مقالات

فخ المجلس العسكري في سورية!

مرهف الزعبي

ناشط سوري
عرض مقالات الكاتب

   بعد عقدٍ من صمود الثورة السورية بثبات مواقف ثوارها، و حفاظهم على مكتسبات من سبقوهم، و عدم انخراطهم، أو انصهارهم بتكتلات، و أجسام صنعتها أجهزة الاستخبارات المتعددة؛ بات واضحاً لكل ذي بصرٍ، و بصيرة بأنَّ العالم بأجمعه يقف، و يدعم حكم عائلة الأسد، أو من سيحل مكانها في استلام السلطة، حيث تعتبر الأولى؛ من أشدِّ الأنظمة التوتاليتارية في العالم إجراماً، و قمعاً، و بطشاً، و إفساداً. و هذا ما يسعى إليه المجتمع الدولي، ليبقى مسيطراً على سورية عبر عملائه، و أدواته. فأفسدت تلك العائلة؛ الفرد، و الأسرة، و المجتمع، و حتى الدين. بجميع الوسائل، و مختلف الأدوات. و لأجل هذا؛ فإنَّ النظام العالمي يبحث عن شركاء ينخرطون في تقاسم السلطة مع آل الأسد في محاولة لدمج المعارضين مع نظام الحكم  للالتفاف على الثورة، و القضاء عليها.

    نخاطب أخوتنا السوريين نازحين، و مهجرين، و منكوبين الذين يعيشون المأساة، و القهر في كل لحظة؛ إياكم و الوثوق بحكم عائلة الأسد، أو العهود التي تقطعها لكم المعارضات السورية المتباينة التي تتلقى ذات الدعم في التمثيل، و الاعتراف من مؤسسات المجتمع الدولي، و الذين لا يزالون يعترفون في حكم هذه العائلة المجرمة، و حمايتها لمنعها من السقوط، و الانهيار. و ما الترويج لشرعنة المجلس العسكري الوصي على السوريين، و ثورتهم بوصاية من دول تعتبر عدوة للشعب السوري؛ إلا محاولةً جديدة لتعويم هذه العائلة، أو لإبقاء نظام الحكم في سورية سلطوياً و بوليسياً كما كان قائماً بعد كل فشل سياسيٍ، أو عسكريٍ مُنيَ به الممسكون بملف الثورة السورية على مدار السنوات السابقة.

     و لا يُستبعَد أن يُقدَّم الثوار إلى المحاكم العسكرية، و محاكم أمن الدولة، و محاكم الإرهاب التابعة لنظام الحكم عن طريق استخدام هذا المجلس كأداة تنفيذية للاعتقال، و القتل، بذريعة ضبط الأمن، وفرض الاستقرار. ناهيك عن كمِّ الأفواه المطالبة بالحرية و الكرامة، و تغييب الأحرار، و نفي أصحاب الفكر و الرأي. و زجِّ من انشقوا عن حكم العائلة الحاكمة في سورية في حروب مع الثوار لسحب سلاحهم، و لتغيير الواقع لصالح آل الأسد. في  حين ينعم المجرمون بحرية تنقلهم، و إبقاء أسلحتهم، و تقديم الحماية لهم عن طريق مؤسسات الجيش، و الأمن. و ترك مجرميهم خارج أقفاص العدالة.

    و رسالتنا لأخوتنا الثوار؛ لولا فشل المجتمع الدولي بتحقيق أهدافه من خلال المعارضات السورية المتعددة الانتماءات، و التبعيات سياسة كانت، أو عسكرية؛ لما وصل لمحاولة فرض مجلس إئتلافي عسكري مناصفةً بين الضباط المنشقين، و ضباط جيش آل الأسد الذين شاركوا بقتل الشعب السوري، و تدمير البنى التحتية، ناهيكم عن تهجير المدنيين الذين لم يحملوا السلاح، و اعتقال الأحرار منهم، و التغيير الديمغرافي الذي قاموا به، و الذي يعتبر جريمة حرب. و ما الذين سينضوون تحت المجلس من الضباط – مع احترامي و تقديري للأحرار منهم و الذين يرفضون الوصاية، و الإملاءات الخارجية – سوى أدوات تعمل لتنفيذ ما يُطلب منهم و من دون تردد، أو اعتراض. كما كانت بأحسن أحوالها في زمن البعث الفاشي، و الأسد النازي. لإيهام الرأي العام العالمي بمشاركة جميع أطياف الشعب السوري في الحكم، و خاصةً الضباط السنَّة، حيث كانوا واجهة صدارة فقط، و كانت القيادة الحقيقة للعلويين على جميع الأصعدة.

    و من الواجب على الضباط الأحرار بأن لا يثقوا بوعود، و أكاذيب المجتمع الدولي؛ فتاريخ هذا الأخير مليء بالخداع، و المراوغة، و التضليل،  و الازدواجية في تطبيق، و ممارسة القانون الدولي وفقاً لما يخدم مصالح الكبار على عذابات و آلام، و جماجم مئات الملايين من الذين ينشدون الحرية، و استعادة الكرامة في العالم. و إنَّ المجلس العسكري الذي يُروج له، و يُفرض فرضاً على الشعب السوري من قبل قوى إقليمية، و دولية؛ لن يكون إلا في الصفِّ المعادي للثورة، و الذي نعتبره يصبُّ لصالح حكم آل الأسد، و نظامهم البوليسي. فالثوار داخل، و خارج سورية ليسوا ضد أي شخصية سياسية كانت أم عسكرية ينتجونها هم، و يلتفون حولها ليضفوا عليها الشرعية، و يعززون دعم مواقفها عبر الحاضن الثوري لتحقيق أهداف الثورة، و تطلعات الشعب السوري من دون مساومة، أو وصاية على حقوقهم، و حق تقرير مصيرهم بأنفسهم. و هذا ما تضمنه المعاهدات الدولية. و خاصة شرعة حقوق الإنسان، و العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما نصَّ عليه ميثاق المنظمة الأممية في مواده من احترام قرار الشعوب بحق تقرير مصيرها.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى