مقالات

سورية عقد من الثورة ، ولا ضوء في نهاية النفق!

أحمد الهواس

رئيس التحرير

عرض مقالات الكاتب

بعد انطلاقة الثورة السورية بأشهر واستخدام روسيا والصين لحقّ النقض ” الفيتو” ضد قرار في مجلس الأمن يدين النظام المجرم في سورية ، استضافتني قناة المجد في القاهرة ، وقد سألني المذيع “عبد الله حمزة” عن الفيتو الروسي الصيني المزدوج ، فقلت هو فيتو أمريكي ولكن يد المندوب الروسي ارتفعت ، فأمريكا تختبئ خلف الفيتو الروسي ولو أرادات لنقلت الملف للجمعية العامة للأمم المتحدة تحت بند الاجتماع من أجل السلم وتجاوزت الفيتو الروسي الصيني !

نظر إلي مستغربًا ، وقال وما مصلحة أمريكا في معاداة الشعب السوري ودعم النظام الذي يدّعي المقاومة والممانعة ؟!

بعيدًا عن إجابتي الحرفية لكذبة حلف  “المقاولة والمماتعة” وحقيقة موقف أمريكا من الثورة السورية ، والثورات العربية ككل ، فإن عشر سنوات مرّت منذ أن فجّر أطفال درعا الثورة التي سرعان ما عمّت سورية من جنوبها إلى شرقها ومن غربها إلى شمالها ، تستوجب وقفة فيما مضى ، وهل أخطأ السوريون فيما ذهبوا إليه أم أنّ واقعًا قاسيًا أرادوا تغييره فاصطدموا بدول كبرى وبناء رسمي عربي وأحلاف عقدية ومذهبية ووراء كل هؤلاء القوى العظمى الوحيدة في العالم ، وكيف ستنتهي مأساة شعب طالب بأبسط حقوقه بكونه صاحب السيادة ومصدر السلطات ؟!

كانت الثورة السورية سياقًا طبيعيًا وحركة منطقية في ظل الحراك العربي الثوري الذي بدأ في تونس وامتد لمصر وليبيا واليمن ، فضلاً عن احتجاجات في عُمان والبحرين ، ودعوات للحراك في الجزائر والأردن والعراق ، أي أنّ المنطقة العربية أصبحت تموج بثورات أو دعوات للتغيير ، تغيير لن يتوقف عند حدود كل “كيان” بل سيهدم بناء كاملاً وربما يفضي لتغيير على مستوى العالم ، وهذا أمر ممنوع عملت على تعطيله القوى الكبرى خلال مئة عام مضت .

لم يكن النظام في سورية قادرًا على مواجهة الثورة الشعبية التي تداخلت عوامل متعددة في إطالتها أو على الأصح إطالة عمر النظام ، ولذلك كان لابدّ من تدخل القوى التي تعمل على الحفاظ على البناء الرسمي العربي ، وفي القلب منه النظام السوري ، لمنع انتصار الثورة السورية على وجه الخصوص والثورات العربية عامة!

على رأس هذه القوى ” الولايات المتحدة الأمريكية” القوة العظمى الوحيدة في العالم ، وصاحبة القرار الفعلي في السياسة الدولية ، وقد تعاملت مع الثورات العربية حسب حالة كل بلد ووجود الأذرع الخشنة التي تستخدمها أو القوى الناعمة التي تديرها ، ولهذا كان لكل  ثورة  تعامل يناسب وضع البلد ومكانته وبعده عن حدود الصهاينة ، واستخدمت أسلوب الخداع والسيطرة ، ولكنها اصطدمت بالثورة السورية ، وهي تدرك تمامًا أنّ أي تغيير في سورية يعني أن البناء الرسمي العربي أصبح في خبر كان ، أو كما وصف ذلك نائب وزير الخارجية نيكولاس بيرنز “بأن ما تشهده المنطقة العربية من متغيرات على أنه زلزال كبير، وأنه الأهم منذ سقوط الإمبراطورية العثمانية بعد الحرب العالمية الأولى، ونصح إدارة الرئيس باراك أوباما بأن تعيد حساباتها بصورة كاملة بما يتكيف مع المتغيرات الجارية ” فعملت على إطالة عمر النظام الذي سقط بالشرعية الثورية  وتمييع الثورة “بالمفاوضات” ،وصناعة كيانات سياسية  تمثل الشعب دون اعتراف سياسي أو قانوني ، وسمحت لإيران وروسيا بمقاتلة الثورة السورية حين أدركت أن النظام ساقط لا محالة ، وأن سقوطه سيؤثر على المصالح الأمريكية وأمن إسرائيل ،وهذا ما يذكره آندرو أكسم مستشار ومساعد وزير الدفاع الأميركي لشؤون الشرق الأوسط “لقد بدأ كل شيء صيف سنة 2015 عندما بدأ مكتبي في سورية بإشراف المدير صاحب الإمكانات الكبيرة، الدكتور ليج نولان بدعم من رئيسي في ذاك الوقت كريستين ورموث في تنسيق التخطيط بين الوكالات حول سيناريو في سورية التي رأيناها «نجاحاً كارثياً »  فبعد سنوات كافح فيها نظام الأسد لهزيمة التمرد المتواصل وفرضت فيها الدولة الإسلامية السيطرة على معظم شرق سورية

وبدأت بتهديد المدن السورية الرئيسة في الغرب أيضًا، انتابنا القلق من أن نظام الأسد ربما ينهار في النهاية، ومن أن حدوث هذا الانهيار سريعًا قد يشكِّل خطرًا على المصالح الأمريكية بما فيها أمن دولة إسرائيل.

وهي – أي أمريكا – كانت قد صنعت قبل ذلك حلفًا دوليًا لمقاتلة ما يسمى الإرهاب ، أدى لتدمير المناطق الشرقية ” الثرية” وتهجير أهلها بذريعة حرب داعش ، وتركت للنظام وحلفائه أن يصلوا لحدود العراق، ثم تعاونت مع فصيل إرهابي حزب العمال الكردستاني ” البككا” وصنعت ما يسمى قوات سورية الديمقراطية ” قسد” ومكنت هؤلاء من مناطق النفط والغاز ، حتى لا تسمح للجيش السوري الحر أو الثورة المسلحة بالعودة للمناطق التي كانت تحت سيطرة داعش ، وتفيد من موارد النفط والمنافذ الحدودية وتعيد إحياء الثورة مستدركة ما وقعت فيه من أخطاء سابقة وارتهان فصائلها للممول والداعم ، ولذا سارعت أمريكا إلى منع ذلك عن الثورة ،وهي التي منعت عن الجيش الحرّ قبل ذلك السلاح النوعي ، وعملت بالتعاون مع إيران على صناعة “داعش” لتحويل وجهة الرأي العام عن جرائم النظام الطائفي ضد شعب أعزل .

بعيدًا عن أخطاء الثورة ، وعن مطبّات ما يسمى المعارضة ، فإن الذي قاد المعركة ضد السوريين ، هي الولايات المتحدة الأمريكية ، وهي من استخدمت بشار الأسد في مجابهة الشعب السوري وتركته لمصيره ، وعملت على التغيير الديمغرافي بالتهجير ومن ثم التغيير العقدي بالتشييع ، وكل ما ستعمل عليه من حلول تبشّر بها السوريين بعد أن تطمئن أنّ سورية ” الدولة” لم تعد تشكل خطرًا على الصهاينة في حال زوال النظام الوظيفي أو تآكله وعدم استطاعتها إحيائه مرة أخرى ، أن تجعل سورية تحت سيطرة الأقليات بعد أن برزت الكيانات المجتمعية واقعًا على الأرض ، فقد استخدمت أمريكا بشار في مواجهة الثورة كما استخدمته وأباه من قبل في حكم الشعب السوري، وحين تقرر أن الدور انتهى ستفرض حلاً على الجميع دون مشورة قوى كبرى دولية أو إقليمية ،فالجميع يعمل ضمن المزاج والضوء الأمريكي ..

مقالات ذات صلة

‫4 تعليقات

  1. قولا واحدا أمريكا هي الداعم الرئيس وروسيا وإيران وحزب اللات اللبناني الإيراني وغيره من الميليشيات الطائفية الحاقدة كلها تعمل بدعم ومباركة منها بل وبتكليف منها ومن الكيان الصهيوني

  2. بعد أن حاصرت و ضربت ثم احتلت العراق عام 2003 و أعادته للعصر الحجري على رأي كيسنجر، مضت أمريكا في مشروع الفوضى الخلاقة الذي كان أكبر مقصد منه ضرب سوريا و تركيا . كان لا بد من تحريك شعب سوريا من خلال “استفزاز” درعا و ما تلاه من بطش و قتل غير معقول . لقد أرادت أمريكا تحطيم سوريا و تهجير المسلمين منها و استبدالهم بأصحاب الدين الشيعي الفارسي -هذا الدين ليس من الإسلام في شيء – . بطولات شعب سوريا استدعت أن تقوم أمريكا بطلب تدخل روسيا و هذا ما فعله أوباما و كيري . الوكيل الروسي مرتزق و يدفع أعراب الامارات و السعودية أجرة الوكيل بالصرماية الامريكية . معلوم أن الطراطير في بلاد العرب تآمروا على الثورة و اخترقوها بناء على أوامر أمريكا ، و نفس الطراطير يقومون بتمويل الجماعات الارهابية في شمال سوريا من أجل إيذاء تركيا المستهدفة الأولى لأمريكا .

  3. إستطاع النظام الطائفي النصيري أن يُوهم الغرب و أمريكا بأنه الجدار الفولاذي العلماني الذي تستند إليه جميع الإقليات و القوميات و لولاهُ لتشكل حلف إسلامي ينادي بالخلافة ا ل م ح م د ي ة هو كاذب و هذا ما يشكل خطر على فطيمتُها و أبنتُها المُدللة إسرائيل….فإستعمل ورقة الإخوان في الثمانينات من القرن الماضي كورقة يستطيع اللعب فيها بالمحافل الدولية و يطلب من الأمريكان و الغرب بأن يعيدو صياغة تعريف الإرهاب و هو مُدرس الإرهاب و هو الشيطان بأُم عينه و ما بعد اللعب على الوتر الطائفي أصبح اللعب بورقة حلف الممانعة و المقاومة على الرغم من أنه ينفذ الأجندة التي تطلبهُ منه أمريكا ….هذا الرئيس و عصابته يمثل الداعم الأكبر للماسونية لا وبل هو مهندس الماسونية
    و من لا يرى من الغربال أعمى ………….فهو موظف إستخبارت إمريكي بإمتياز …..من الجد للولد

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى