ثقافة وأدب

ضَيفُ السَّماء

إسماعيل الحمد

شاعر وأديب سوري
عرض مقالات الكاتب

في رثاء المرحوم بإذن الله تعالى
فضيلة الشيخ محمد على الصابوني الذي مر على رحيله عشرة أيام .

على شَرَفٍ تَلقّاهُ التُّرابُ

فَطارَ بِهِ لِبارئِهِ السَّحابُ

تَغمّدَهُ الَّذي أعطاهُ عِلمًا

بِمَنجًى لَيْسَ يُخزيهِ مَآبُ

فلا أسَفًا على دُنْيا جَفاها

كَأَنّ هَوانَها عَجَبٌ عُجابُ

جَناحَ ذُبابةٍ لَيسَت تُساوي

وَساءَ مَكانةً فيها الذُّبابُ

فلمْ يُخدَعْ بِما أغرتْه مِنها

وأيقَنَ أنَّ بارِقَها سَرابُ

طوَى فيها الحَياةَ على يَقينٍ

مَتينٍ أنَّ آخرَها حِسابُ

وَعاشَ لِرحمةٍ في يَوْمِ عَدلٍ

نِهايَتُه ثوابٌ أوْ عِقابُ

وَجالَ بها يُعمِّرُها بِعِلمٍ

ودِينٍ لَيْسَ يُدركُهُ الخرابُ

فَجدَّفَ في تحدّي اليَمِّ مِنْها

بِصاريةٍ يُغالِبُها العُبابُ

مَشَتْ فيهِ السِّنينُ تمُرُّ تترى

تَئِنُّ بِهِ الفُتوّةُ والشَّبابُ

إلى الخمسين فالسّبعين أفضَى

وأولَجَه إلى التّسعينَ بابُ

طَواهُ مُغيّبُ الأعمارِ لمَّا

قَضَى أجلًا فَغيَّبه الغِيابُ

وَبانَ عَنِ العُيونِ وظلَّ فيها

يُذكِّرُها بِسيرَتِه الكِتابُ

( فَصفوتُه) التي طابَت مَذاقًا

بِطَعمِ الشَّهدِ غَشّاهُ الرّضابُ

سَقَاها الظَّامِئِينَ فَطابَ مِنها

لِشاربِها على الظَّمَأِ الشَّرابُ

بَكَتْ شُهُبُ السَّماءِ عَلَيهِ حُزنًا

وضَاقَت أن هَوَى مِنها شِهابُ

فَكَمْ غامَت عُيونٌ شَيَّعَتْهُ

بأدمُعِها وجَلَّ بِها المَصَابُ

فيا ضيفَ السَّماءِ حلَلْتَ أهلًا

وطابَ النّزلُ وابتَهجَ الرِّحابُ

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى