر فجر الثلاثاء فقد تم فصل جيتين كايا بموجب المادة 33 من المرسوم التشريعي رقم 375 والمادة 2 من المرسوم الرئاسي رقم 3.

وتم استبداله بمصطفى دومان الذي كان يشغل منصب المدير السابق لشركة الاستثمار الأميركية، “مورجان ستانلي”.

وانعكست آثار القرار بشكل فوري على سعر صرف الليرة التركية في سوق العملات الأجنبية، ووصلت مع افتتاح السوق في البلاد صباح الثلاثاء إلى حد 8.36 مقابل الدولار الأميركي، وفي المقابل وصل سعر غرام الذهب إلى حد 453 ليرة تركية.

ويتوقع اقتصاديون أتراك أن تشهد الليرة التركية في الأيام المقبلة سلسلة من التدهور، لاسيما مع غياب الصورة الكاملة التي ستكون عليه السياسة النقدية، والتي تتميز بخاصية فريدة في تركيا، قياسا بباقي بلدان العالم.

وفي أقل من عامين أقال إردوغان ثلاثة محافظين للبنك المركزي، الأول هو مراد تيشتين قايا وتلاه مراد أويصال، وصولا إلى إقالة ناجي أغبال منذ أسبوع. 

ويعتبر ما سبق مؤشرا على عدم استقلالية قرار المصرف المركزي، حسب مراقبين أتراك، الأمر الذي سيلقي بظلاله على الأسواق التركية في الأيام المقبلة، لاسيما مع استمرار تدهور الليرة التركية إلى مستويات قياسية.

من هو نائب المحافظ الجديد؟ 

وحسب رصد موقع “الحرة” يتمتع مصطفى دومان نائب محافظ البنك المركزي الجديد بخبرة لسنوات عديدة في قطاع التمويل الدولي، وكان قد شغل العديد من المناصب الهامة، لاسيما في بنك البرتغال ومورجان ستانلي.

دومان من مواليد 1969، وتخرج من قسم إدارة الأعمال في جامعة الشرق الأوسط.  

بعد ذلك أكمل ماجستير في إدارة الأعمال في إحدى جامعات لندن، ونال أيضا درجة الماجستير في أسواق رأس المال في المعهد المصرفي بجامعة مرمرة التركية.

في يناير 2013 عين دومان نائبا للمدير العام لشركة الاستثمار “مورجان ستانلي”، ومنصب المدير العام بالوكالة منذ فبراير 2020، ونائب رئيس مجلس الإدارة منذ مارس، والمدير العام بشكل شخصي في أغسطس 2020.

خلال حياته المهنية المصرفية عمل دومان في مناصب التدقيق والخزانة وإدارة المخاطر والإدارة المالية.
وشارك في بنك وشركتي سمسرة كجزء من الفريق المؤسس، كما أنه أدار العمليات والفرق في مشاريع مهمة في مجالات عمل مختلفة.

محطة فاصلة قبل وبعد أغبال

دينيز أيدن تاجر تركي ويملك شركات صرافة في حي أكدنيز وسط إسطنبول يقول في تصريحات لموقع “الحرة” إن “السوق في البلاد ماتزال تترنح حتى الآن دون أي خيط لما هو قادم”.

ويضيف أيدن: “نحن الآن في صدمة ما بين الإقالة والتعيين.. الليرة التركية دخلت في نفق لا تعرف نهايته. لكن المعروف هو أنها لن تعود إلى أيامها الماضية أي إلى ما دون حاجز 8.00 مقابل الدولار الأميركي الواحد”.

 تحدث التاجر التركي خلال حديثه عن فترة تولي المحافظ السابق، ناجي أغبال وأشار إلى تدفقات كبيرة من الأموال كان قد شهدها الاقتصاد التركي في تلك الفترة، وخاصة من المستثمرين القادمين من الخارج.

ويوضح أيدن: “أغبال أعاد الثقة ولو بشيء قليل للاقتصاد التركي، لكن إقالته حطمت ما بناه على مدار خمسة أشهر. الآن غالبية أموال المستثمرين غادرت بشكل فوري بسبب الصدمات المتلاحقة التي شهدتها السياسية النقدية للبلاد”.

“إحصائيات تظهر الفرق”

 وحسب بيانات معهد التمويل والبنك المركزي التركي فقد شهدت فترة تولي المحافظ السابق، ناجي أغبال تدفقا للأموال نحو الاقتصاد التركي.

 وتتوزع التدفقات على 16 مليار دولار من خلال المقايضة بين الليرة والعملات، و4 مليار دولار لشراء سندات حكومية مقومة بالليرة، بالإضافة إلى 700 مليون دولار صافي التدفقات نحو الأسهم، و4 مليار دولار تدفق نحو السندات السيادية المقومة بالعملة الأجنبية، بما فيها سندات الشركات والقروض.

وعقب إقالة أغبال ووفقا للإحصائيات المذكورة فقد فقدت الليرة التركية أكثر من 11 بالمئة من قيمتها في بداية التداول، وتستمر على هذا المنوال حتى الآن.

في المقابل خسرت بورصة إسطنبول 10 بالمئة من قيمة المؤشر الرئيسي، أما فيما يخص الأموال المتدفقة فقد غادرت في فترة يومين بعد قرار الإقالة الذي صدر من إردوغان، إلى جانب خسائر ضربت استثمارات المستثمرين من الخارج والداخل.

“ضبابية بشأن القادم”

في تصريحات له لوكالة “بلومبيرغ” منذ يومين قال محافظ البنك المركزي الجديد، شهاب قافجي أوغلو إنه لا يمكن الحكم مسبقا بشأن خفض أسعار الفائدة في أبريل المقبل أو الأشهر المقبلة من لجنة السياسة النقدية.

وأشار إلى أنهم في الفترة الجديدة، سيواصلون اتخاذ قراراتهم من خلال نهج السياسة النقدية المؤسسية لضمان استمرار انخفاض التضخم، وأضاف: “سنراقب أيضا تأثيرات خطوات السياسة النقدية التي تم اتخاذها حتى الآن”.

 ولفت قافجي أوغلو إلى أنهم ملتزمون بتحقيق هدف انخفاض التضخم إلى ما دون الـ5 بالمئة، رافضا التعليق على القرارات المتخذة من سلفه ناجي أغبال، الذي أقاله الرئيس التركي مؤخرا.

وسبق وأن أعلن وزير المالية التركي، لطفي علوان أن الحكومة التركية “ستواصل تنفيذ السياسات المالية الهادفة لدعم استقرار الأسعار بطريقة مكملة للسياسة النقدية”. 

وأضاف في تصريحات لوكالة الأناضول مطلع الأسبوع الماضي أن “أولوية خفض التضخم الذي نطبقه في إطار السياسة الكلية، مستمرة حتى يتم تحقيق انخفاض دائم في التضخم”. 

ويحبذ الرئيس التركي، الذي أقال ثلاثة محافظين للبنك المركزي في أقل من عامين، معدلات فائدة منخفضة كجزء من استراتيجية لتشجيع النمو.

وكان قد عارض السياسات التي وضعها أغبال بما فيها رفع أسعار الفائدة، في محاولة لمكافحة التضخم ومساعدة تركيا على التراجع عن شفا أزمة اقتصادية. 

المصدر : الحرة

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى