مقالات

الثورة في عيدها العاشر 5

أ. د. عبد المجيد الحميدي الويس

سياسي وأكاديمي سوري
عرض مقالات الكاتب

     السنة العاشرة للثورة تنتهي، والعقد الأول من الثورة يكتمل، والمرحلة الثانية ترحل، مرحلة المخاض العسير، وتبدأ بعدها المرحلة الثالثة مرحلة الولادة، ويا لها من ولادة…

     عشر سنوات عجاف تمر من القتال وحرب الإبادة التي لم يعرف لها التاريخ مثيلا.. وخرجنا منها أصلب عودا وأشد مراسا وأقوى عزيمة وأكثر صبرا وأقدر على المطاولة، وأقرب إلى النصر من أي وقت مضى.

     المعركة لم تكن بين شعب أعزل من جهة، ونظام مجرم قاتل ظالم طاغية مستبد، من جهة أخرى، وإن كانت في ظاهرها ومجرياتها الميدانية كذلك، لكنها في حقيقتها بين فسطاطين ومشروعين وخندقين..

     إنها معركة أمة أريد لها أن تباد، وأن تمسح من الخارطة لصالح مشروع صهيوني ماسوني يستهدف أمة العرب والإسلام، وكانت أنظمة الخيانة والعمالة والرجعية العربية، ومحور الشر خط الهجوم الأول، وكان المنافقون المارقون من أبناء العرب السنة، وشذاذ الآفاق من الطوائف والأقليات رأس الحربة فيه..

      وهذه المعركة لم تكن وليدة الأمس أو من عشر سنوات، وإنما منذ أن استلم العلوي النصيري حافظ الأسد الحكم بغفلة من الزمن وبمساعدة ومباركة مطايا وحمير العرب السنة، وبعض الطوائف كـ أبو عبدو الجحش وطلاس والخدام والشرع وغيرهم كثير.

     كانت حرب إبادة بكل معانيها وأشكالها وتفاصيلها، حربا ثقافية فكرية علمية اجتماعية سياسية اقتصادية؛ حربا دينية مقدسة، بين جيش الشيطان الذي امتلك كل أسباب القوة، وبين جيش القرآن الذي لم يكن لديه إلا صدره العاري، وبطنه الخاوية، وإيمانه بالله، وبحتمية النصر..

      إن ما يعانيه العالم اليوم من مصائب وويلات وكوارث هو بسبب خروج العرب السنة عن مسرح الحياة، بعد أن تآمروا عليها في سايكس بيكو، ونصبوا عليها الحكام الصهاينة الذين ظاهرهم العروبة، ومسحتهم الإسلام، وباطنيتهم الماسونية والصليبية واليهودية الصهيونية المقيتة.

      معركتنا مع هذا النظام المجرم هي معركة أمة العرب من محيطها الى خليجها، ومعركة أمة الاسلام، بل الإنسانية كلها، إنها معركة بين الحق والباطل، وبين الخير والشر، والفضيلة والرذيلة، وبين الكفر والشرك من جهة، والإيمان من جهة أخرى.

     لم يجتمع العالم الظالم الكافر الفاجر من أقصاه إلى أقصاه على قوم كما اجتمع على العرب، ولا على أمة من الأمم كما اجتمع على أمة الإسلام، يبغي استئصالها والقضاء عليها وإخراجها من مسرح الحياة..

     ولم يتفق العالم كله، الغرب والشرق على شيء بتاريخهم، كما اجتمعوا على نصرة هذا السفاح المجرم.

      في عصر الرسالة المحمدية كان الفرس والروم في حالة حرب وصراع دائم أنهك قواهم، وكان العرب ينتظرون الدين الجديد ليدخلوا فيه وينصروه، خوفا من أن يسبقهم عليه اليهود الذين كانوا يبشرونهم بقرب ظهوره، ويهددونهم فيه، وقد سبقته عوامل كثيرة، وإرهاصات عدة، ساعدت على نشره، وجعلت كثير من العرب يستعد لاستقباله، والدخول فيه ونصرته، منها معركة ذي قار، ومنها غزو أبرهة الأشرم لهم، ومحاولته هدم الكعبة، وما فعل الله بهم في طير أبابيل.

    في الحرب الفيتنامية كان هناك معسكران، شرقي وغربي، كل وأحد منهم يدعم أحد  أطراف النزاع،  وفي حرب تحرير أمريكا الجنوبية وجيفارا وكاسترو وكوبا كان الاتحاد السوفييتي يدعمهم ضد أمريكا وحلفائها.. وفي حرب الجزائر كان العرب يدعمونهم ولم يكن هناك حكام عرب خونه يدعمون سرا عدوهم حتى في حرب إفغانستان الأولى دعموا المجاهدين الأفغان لإخراج السوفييت من إفغانستان، وأخرجوهم منها صاغرين منهزمين شر هزيمة، وانتصر المجاهدون الأفغان، وتحررت إفغانستان..

      إلا معنا نحن، اجتمع علينا الشرق والغرب، أمريكا وروسيا، والعجم والعرب، والماسونية العالمية والصهيونية اليهودية والعربية، وأكثر من تآمر علينا الحكام العرب وخدعونا، وضحكوا علينا، وأوهمونا أنهم معنا، ولكنهم في الحقيقة كانوا يكذبون علينا ويمزقونا ويفرقونا ويخترقون جبهاتنا ومقاتيلينا وكتائبنا، ويقتلون قادتنا الشرفاء، وينصبون الخونة، ويغيرون مكان المعركة وزمانها لصالح بشار، ويسلمونا له ليقتلنا.. ولما عجزت كل قواه جاؤوا بحزب الشيطان وسمحوا لإيران بالدخول وسمحوا لداعش والنصرة ولما عجزوا اشتروا الروسي بأموالهم، وأمونوا لهم الغطاء المالي والسياسي لدخول الحرب بكل قواه الغاشمة، فيبيد شعبنا، ويدمر مدننا وبيوتنا على رؤوس ساكنيها.

       وأما في الجانب السياسي فقد لعبوا بنا شر لعبة، فاختاروا أراذلنا لقيادتنا، ونصبوا الخونة والعملاء على رقابنا، وجروهم إلى جنيف وأستانا وسوتشي، ووقعوهم بمساعدة الجار الحليف الضامن المسلم، على معاهدات واتفاقات أفضت إلى هزيمة الثوار، وتسليم المدن، وتحويل مقاتلينا إلى مرتزقة يرسلهم إلى ليبيا وأذربيجان ليقاتلوا بالسخرة والأجرة، ويتركوا أهلهم وأرضهم وبلدهم مستباحا لبشار وعصاباته، والروس والميليشيات الإيرانية وقوات قسد وقنديل تسرح وتمرح وتعتقل وتقتل وتدمر وتستبيح الدماء والأعراض، وجنودنا مكبلون ممنوعون من قبل الضامن الجار المسلم، وفصائلنا تتقاتل على المعابر والمغانم، والجولاني يبني دولته الاسلامية العتيدة على اشلاء أطفالنا، وخراب بيوتنا..

     وحدها إرادة الله تدخلت وتتدخل في الوقت المناسب، وهاهو النظام المجرم يعلن إفلاسه، وكل المسعفين له يعجزون عن نصرته، ويبحث لافروف المجرم عن مخرج ومنقذ، ولكنه فشل ويفشل، لأن الجميع أفلسوا، وباتت خزائنهم خاوية على عروشها، وشعوبهم تريد منهم، بعد أن أفسدوها، وعلموها على الفوضى والدلال والبذخ واللهو والعبث والمجون..

      لقد تعطلت كل نواحي الحياة، في العالم الظالم المجرم كله، وقد مكروا مكرا ومكر الله لهم مكرا.. صنعوا الفايروسات لقتل المسلمين والعرب، ومنعهم من الصلاة في المساجد والحج إلى بيت الله والعمرة ، وقد نجحوا إلى حد ما، وفرحوا بذلك، وظنوا أنهم هزموا الله، فأغلقوا بيته، ومنعوا حجه وحجيجة، فانقلب السحر على الساحر وحاق المكر السيء بأهله، ورد الله كيدهم الى نحورهم، ووقعوا في شر أعمالهم، فتعطل اقتصادهم، وكسدت بضاعتهم، وفرغت جيوبهم، ولم يعودوا قادرين على تغطية نفقات الحرب، وذبح العرب المسلمين السنة في سورية والعراق واليمن وليبيا ومصر والسودان، والجزائر وفلسطين ولبنان، وهاهو نظام بشار يعيش آخر أيامه، ويلفظ أنفاسه الأخيرة، ويموت ميتة الجبناء، وتنتهي معه منظومة الجريمة والفساد والإفساد، وسيكنس الموت كل من وقف معه وسانده وساعده، وستنتصر أمة العرب في سورية وتبدأ الزحف المقدس من جديد، نحو تحرير أمة العرب من المحيط إلى الخليج، وتبدأ نهضة أمة العرب الموعودة، وترتفع راية الإسلام، ويعم العالم الأمن والسلام..

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى