أخبار عاجلة

الأوكسجين الطبي.. فاقد الشيء كيف له أن يعطيه؟

جهاد الأسمر

كاتب ومحامٍ سوري.
عرض مقالات الكاتب

في خطوة وصلت إلى حدِّ الدّهشة فوجىء السوريون بمكرمة من رأس النظام تبرع من خلالها بكمية من الأوكسجين الطبي للبنان هذه الدهشة تمثلت بالسرعة التي نقل الأوكسجين إليه.

جاءت هذه المكرمة تتويجًا لزيارة قام بها وزير الصحة اللبناني”حمد حسن”التقى خلالها نظيره وزير صحة النظام “حسن غباش” والتي وعد خلالها الأخير بتقديم ٧٥ طنًّا من الأوكسجين الطبي إلى لبنان و قد تم شحن دفعة أولى من هذه الكمية وقدرها ٢٥ طن على أن يتم شحن الكمية المتبقية في غضون يومين قادمين، ولم يطل الإعلان عن هذه المكرمة من قبل وزير صحة النظام حتى سمع السوريين بأن الشحنة قد وصلت لبنان بالسرعة الكلية التي أدهشتهم نقله فيها والبعض أن الأوكسجين الطبي قد وصل لبنان حتى قبل أن يعلَنُ عنها رسميًّا.

اليوم فاجأت مستشفيات لبنانية نظام الأسد وأكدت أنها ليست بحاجة لهذه المكرمة التي أُعلِن عنها، فقد أكد مدير مشفى رفيق الحريري في بيروت الطبيب”فراس الأبيض” على هذه الشحنة معلِّقا :”إن اسطوانات الأوكسجين الموجودة في المشفى تكفيها لعدة أيام وليس لديه نقص بها”.
ونقلت مصادر أخرى أن مدير مشفى الياس الهراوي في زحلة الطبيب “جان حمصي” قوله:”إن إدارة المستشفى لم تطلب دفعة جديدة من الأوكسجين وأن لديها ما يكفيها إلى حين أن ترسل الشركة المتعاقدة مع المشفى ما هي بحاجته”

يبدو جليّا أن الهدف من الإعلان عن هذه المكرمة تأتي للتغطية على الأزمات الداخلية التي تعصف بالنظام اقتصاديًّا وسياسيًّا ،وأمنيّا،ولعلها أيضا تأتي بمثابة رشوة للمسؤولين اللبنانيين الذين يغضون الطرف عما يحدث في معابر لبنان من تهريب وذلك بتعاونهم مع النظام للتحايل على قانون قيصر الذي فعل ما فعل بالنظام.

السوريون اعتراهم الذهول والدهشة من السرعة القصوى التي تم فيها شحن الأوكسجين الطبي إلى لبنان وتسآءلوا وحقَّ لهم أن يتساءلوا: تُرى لو تعلّق الأمر بنقل هذا الأوكسجين إلى أي مكان في سوريا هل كان سيتم نقله بالسرعة نفسها التي جرى نقله فيها إلى لبنان؟وبين من تسآءل ساخرًا ومتهكماً:أن من انتزعَ الأوكسجين من صدور السوريين بالكيماوي قد سجّل رقمًاقياسيّا بسرعة نقله إليهم وقتلهم فيه،هذا الرقم القياسي ربما لم يحطمه الرقم الذي سجله نقل الأوكسجين الطبي إلى لبنان على الرغم من السرعة التي نقل فيها مع فارق أن هذا يبعث على الحياة وذاك يبعث على الموت.

الأجدى بمن يتبجح بمنح الأوكسجين الطبي للغير أن يعطي هذا الأوكسجين لمن هم الأشد عوزا وحاجة إليه،أوليس المعتقلين الذين تغص بهم سجون ومعتقلات النظام ويكاد المعتقلون فيها أن يختنقوا لانعدام الأوكسجين في زنازينهم هم الأكثر حاجة إليه فهم لا يطلبون أوكسجين طبي بل ما يطلبونه الأوكسجين الإلهي الطبيعي الذي بات من المحرمات التي يحتاج إلى مكرمات من النظام ليستنشقونه وهم مكدسون فوق بعضهم البعض،والجميع يعرف الدوافع والبواعث لمنح مثل هذه المكرمات من هذا النظام والغاية القصوى التي يرجوه منها
ولكن عندما يتعلق الأمر بالأشد عوزا بالأوكسجين فهو يضن به عليهم حتى أضحت المعتقلات والسجون قبورًا لهم ولا ندري هل ما زالوا في معتقلاتهم قبورهم يتنفسون؟

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني.

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً

إطلاق سراح الإرهابي أسد الله أسدي.. متنفس لملالي طهران في الوقت الضائع لسقوطهم الحتمي

نظام مير محمدي كاتب حقوقي وخبير في الشأن الإيراني ستكون عملية إطلاق سراح …