مقالات

أَلَـمْ يَأْنِ لِقادة التيارات والأحزاب الإسلامية أنْ يُبادِروا بِـمُراجعاتٍ؟

الـحَسن ولد ماديكْ

باحث في تأصيل القراءات والتفسير وفقه المرحلة
رئيس مركز إحياء للبحوث والدراسات
عرض مقالات الكاتب

تعدَّدتِ التيارات والأحزاب الإسلاميّة بِقِسْمَيْهَا (الدعويِّ والديمقراطي) للتغلب على فسادِ المجتمع والنُّظم السياسيّةِ، وقصُرتِ الدعوةُ والتربية والنشاط الخيري والمشاركة الديمقراطية في الانتخابات عن تدارُكِ النّقْصِ وسِدادِ الْـثَّغْرِ في المجتمع، وشعُرتِ الأنظمة السياسية بِـمُنافسَةِ ما وصفتْهُ (بإسلامِ سياسيٍّ) فظهر في السجون الوطنية تعذيبٌ ـ لا تُقِرُّه فِطرةٌ ـ اغتالَ كرامةَ الإنسان بأبشَعَ مِن سلْخِ جِلْدِهِ وهو حَيٌّ، ونشأ التكفير والهجرة والتياراتُ الجهاديّة، فاتَّسعَ الْـخَرْقُ وغلبَ الْـحُمْقُ ونفر الـمحكوم من الحاكم وتربَّص الحاكم بالمحكوم، ثم كان انفلاتُ الغوغاء الغُثاءِ في تونس ومصر وليبيا وسوريا واليمن قاصمةَ ظهرِ الاستقرار والإصلاح.هذا الواقعُ شَرٌّ مَكانا مِن أصحابِ أُكُلٍ خَمْطٍ وَأَثْلٍ وهو حَصادُ مائةِ سنةٍ شاركَ في زِراعتِه ورَيِّهِ قادةُ التيارات والأحزاب الإسلاميّة الراغبةِ في التعايش والتنافس مع الرأي الآخَرِ على مَقاسِ اللُّعبةِ الديمقراطيّة. وأسوأُ مِنه حَصادُ الحركاتِ الجهاديّةِ كما في أفغانستان والعراق وسوريا واليمن وغيرها حيْثُ اكتمل الطوقُ وظهر الضَّيْقُ وغلبَتِ الأحزابُ (الجيوشُ الغازية) ووقع آلافُ الأسرَى والقتلى وتشرَّد آلاف الأيتام والأرامل، وللحركات الجهاديّة في فلسطين أن تُـحَدِّثَنَا عن حصادِ الجهاد في غَزَّةَ ومنه آلافُ القتلى وآلاف الجرحى ومُقَطَّعوا الأطراف وآلاف الْـمُشَرَّدين والْـمُحرَّقِينَ الْـمُهدَّمَةُ بيوتُهُمْ وأكبرُ مِن هذا كله مِئاتُ الأسرى مِنهم أطفالٌ ونِساءٌ.هذا الْـحَصادُ الْـمُرُّ ـ يحسبُهُ قادةُ التيارات الإسلامية ـ بِـموازينِهمُ الطَّاغِيةِ ـ نصْرًا مُبينًا وثباتا ودليل قَبُولٍ عند اللهِ وآيَةَ صِدْقٍ وَنجاحَ قِيادَةٍ، وعجبِـي مِن تنكيسِ رؤوسِـهِمْ بإيقاعِ وصْفِ القيادة على عجَزَةٍ عن دَفْعِ الاعتقالِ والذُّلِّ عن نفسِها ويزدادُ بها أتباعُها الإسلاميون الطيِّبون قَرْحًا وَجُرْحًا وَأسْرًا وتقْتِيلًا وتَشْرِيدًا وَذُلًّا واستضْعَافًا، ويَظَلُّ أمْثَلُـهُمْ طَرِيقَةً وَأحْسَنُهُمْ سِيرَةً مَنْ يَـمُنُّ عليهِ السَّـجَّانُ بالسَّـمَاحِ له بعُلْبَةِ دَواءٍ أو زِيارة أحَدِ ذُرِّيَّتِهِ الضُّعفاءِ الذِين تركهم خَلْفَه.ألا فلْيَعْلَمْ قادةُ التيارات والأحزاب الإسلاميّة:ـ أنَّ مِن إطْفاءِ نُورِ اللهِ تجهيلَ العامَّةِ بأَنَّ الصَّبْرَ على ما يُعانونه اليوم من التشرُّدِ والذُّلِّ والقَهْرِ شِرعةٌ وجهاد. ـ أَنَّ سِيرَتهم وجُهْدَهم وجهادَهم كان ولا يزالُ في خدمة الاحتلال والأنظمة السياسيّة التي يُصارِعونها.ـ أنَّ موازينَهم كانت ولا تزالُ خاطئَةً قاصرة عن التفرقة بين الخطاب الفردِيِّ والخطابِ الجماعيِّ. ـ أنَّ التكاليف الجماعيّةَ وآخِرُها إقامة الحدود والصلح والنفير والجهادُ لا تصِحُّ في ظِلِّ إِمامٍ مُسْتَتِرٍ أو عاجِزٍ عن تأمينِ نفْسِهِ ومَن يَأوِي مِن الناس.ـ أنَّ كلمةَ ﴿فِـي سبيلِ اللهِ﴾ وصفٌ دقيقٌ كامل لرسالة اللهِ يتنزَّلُ بها الوحْيُ، ولا يوصفَ شيء من الأعمال التي في الكتاب المنزل بعد موت الرّسول والنبـيِّ بأنه ﴿فِـي سبيلِ اللهِ﴾ ولو تمثَّله المسلمون جميعا، وأصَّلْتُهُ في مادة (سبيل) من موسوعتي للتفسير وأصوله قسم معاني المثاني.ـ أنَّ ثَـمَّتَ قِتَالًا شَرْعِيًّا أذِنَ اللهُ فِـي الكتاب الْمُنَزَّلِ للمسلمين بتَمَثُّلِهِ تحت رايةِ سلطانٍ مُسْلِمٍ غيرِ مُسْتَتِرٍ ظاهِرٍ فِـي الْأرْضِ أي مُتَمَكِّنٍ مِن تأمِينِ مَنْ يَأوِي إليهِ، ومِنهُ قِتالُ الصحابة مَن يلونهم مِن الكفّار ومِنه قِتالُ الدَّفْعِ.ـ أنَّ الْأُمَّةَ اليوم في مرحلة (الشّتات) والواجبُ الأوّل مِن الخطابِ الجماعيِّ هو نزْعُ فتيلِ الصِّراعِ بين الحكام والمحكومين ووأدُ الفِتَن وإطفاءُ الحروب لِتتأتَّى الْـمُبادَرةُ بتحرير رِقابِ أسرى الرأي والكلمة في السجون الوطنية واليهودية.ـ أنَّ صِفَةَ (الفقيهِ) لا يتصِفُ بها أحَدٌ على ظهر الأرضِ اليوم قبلَ تـمَكُّنِهِ مِن إقناع الجلاد باستعادة فِطرتِه فلا يتلذّذ بتعذيب أخيه الإنسان.ـ ضرورةَ حَلِّ الأحزابِ الإسلاميّة نفسَهَا وضرورةَ حلِّ الروابط ذات الصبغة الحزبية أو الطائفيّة أنفُسَهم. ـ ضرورةَ نشأةِ رابطةٍ عالمية مِن أهل العلمِ والرأي (غير حكوميّة) تُعْنَـى بواجبِ استعادة فِطرة الإنسانِ وكرامتِه ووأدِ الفِتَنِ وإطفاء الحروب حتّـى يبْلُغَ الرُّضَّعُ اليوم أشُدَّهم ويستوونَ فيأتمرون بعيدا عن وِصايَة غيرِهم من سياسيِّي اليوم فيستنبطون فقهَ مرحلتِهم.

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

اترك رداً على سيد محمد عيسى إلغاء الرد

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى