التقرير الإستراتيجي السوري (87) عقد من الفشل (2011-2021): النظام السوري وملامح الدولة الفاشلة (الأربعاء 17 مارس 2021)
المرصد الاستراتيجي
الاقتصاد
في مؤتمر صحافي عقده بمناسبة الذكرى العاشرة لاندلاع الحرب في سوريا؛ دعا الأمين العام للأمم المتحدة، أنطونيو غوتيريش (10 مارس 2021) إلى بذل مزيد من الجهود من أجل “إتاحة الوصول للمساعدات الإنسانية” في سوريا، واصفاً الوضع في سوريا بأنه “كابوس”، ومؤكداً تعرض “نحو 60% من السوريين لخطر الجوع هذا العام”.
وقال غوتيريش: “من المستحيل أن ندرك بشكل كامل حجم الدمار في سوريا، لكن شعبها عانى من بعض أسوأ الجرائم التي عرفها العالم هذا القرن… حجم الفظائع يصيب الضمير بالصدمة”.
وكشف مدير التجارة والأسعار في المكتب المركزي للإحصاء التابع للنظام، بشار قاسم، أن معدل التضخم قد ارتفع خلال العام الماضي إلى نحو 200 بالمئة بالمقارنة مع العام 2019، مضيفاً أن التضخم السلعي زاد بنسبة 300 بالمئة في نهاية العام الماضي مقارنة مع بدايته.
وقدر معاون وزير الاقتصاد والتجارة الخارجية، بسام حيدر، خسائر الميزان التجاري السوري عام 2020 بنحو ثلاثة مليارات يورو، مؤكداً أن الوزارة تحاول ضغط الاستيراد ليقتصر على المواد الأولية للصناعة ومستلزمات الإنتاج الزراعي، والمواد الغذائية الأساسية للمواطنين، وذلك في إشارة إلى قرارات وقف الاستيراد التي أصدرتها الوزارة.
وبالتزامن مع تنامي ظاهرة الطوابير على المواد الأساسية؛ برزت أزمة المحروقات، حيث بات مشهد طوابير السيارات مألوفاً في سائر المحطات، وذلك بالتزامن مع شكاوى المواطنين من الفساد الرسمي المتمثل بقيام عسكريين بإنشاء طوابير خاصة خارج طابور السيارات الطويل، مقابل مبالغ مالية.
وكان تقرير صادر عن نقابة عمال المصارف (29 يناير 2021) قد أكد أن خسائر الاقتصاد السوري بلغت أكثر من 530 مليار دولار، أي ما يعادل 9,7 أضعاف الناتج المحلي الإجمالي للبلاد عام 2010، مشيراً إلى عجز الحكومة عن التقدم بأية مبادرات حقيقية لتجاوز الأزمة، وإلى تنامي احتكار الثروة في أيدي قلة قليلة من المستفيدين على حساب الشريحة الكبرى من المجتمع، وإخلال الحكومة بمسؤوليتها عن واجباتها في النهوض بالقطاع العام، والعجز عن تبني سياسات رسمية لتشجيع القطاع الخاص على تنفيذ استثمارات حقيقية، ما أدى إلى توقف نشاط المستثمرين الاقتصادي وإغلاق منشآتهم والهجرة خارج البلاد مع أموالهم.
كما تحدث التقرير عن: “عدم استقرار سعر الصرف، والرفع المستمر لأسعار المواد الأولية والضرائب والرسوم، إضافة إلى رفع أسعار الخدمات والتخلي التدريجي عن الدعم الذي كان يقدم للمواطنين عبر عشرات السنين، بحجة الأزمة وتبعاتها الاقتصادية”، مقدراً نسبة الدمار في البنية التحتية بأكثر من 40 بالمئة.
وتخطى سعر الليرة في شهر مارس الجاري عتبة 4000 ليرة مقابل الدولار، فيما ارتفعت أسعار الأغذية وغيرها من المواد الأساسية بعد ساعات من طرح البنك المركزي الورقة النقدية الجديدة من فئة 5000 ليرة سورية، وهو ما سبب حالة من الغضب والاستياء في ظل الأوضاع المعيشية الصعبة التي تشهدها البلاد.
وقدّر تقرير أممي، صادر عن اللجنة الاقتصادية والاجتماعية لغربي آسيا “اسكوا” بالتعاون مع جامعة “سانت أندروز” البريطانية، خسائر الاقتصاد السوري بنحو 442 مليار دولار، مضيفاً أنه: “على الرغم من ضخامة هذا الرقم، إلا أنه لا يلخص حجم معاناة السكان الذين تم تسجيل 5,6 مليون شخص منهم كلاجئين، و6,4 مليون كنازحين داخلياً، و6,5 مليون يعانون من انعدام الأمن الغذائي، و11, 7 مليون لا يزالون بحاجة إلى شكل واحد على الأقل من أشكال المساعدة الإنسانية”.
الفقر
أكدت ممثلة منظمة الصحة العالمية في سوريا، أكجمال ماجتيموفا، أن نحو 90 بالمئة من سكان سوريا يعيشون تحت خط الفقر، وذلك بالتزامن مع تصدّر سوريا قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، بنسبة بلغت 82,5%، بحسب بيانات موقع (World By Map) العالمي.
وأضافت أنه لا يعمل إلا أقل من نصف المستشفيات العامة في سورية، في حين هاجر نصف العاملين في المجال الطبي، بعد سنة 2011، ويواجه الباقون “تهديداً دائماً بالخطف والقتل”.
وتنعدم الإضاءة والتدفئة عن معظم العوائل السورية نتيجة انقطاع التيار الكهربائي، وعدم توفر موارد التدفئة كالمازوت والغاز، فيما يعاني أكثر من 80 بالمئة من العائلات السورية بمناطق سيطرة النظام من: عدم القدرة على شراء المواد الأساسية، والاعتماد على المساعدات الخارجية، وتدهور الخدمات الصحية، وتقلص فرص التعليم، حيث تحدثت مصادر الأمم المتحدة عن ولادة نحو 6 ملايين طفل في سوريا، نصفهم محرومون من التعليم.
ويتخذ الفقر أشكالاً غير مسبوقة، حيث تتفشى في سائر المحافظات السورية مظاهر: جرائم السرقة، والقتل بغرض السرقة، وبيع الأبناء، وبيع الأعضاء البشرية للحصول على أموال تساعد في المعيشة أو تساعد العائلة على علاج أطفالها، واضطرار بعض العائلات المعدمة لبيع المعونات الغذائية التي يحصلون عليها لشراء أشياء يحتاجونها أكثر.
ويُعد تقنين الخبز وتوزيعه عبر “البطاقة الذكية” حسب عدد أفراد الأسرة، والطوابير التي تمتد لنحو خمس ساعات على الخبز، من ضمن المؤشرات على معاناة العوائل السورية التي اضطرت في الآونة الأخيرة إلى بيع ممتلكاتها من أجل للاستمرار على قيد الحياة، بعدما تضاعفت الأسعار أكثر من 35 مرة منذ عام 2011.
وأشارت مديرة برنامج الأغذية العالمي في سورية، كورين فليشر، إلى أن سعر سلة الغذاء التي كانت تكلفتها 4 آلاف ليرة سورية قبل “الصراع” بلغ حالياً 76 ألف ليرة، ما اضطر العائلات إلى اتخاذ تدابير يائسة من خفض وجبات الطعام وتقليل الحصص وبيع الأصول والغرق في الديون، مؤكدة أن أسعار الأغذية لم تكن قط بمثل هذا الغلاء الفاحش الذي هو عليه الآن، وأنها اليوم أعلى من أي مستوى بلغته خلال السنوات الماضية من الحرب.
وأشارت إلى الأحاديث التي سمعتها من السوريين العاديين حول عجزهم عن تحمل فاتورة شراء الغذاء، وأنهم لم يعودوا يفكرون في شراء أجهزة تلفاز ولا أحذية رياضية، بل إن تفكيرهم وجهدهم كله منصب على تأمين لقمة الطعام، لافتة إلى أن الآباء لم يعد بمقدورهم إطعام أطفالهم، ما يدفعهم لتقنين الوجبات لهم، وبيع ممتلكاتهم من أجل إطعامهم.
ويزيد مخاطر الفقر في سوريا؛ غلاء الدواء ونفاده من الصيدليات بعد توقف النظام عن تمويل مستوردات الأدوية والمواد الداخلة بصناعة الدواء، ما أدى إلى نفاد أدوية الأمراض المزمنة والخطرة، حتى من المشافي الحكومية بعد توقف أكثر من 60 منشأة عن تصنيع الدواء، بينما تفوق أسعار الأدوية المهربة من لبنان قدرة المرضى الشرائية، حيث ترتفع أسعار الأدوية بنسب تتراوح بين 600% و3000%.
ولا تقتصر مشاهد جوع السوريين على الداخل السوري، بل يعاني اللاجئون السوريون في دول الجوار من فقر مدقع، حيث تقدر نسبة الفقر بين نحو مليون سوري يقيمون كلاجئين في لبنان إلى نحو 80 بالمئة، فضلاً عن الأحوال المزرية التي يعيشها النازحون المقيمون في المخيمات.
الأمن الغذائي
أكد تقرير أعده برنامج الأغذية العالمي (WFP)التابع للأمم المتحدة (13 فبراير 2021) أن أكثر من 12,4 مليون شخص في سوريا يعانون من انعدام الأمن الغذائي، معتبراً أن البلاد تعيش “أسوأ حالة أمن غذائي في تاريخها”.
ووفقاً للتقرير؛ فإن 1,3 مليون سوري يعانون من انعدام الأمن الغذائي الشديد، بزيادة قدرها 124% عن العام الماضي، بالإضافة إلى تعرض 1,8 مليون مواطن سوري آخرين لخطر الوقوع في انعدام الأمن الغذائي، فيما بلغت زيادة عدد الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي نسبة 57%، أي بمقدار 4,5 مليون شخص في عام واحد فقط.
وبالإضافة إلى طول أمد النزاع القائم، والنزوح الجماعي للسكان؛ فإن تدهور قيمة الليرة السورية وتراجع قدرتها الشرائية، وما يتزامن معها من أزمة اقتصادية طاحنة بمناطق سيطرة النظام؛ هي أهم أسباب انعدام الأمن الغذائي.
وتصنف منظمة الصحة العالمية سوريا في أسفل قائمة الدول الأكثر فقراً في العالم، حيث يعيش 90 بالمئة من السوريين تحت خط الفقر.
واعتبر مدير الإنتاج الزراعي في وزارة الزراعة، أحمد حيدر (7 مارس 2021) أن ضعف القدرة الشرائية وارتفاع الأسعار سبّبا مشكلة الأمن الغذائي، فيما نقلت وكالة “رويترز” عن وزير الاقتصاد، محمد سامر الخليل، قوله؛ إن سوريا بحاجة إلى استيراد ما بين 180 ألفاً و200 ألف طن من القمح شهرياً، بتكلفة 400 مليون دولار أمريكي.
وكانت سوريا قد احتلت المرتبة 101 على مؤشر الأمن الغذائي التابع لمجلة “إيكونوميست” البريطانية (25 فبراير 2021)، وذلك بناء على أربعة معايير هي؛ القدرة على تحمل تكاليف الغذاء، ومدى توفره، ونوعيته، والموارد الطبيعية الخاصة بالحصول عليه، علماً بأن 60 بالمئة من السوريين باتوا عاجزين عن شراء اللحوم، ما اضطر عدداً كبيراً من محال بيع اللحوم للإغلاق نظراً لتراجع الطلب عليها.
وأكد أمين سر جميعة حماية المستهلك التابعة للنظام في دمشق عبد الرزاق حبزة (9 مارس 2021)، أن الارتفاع الحاصل في أسعار جميع المنتجات الغذائية غير مسبوق، حيث بلغت نسبة الارتفاع الأخيرة نحو 40-50 بالمئة، مضيفاً أن: “المواطنين صنفوا بعض الأساسيات الغذائية على أنها كماليات واستغنوا عنها، كالبيض والفواكه الموسمية والخضار”.
وأعلن المكتب المركزي للإحصاء في سوريا، أن الرقم القياسي لأسعار المستهلك وصل إلى 2107,8 بالمئة، حتى شهر أغسطس من عام 2020، وذلك مقارنة بعام الأساس 2010، وأن التضخم السنوي عن الفترة ذاتها بلغ 139,5 بالمئة.
وأسهم انتشار ورقة “5000” ليرة سورية بالأسواق في ارتفاع أسعار المواد الاستهلاكية بين 10 و20 بالمئة، وخاصة منها المواد الغذائية المستوردة، مثل الأرز والسكر والزيوت النباتية، التي أصبح إنتاج سوريا منها لا يغطي ربع الاحتياجات.
وتحدث موقع “فرانس برس” في شهر يناير الماضي عن ظاهرة تهافت أعداد من الرجال والنساء والأطفال فور وصول شاحنات القمامة إلى مكبّات النفايات للبحث عن عبوات بلاستيكية لبيعها، أو ثياب لارتدائها، أو حتى بقايا طعام يسدّون بها جوعهم في المناطق الواقعة تحت سيطرة الأكراد في شمال شرق سوريا.
المرأة والطفل
وثّقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” (مارس 2021) مقتل 16,104 امرأة في سوريا، منذ شهر مارس عام 2011، وحتى الآن، معظمهن قتلن على يد النظام السوري.
ونشرت الشبكة السورية تقريراً بمناسبة اليوم العالمي للمرأة، أكدت فيه أن النظام السوري مسؤول عن مقتل 11,923 امرأة منذ عام 2011، وأن القوات الروسية قتلت 969 امرأة، في حين لقيت 587 امرأة حتفها على يد تنظيم “داعش”، و161 على يد “قوات سوريا الديمقراطية”، و658 على يد قوات التحالف الدولي، في حين قتل البقية على يد جهات أخرى.
وأوضح التقرير أن عدد المعتقلات أو المختفيات قسرياً بلغ 9,264، منهن 8,029 لدى النظام السوري، كما وثق مقتل 93 امرأة بسبب التعذيب، 74 منها على يد النظام.
وتعرضت 8,013 امرأة لحوادث عنف جنسي منذ 2011 على يد نظام الأسد، من أصل 11,523 حالة، منها 879 حصلت داخل مراكز الاحتجاز.
وكانت “مجموعة العمل من أجل فلسطيني سوريا” قد وثقت في تقرير لها بمناسبة يوم المرأة العالمي، مقتل 487 سيدة فلسطينية في سوريا خلال الفترة مارس 2011-فبراير 2021.
من جهتها؛ أكدت منظمة الأمم المتحدة للطفولة “يونيسف” (24 يناير 2021) أن أكثر من نصف الأطفال في سوريا لا يزالون محرومين من التعليم بعد مرور نحو عشرة أعوام على اندلاع الاحتجاجات الشعبية.
وقالت المنظمة، في بيان مشترك صادر عن المدير الإقليمي لليونيسف في الشرق الأوسط وشمال إفريقيا، تيد شيبان، والمنسق الإقليمي للشؤون الإنسانية للأزمة السورية، مهند هادي، إن: “الأطفال في سوريا يواصلون دفع ثمن الأزمة التي ستترك علامة قاتمة في ذكرى مرور عشر سنوات على بدئها، والذي يحل في مارس من هذا العام، فأكثر من نصف الأطفال لا يزالون محرومين من التعليم”.
وأوضح البيان أنه “يوجد في سوريا أكثر من 2,4 مليون طفل غير ملتحقين بالمدرسة، منهم 40 بالمئة تقريباً من الفتيات”، مضيفاً أن “نظام التعليم في سوريا يعاني من الإجهاد الكبير، ونقص التمويل، والتفكك وعدم القدرة على تقديم خدمات آمنة وعادلة ومستدامة لملايين الأطفال”.
وبحسب البيان فإن “الجائحة أدت إلى تفاقم تعطّل التعليم في سوريا، ولم تعُد واحدة من كل ثلاث مدارس داخل سوريا صالحة للاستخدام لأنها تعرضت للدمار أو للضرر أو لأنها تُستخدم لأغراض عسكرية”.
وتابع البيان، إن: “الأطفال القادرين على الالتحاق بالمدارس، يتعلمون في الغالب في صفوف دراسية مكتظة، وفي مبانٍ لا تحتوي على ما يكفي من المياه ومرافق الصرف الصحي والكهرباء والتدفئة والتهوية”.
وقال إن: “الأمم المتحدة تؤكد وقوع حوالى 700 هجوم على منشآت وطواقم التعليم في سوريا منذ بدء التحقق من الانتهاكات الجسيمة ضد الأطفال”، مضيفاً أنه: “تم تأكيد 52 هجوماً في العام الماضي”.
ووفقاً لتقرير أصدرته منظمة (Save The Children) في 9 مارس الجاري؛ فقد رفض 86 بالمئة من الأطفال السوريين اللاجئين في كل من الأردن ولبنان وتركيا وهولندا العودة إلى سوريا، فبعد عشر سنوات من الحرب، لا تستطيع الغالبية العظمى من أطفال سوريا تخيل أي مستقبل لهم في بلدهم.
وقال المدير الإقليمي للمنظمة في منطقة الشرق الأوسط وأوروبا الشرقية، جيريمي ستونر: “لقد كلفت هذه الحرب، التي دامت عشرة أعوام، شباب سوريا طفولتهم، لكن على العالم ألا يسمح لها بسرقة مستقبلهم، وأدى الصراع الذي طال أمده إلى الخوف والتشاؤم بشأن قدرة الأطفال على بناء حياتهم في بلد مزقته الحرب”.
وكانت أكبر أمنيات الأطفال من جميع البلدان، وضع حد للعنف في سوريا بنسبة 26 بالمئة، لتليها رغبتهم بتوفير التعليم بنسبة 18بالمئة.
ونشرت “منظمة الصحة العالمية” تقريراً في شهر نوفمبر الماضي، أكدت فيه أن 86 ألف سوري أفضت إصابتهم -منذ بدء الحرب في سوريا- إلى بتر الأطراف، عدد كبير منهم من الأطفال.
وأوضح التقرير أن مليوناً ونصف المليون يعيشون مع إعاقات مستديمة، فيما اعتبر رئيس رابطة الأطباء الدوليين، مولود يورت سفن، أن نسب إصابات الساق وبتر الأذرع في سوريا هي الأكبر في العالم منذ الحرب العالمية الثانية.
وفي اجتماع عقده المكتب الإقليمي لمنظمة “يونيسيف” في منطقة الشرق الأوسط وشمال إفريقيا (11 مارس 2021) أكد مدير المكتب، تيد شيبان، أن: “الحرب المستمرة منذ 10 سنوات في سوريا خلفت آثاراً مدمرة على كل طفل”، معتبراً أن 2020 كان عاما صعبا للغاية، بسبب الحرب المستمرة والأزمة الاقتصادية ووباء كورونا.
وأضاف: “خلفت الحرب أضراراً جسيمة قصيرة وطويلة المدى على الصحة العقلية للأطفال”، وكانت المنظمة أكدت مقتل وإصابة قرابة 12 ألف طفل في سوريا، خلال الأعوام العشرة الماضية .
وقد تم تسجيل نحو 2,5 مليون طفل سوري لاجئ في دول الجوار، حيث يعيش أبناء اللاجئين السوريين بلبنان في ظروف صعبة للغاية، ووفقاً لمؤسسة “سوا” اللبنانية للتنمية، فإن 63 بالمئة من أطفال اللاجئين “خارج” المدرسة، حيث تتفشى ظاهرة تسرب الأطفال السوريين من الدراسة والاضطرار إلى العمل لمساعدة عوائلهم، حيث يعاني تسعة من كلِّ عشرة من اللاجئين السوريين، في الفقر المدقع، ويضطر عددٌ متزايد من الأطفال إلى العمل لدرء الإخلاء والجوع، فيما تتفشى ظاهرة زواج القاصرات، بين أسر اللاجئين اللذين لا يستطيعون تحمُّل تكاليف الحياة، بالإضافة إلى؛ زيادة إساءة معاملة الأطفال، وتفشي العنف المنزلي.
المعتقلين والمفقودين
أصدرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة بشأن ارتكاب الجرائم في سوريا، تقريراً (1 مارس 2021) فتحت خلاله ملف المعتقلين والمختفين قسرياً، خاصة في سجون النظام، مشيرة إلى أن مصائرهم لا تزال مجهولة.
وبحسب التقرير، فإن عشرات آلاف المدنيين الذين اعتقلوا في سوريا خلال السنوات العشر الأخيرة هم مختفون قسرياً، في حين تعرض آلاف آخرون للتعذيب بشتى الطرق، بما في ذلك العنف الجنسي، والموت رهن الاحتجاز.
واعتبر التقرير أن الكثير من المعتقلين في سجون الأسد قد ماتوا أو أُعدموا، فيما لا يزال البعض محتجز في ظروف “غير إنسانية”.
وأكد رئيس لجنة التحقيق التابعة للأمم المتحدة، باولو بينيرو، أن: “مئات الآلاف من أفراد الأسر لهم الحق في معرفة الحقيقة بشأن مصير أحبائهم”، مضيفاً أن: “هذا الوضع يشكل حالة من الصدمة الوطنية التي ينبغي للأطراف المعنية والمجتمع الدولي معالجتها فوراً… يجب إيلاء اهتمام أكبر للاحتياجات النفسية والاجتماعية للضحايا وعائلاتهم”.
واستند تقرير لجنة تقصي الحقائق إلى شهادات أكثر من 2500 شخص على مدى 10 سنوات، بالإضافة إلى تحقيقات أجريت في 100 مركز اعتقال، للتأكيد على: “النطاق الهائل للاعتقال والاختفاء وأنماط الجرائم والانتهاكات التي ارتكبتها الحكومة”.
وتؤكد أرقام “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وجود ما يقارب 150 ألف معتقل تعسفي في سوريا، منذ مارس 2011، أكثر من 130 ألف منهم يقبعون في سجون النظام، كما وثقت مقتل ما لا يقل عن 14 ألف شخصاً تحت التعذيب، 98% منهم على يد قوات النظام.
وفي 11 مارس الجاري؛ دعت المفوضة السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، ميشيل باشليه، دول العالم إلى زيادة الجهود من أجل اقتفاء أثر عشرات الآلاف من المفقودين، والمحتجزين في سجون تديرها قوات النظام في أنحاء سوريا.
ويتخذ النظام ملف المعتقلين كتجارة يجني ضباط ومسؤولين منه مبالغ مالية طائلة، عبر شبكة واسعة تبدأ من سماسرة ومحامين وقضاة وعناصر، وتنتهي بضباط برتب مختلفة ومسؤولين عسكريين وسياسيين، حيث تتم المساومة مع ذوي المعتقلين والمغيبين قسراً، للكشف عن مصيرهم والإفراج عنهم تارة، والسماح لهم بزيارتهم تارة أخرى.
ووثق “المرصد السوري لحقوق الإنسان”، بالأسماء، مقتل 16,236 مدني تحت التعذيب في سجون النظام، منهم: 16,047 رجلاً وشاباً، و125 طفلاً دون سن الثامنة عشر، و64 امرأة، وذلك من أصل 104 آلاف علم “المرصد” أنهم فارقوا الحياة في المعتقلات.
اللجوء والنزوح
كشفت المفوضية السامية لشؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة (9 مارس 2021) أن نحو 13 مليون سوري اضطروا للفرار من أماكن سكناهم، من أصل 23 مليوناً في عام 2010.
ووفقاً للمفوضية فإن 6,7 ملايين منهم غادروا خارج الأراضي السورية بحثاً عن الأمان، وانتشروا في أكثر من 130 بلداً في العالم، لكن غالبيتهم العظمى هاجروا إلى البلدان المجاورة؛ تركيا، والأردن، ولبنان، مؤكداً أن حياة هؤلاء، وخلال عشر سنوات لم تتحسن، بل هم يصارعون من أجل إيجاد فرص العمل أو إرسال أبنائهم للمدارس، أو حتى لإيجاد مأوى أو خيمة لهم.
وتحدثت المفوضية كذلك عن 6,7 ملايين نزحوا داخل بلادهم، حاول القليل منهم العودة إلى بيوتهم طلباً للحياة الطبيعية، لكنهم تفاجأوا بحجم الدمار والخراب والنهب الذي تعرضت له بيوتهم، فيما تعيش الكثير من العائلات في بيوت مهدمة.
ووفق إحصائية نشرها فريق “منسقو الاستجابة” في الشمال السوري (يناير 2021)؛ فإن أعداد النازحين السوريين بلغت نحو 2,1 مليون نازح، من أصل أكثر من 4 ملايين سوري يسكنون مناطق المعارضة السورية.
في حين بلغ عدد سكان المخيمات مليونا و43 ألفاً و869 نازحاً، يعيشون ضمن 1,293 مخيماً، من بينها 282 مخيماً عشوائيا أقيمت في أراض زراعية، ولا تحصل على أي دعم أو مساعدة إنسانية أممية.
وبلغ عدد الأيتام من سكان مناطق سيطرة المعارضة السورية 197 ألفاً و865 يتيماً من النازحين والسكان، بينما بلغ عدد الأرامل السوريات اللاتي لا معيل لهن 46 ألفاً و302 أرملة.
أما أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة فقد بلغت حتى هذه الأثناء 199 ألفاً و318 حالة إنسانية، معظمهم لا يتلقون رعاية خاصة أو مساعدات طارئة.
ومنذ بداية مأساة النزوح في سوريا، فقد العشرات من النازحين السوريين حياتهم جراء البرد وانعدام وقود التدفئة، حيث وثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” وفاة 167 شخصاً بسبب البرد منذ عام 2011، بينهم 77 طفلاً.
وكشف تقرير مشترك بين البنك الدولي والمفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين (ديسمبر 2020) أن جائحة كورونا ضاعفت مستويات الفقر في صفوف اللاجئين السوريين والمجتمعات المضيفة لهم في الأردن ولبنان وإقليم كردستان العراق، مؤكداً وقوع نحو 4,4 ملايين شخص في المجتمعات المضيفة، ومليون لاجئ سوري من النازحين داخلياً، في براثن الفقر منذ بداية الأزمة، ومشيراً إلى أن الأسر التي تعتمد على سوق العمل غير الرسمية وتعاني من قلة الموارد والديون الكثيرة، تضررت بشكل خاص.
وقدّرت الدراسة أن جائحة “كورونا” أدت إلى زيادة معدلات الفقر في الأردن بين اللاجئين الذين كانوا يعيشون تحت خط الفقر قبل الجائحة، بحوالي 18 بالمئة، بينما ارتفعت معدلات الفقر في لبنان إلى نحو 56 بالمئة بين اللاجئين السوريين، فيما يعجز حوالي 90 بالمئة من اللاجئين السوريين عن تأمين الحد الأدنى للبقاء على قيد الحياة، فيما شهد اللاجئون في إقليم كردستان العراق زيادة في معدلات الفقر بلغت 28 بالمئة. علماً بأن السوريين يشكلون اليوم أكبر مجموعة من اللاجئين في العالم.
وتحدث تقرير نشره موقع “ألمونيتور” (11 مارس 2021) عن تدهور حاد في أوضاع اللاجئين السوريين في السودان منذ وصول الحكومة الانتقالية وتوليها مقاليد الحكم في البلاد عام 2019، وذلك نتيجة تدهور الأوضاع الاقتصادية والسياسية في الخرطوم، حيث قامت السلطات بإصدار قوانين جديدة تزيد صعوبة الحصول على الإقامة، والوظائف، والخدمات بالنسبة للأجانب ومن ضمنهم السوريون، حيث شنّت السلطات عدداً من المداهمات وعمليات التفتيش للشركات السورية، وواجه من لا يملكون الوثائق القانونية اللازمة خطر إرسالهم إلى السجن بكفالةٍ عالية، إلا في حال دفع رشاوى ضخمة للشرطة، وذلك بالتزامن مع إعلان وزارة الداخلية السودانية (9 ديسمبر 2020) أن رئيس مجلس السيادة عبدالفتاح البرهان أصدر قراراً يقضي بسحب الجنسية من 3548 شخصاً حصلوا عليها بالتجنيس دون استيفاء الشروط المنصوص عليها في القانون، ويمثل السورين الغالبية العظمى من هؤلاء.
وحذر تقرير صادر عن “مجلس اللاجئين النرويجي” (8 مارس 2021) من أن الأزمة السورية قد تشهد نزوح ما لا يقل عن ستة ملايين سوري إضافي، خلال السنوات العشر المقبلة، إذا استمر الصراع السياسي وانعدام الأمن والتدهور الاقتصادي في سوريا.
وعزا التقرير ازدياد أعداد الخارجين من سوريا لأسباب منها: البحث عن الأمان، وخلق فرص جديدة لإعادة بناء حياتهم، بسبب ما يفرضه الواقع المعيشي المتدني، وارتفاع معدلات الفقر إضافة إلى استمرار العمليات العسكرية التي تهدد أمنهم.
ووصف الأمين العام للمجلس النرويجي للاجئين، يان إيجلاند، العقد الماضي منذ 2011، بأنه “عقد من العار على الإنسانية”.
الحريات العامة
حلّت سوريا في قاع الترتيب العالمي لمؤشر الحرية للعام 2021، وترأست قائمة الدول التي تنعدم فيها الحرية، وفق تقرير مؤسسة “فريدوم هاوس” لعام 2021، بعنوان: “الحرية في العالم، الديمقراطية تحت الحصار”.
وتقيس مؤشرات التقرير الحقوق والحريات التي يتمتع بها الأفراد، خاصة فيما يتعلق بالحقوق السياسية والحريات المدنية، بالاعتماد على الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، الصادر عن الجمعية العامة للأمم المتحدة في 1948. وترصد حالة الحريات استناداً إلى أن معايير تتضمن 25 مؤشراً مختلفاً، حيث حصلت سوريا على درجة” ناقص 3″ نقاط في مؤشر الحقوق السياسية المتكون من 40 نقطة، و3 نقاط في مؤشر الحرية المدنية المتكون من 60 نقطة.
وحصلت العديد من الدول العربية الأخرى على تصنيفات متدنية، حيث أكد التقرير استفادة عدد من دول المنطقة من جائحة كورونا لزيادة القمع، وإصدار قانون الطوارئ في التعامل مع الأزمة، وخاصة في لبنان، حيث تسبب ضعف مساءلة السلطات بخسائر هائلة في الأرواح بسبب انفجار مرفأ بيروت، في حين كانت القوى السياسية تتقاذف المسؤولية فيما بينها.
وعلى الصعيد نفسه؛ حلّت سوريا في قاع الترتيب العالمي لمؤشر الحرية لعام 2020، وفق مؤسسة “كاتو للأبحاث”، حيث أظهر المؤشر أن سوريا حلت في المركز الأخير 162، سبقتها السودان في المرتبة 161، وفنزويلا 160، واليمن 159، وإيران 158.
ويعتمد المؤشر في ترتيبه على عدة عوامل، منها الحرية الإنسانية، والحرية الاقتصادية، وحرية الأفراد، وحرية الديانة وغيرها.
وحصلت سوريا على 2,49 نقطة من أصل 10 نقاط في مجال الحريات الشخصية، و5,45 نقاط في مجال الحرية الاقتصادية، و3,97 في مجال الحريات الإنسانية.
ويعتبر مؤشر مؤسسة “كاتو للأبحاث”، والذي تم إنشاؤه في عام 2008، المؤشر الأكثر شمولاً، حيث يقيس مؤشر الحرية لنحو 162 دولة حول العالم.
الإعلام
تصدّرت سوريا المؤشر العالمي السنوي للإفلات من العقاب، بخصوص الجرائم المرتكبة بحق الصحفيين، في شهر نوفمبر 2020.
وسلّط المؤشر العالمي للإفلات من العقاب لعام 2020 الضوء على البلدان التي يُقتل فيها صحفيون بصورة منتظمة ويظل القتلة أحراراً طلقاء، حيث احتلت الصومال وسوريا والعراق وجنوب السودان أسوأ أربع مراتب على القائمة، بالترتيب.
ورأت لجنة حماية الصحفيين أن الفساد، وضعف المؤسسات، ونقص الإرادة السياسية لإجراء تحقيقات جدية، تشكّل جميعاً عوامل تقف خلف الإفلات من العقاب في تلك البلدان، حيث أكدت مديرة قسم المناصرة في اللجنة حماية الصحفيين، كورتني رادستش، أنه: “على الرغم من تناقص عدد الصحفيين القتلى، يستمر الإفلات من العقاب في جرائم قتلهم”.
ووثقت “الشبكة السورية لحقوق الإنسان” مقتل 707 صحفيين في سوريا منذ مارس 2011، وحتى مايو 2020، وأوضحت في تقرير صدر بمناسبة اليوم العالمي لحرية الصحافة، أن سوريا تعتبر من الدول الأكثر فتكاً بالصحفيين، حيث تصدرت دول العالم من حيث حصيلة القتلى الصحفيين في عام 2019.
وأضاف التقرير أن “سوريا قبعت في المركز 174 (من أصل 180 بلداً) للعام الثاني على التوالي حسب التَّصنيف العالمي لحرية الصحافة لعام 2020، الذي نشرَته منظمة مراسلون بلا حدود”.
وتتضمن قائمة القتلى من الصحفيين في سوريا؛ 6 سيدات و9 صحفيين أجانب و52 قتلوا تحت التَّعذيب منذ مارس 2011، إضافة إلى إصابة ما لا يقل عن 1563 بجروح متفاوتة.
وأضاف التقرير أن 551 صحفياً، بينهم سيدة و5 أجانب، قتلوا على يد قوات النظام والميلشيات المدعومة إيرانياً، فيما أودت الغارات الروسية بحياة 22 صحفياً منذ 2011.
كما قُتل خلال الفترة نفسها، 64 صحفيا على يد تنظيم “داعش”، و4 آخرين على يد “قوات سوريا الديمقراطية”، فيما قتلت مجموعات مسلحة مناهضة للنظام، 33 صحفياً، فيما أسفرت هجمات التحالف الدولي ضد “داعش” عن مقتل صحفي واحد، إلى جانب مقتل 32 آخرين بنيران مجهولين.
وحسب التقرير، شهدت سوريا ما لا يقل عن 1169 حالة اعتقال وخطف بحق صحفيين منذ مارس 2011، ولا يزال نحو 422، بينهم 3 سيدات و17 صحفياً أجنبياً، قيد الاعتقال أو الاختفاء القسري، ويحتجز النظام منهم 353 صحفياً بينهم سيدتان و4 صحفيين أجانب.
الفساد
حافظت سوريا على المرتبة الأخيرة في قائمة مؤشر الفساد العالمي بالتقرير السنوي الذي أصدرته “منظمة الشفافية الدولية” (28 يناير 2021)، والذي يرصد حالتي الشفافية والفساد، في 180 دولة حول العالم.
ويستخدم المؤشر مقياساً من صفر (الأكثر فساداً) إلى 100 (الأكثر نزاهة)، حيث تربعت الدنمارك ونيوزيلندا على قمة المؤشر برصيد 88 نقطة، فيما جاءت سوريا والصومال وجنوب السودان في المرتبة الأخيرة، برصيد 14، و12، و12 نقطة على التوالي.
وكشف التقرير أن الفساد المستشري يقوّض أنظمة الرعاية الصحية ويؤدي إلى التراجع الديمقراطي وسط تفشي جائحة “كوفيد-19”.
وكان بشار الأسد قد أقر بتفشي الفساد على نحو غير مسبوق في سوريا؛ إلا إنه تذرع بعدم القدرة على مكافحته بسبب الأوضاع التي تمر بها البلاد، ونتيجة لغياب “الأتمتة” (!) مؤكداً: “في الظرف الصعب الذي نعيشه اليوم نحن بحاجة إلى الخدمات الإلكترونية أكثر من الأحوال العادية، فنحن لا نستطيع الحديث عن موضوع مكافحة الفساد، والتقليل من الهدر، وعن العدالة، وعن تحسين الخدمات، وتحسين جانب من الواقع المعاشي من دون أنظمة مؤتمتة نسميها دائماً الحكومة الإلكترونية” (!).
وشنت وكالة “الأنباء الفيدرالية” الروسية، في شهر أبريل الماضي، هجوماً لاذعاً على النظام السوري، ووصفت رئيسه بشار الأسد بأنه: “ضعيف ولا يتحكم في الوضع في البلاد فيما مسؤولوه يعيثون فساداً”، مؤكدة أن: “الفساد الذي يستشري في الحكومة السورية يعيق التعاون بين موسكو ودمشق”.
وأرجعت الوكالة سبب زيادة الرسوم الجمركية والوضع الاقتصادي المتدهور إلى الفساد في الحكومة، وقالت: “بناء على معطيات نسبتها لصحافيين، إن الأسد لا يتحكم بالوضع في البلاد وأن المسؤولين يسيطرون ويسرقون عائدات استخراج النفط والغاز”.
في هذه الأثناء يستمر النظام في تهريب كميات كبيرة من المخدرات إلى مختلف دول العالم، حيث تم الكشف في شهر مارس الجاري عن تفاصيل شحنة مخدّرات تتضمن 100 ألف حبة مخدّر “كبتاغون” في إدلب (8 مارس 2021).
ويعتبر النظام و”حزب الله” اللبناني مصدرين رئيسين لحبوب “كبتاغون” المخدّرة، التي تُعد من أهم مصادر تمويلهما بعد فرض العقوبات الاقتصادية، وتطبيق قانون قيصر، حيث تم الكشف في شهر فبراير الماضي عن 14 معملاً للمخدرات على الحدود السورية-اللبنانية، يُنتج النظام فيها بالتعاون مع “حزب الله” أنواع مختلفة من المخدرات والحشيش، وتم الكشف في الآونة الأخيرة عن عدد من الشحنات التي تم تهريبها إلى بعض الدول العربية والأوروبية قادمة من مناطق سيطرة النظام.
البيئة
رأت دراسة نشرتها جامعة “جورج تاون” في شهر مارس الجاري أن الأضرار البيئية الجسيمة سوف تشكل تحديات لا يستهان بها لتعافي البلاد بعد انتهاء الحرب على سوريا، مؤكدة أن الهجمات المتكررة التي استهدفت آبار ومصافي النفط والمنشآت الصناعية، أدت إلى تلويث التربة، والماء، والهواء في سوريا.
وكان خبراء سوريون ودوليون قد حذروا في وقت سابق من ضرورة معالجة الآثار البيئية للحرب على وجه السرعة، وإلا ستصبح الأضرار والعواقب الإنسانية المترتبة على ذلك أكثر خطورة، حيث أدت الهجمات على آبار النفط والمصافي والمنشآت الصناعية إلى تلويث تربة البلاد وهوائها ومياهها.
وتحدث تقرير صادر عن الأمم المتحدة عن تفشي ظاهرة إلقاء المواد الكيميائية والنفايات السامة في البحيرات والأنهار، حيث تتمثل المشكلة الأخطر على البيئة في ظاهرة “تسليح المياه”، وذلك من خلال استهداف خزانات المياه ومحطات معالجة مياه الصرف الصحي بصورة ممنهجة، ما أدى إلى فقدان نحو 15,5 مليون سوري مصادر المياه المأمونة، وضاعف فرص نقل الأمراض المعدية المنقولة عبر المياه.
وحذر “ويم زويننبيرغ”، مدير المشاريع في منظمة (PAX) الهولندية غير الحكومية من أن السوريين سيواجهون عدداً كبيراً من المخاطر الصحية البيئية الحادة والمزمنة على المدى الطويل، وذلك بسبب تلوث مصادر المياه، والتلوث، والمواد الكيميائية السامة، بالإضافة إلى مضاعفات وعواقب أخرى ستبقى مدة طويلة، إلا أن تداعياتها على الصحة العامة ليست ملموسة بالقدر ذاته، وهي تنتج عن فقدان التنوع البيولوجي وتدهور التربة.
وقال زويننبيرغ: “إن التأثيرات البيئية للحرب يمكن أن تسبب عواقب ضارة تهدد قدرة البلاد على مواجهة التغيير المناخي، حيث اختفى نحو 25 بالمئة من الغطاء النباتي في سوريا، ودمرت معه مصارف التخلص من غاز الكربون الحاسمة الأهمية، ما يؤدي إلى تدمير النظم البيئية المحلية وجعلها أقل تنوعاً ومرونة وقدرة على التكيف”.
وتسبب تسارع وتيرة إزالة الغابات بانكماش حاد في القطاع الزراعي الذي كان يعتبر أحد أعمدة الاقتصاد السوري قبل عام 2011، كما تعمد قوات النظام إلى حرق مساحات شاسعة من الحقول الزراعية والأشجار المثمرة في مناطق سيطرة المعارضة، إما باستخدام القنابل الحارقة عن بعد، أو بإشعال النار بالطرق التقليدية، الأمر الذي كبد الفلاحين خسائر كبيرة، وذلك بذريعة حجب الأشجار الكثيفة مساحات شاسعة من “مناطق العدو”، ومنع فصائل المعارضة من الاختباء في تلك المناطق.
وكانت الحرائق قد قضت في شهر مايو الماضي على نحو ألف دونم محاصيل القمح في منطقة “الشدادي”، والتهمت نحو 200 هكتار من الأراضي الزراعية في بساتين غوطة تدمر، وأكثر من 20 ألف دونم من الحبوب في بادية “أبو خشب” ومنطقة الحدود الإدارية بين محافظتي الحسكة ودير الزور.
وفي السويداء؛ التهمت النيران أحراج السنديان والبطم ووصلت حتى الحدود مع الأردن، وأتت الحرائق على أكثر من 350 دونماً من المحاصيل الزراعية الحقلية والأشجار المثمرة والقمح والشعير وأشجار الزيتون بدرعا في شهر يونيو الماضي.وفي شهر أكتوبر الماضي؛ التهمت الحرائق بريف اللاذقية نحو 5 ملايين شجرة، معظمها أشجار زيتون وحمضيات، وألحقت أضراراً بالغة بنحو 143 قرية و28 ألف عائلة، وتسببت بتدمير 72 منزلاً، وأتلفت طنين من محاصيل التبغ و11 بيتاً بلاستيكياً، و220 دونم مزروعين بخضار خريفية مكشوفة، و1100 خلية نحل، و30 ألف متر من شبكات الري بالتنقيط.