مقالات

فوائد ترشيد الخطاب الإعلامي

محمد علي الباز

كاتب وباحث في العلوم السياسية
عرض مقالات الكاتب

تعمل وسائل الإعلام كأداة تثقيف للمجتمعات وتوعيتها أو تطويعها وتوجيهها وربما ترهيبها وتدجينها، وصدرت العديد من البحوث والدراسات التي تناولت هذه الأداة وتأثيراتها فى المجتمعات والشعوب.

برزَ على الساحة الإعلامية بشكل كبير جداً اللقاء الأخير الذي جمع قيادات من الدولة التركية ومديري قنوات المعارضة المصرية طلباً لضبط المحتوي لهذه القنوات وتهذيبه.

وما يهمنا هنا كيف ستنعكس هذه التطورات على المجتمع المصري؟ الذي منه شريحة كبيرة متابعة لهذه القنوات وبرامجها. سواءً اتفقنا أو اختلفنا فى التناول الإعلامي لهذه القنوات من حيث المهنية، إلاّ أنّ الكثير وربما الجميع متفق تماماً على عدالة القضية التي تتبناها هذه القنوات، وبالرغم من أنها قضية عادلة إلاّ أننا نؤكد على رفضنا الخروج على ميثاق الشرف الإعلامي وعن المهنية فى التناول، وياحبذا لو أنّ هذا الضبط كان قد جاء من تلقاء هذه القنوات والعاملين عليها.

وقد شكّل الخطاب الإعلامي المصري فى الداخل والخارج حالة من الشقاق داخل المجتمع المصري، والحقيقة التي لا يغفل عنها أحد أنّ الأثر الأكبر لهذا الشقاق كان بسبب الآلة الإعلامية للنظام التي تحرض على القتل وتحض على الكراهية، هذا الإعلام الذي يرتزق من قوت الشعب المصري وفى نفس الوقت لا ينفك يمزقه ويحرض بعضه على قتل بعض، دون أدني اعتبار للمهنية أو حتى للإنسانية.

تحولت مجموعة إعلام النظام المصري من فريق لتأيد النظام وقراراته إلى حالة من الهستريا بالتحريض على القتل وتناول الأعراض والسب والقذف ليلاً ونهاراً، فى حالة مرضية ليس لها علاج.

إنّ من أهم فوائد هذه التهدئة أن يهدأ بال المواطن المصري ولو قليلاً، بعيداً عن العصبية والحزبية، وبعيداً عن السباب والتراشق بالألفاظ، ربما يتمكن من إعادة تقييم الأمور والأحداث والمواقف، ما يمكنه من بناء وجهة نظر عادلة، بعيداً عن المعادلة الصفرية التي يروج لها إعلام النظام.

على النظام المصري إن كان صادقاً فى توجهه نحو المصالحة، أن يسعى لضبط الآلة الإعلامية، ويبحث عن مجموعة إعلامية جديدة، لم يخوضوا فى الدماء ولم يحرضوا علي العنف ولم تمتلئ ألسنتهم بالصفاقة والسوقية. ومصر مليئة بالكفاءات والكوادر، ربما على الأقل يكونوا أعف يداً من هؤلاء الذين امتلأت بطونهم وجيوبهم من أموال الشعب.

وعلى الإعلام المصري المعارض أن يعي أن عدالة القضية لا تبرر الوسيلة، وأن عدالة قضيته لا تخوله الحق فى الخروج على الثوابت الإعلامية المعروفة مهما كانت المبررات حتى لا يتمزق نسيج  الشعب الاجتماعي .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى