فخ المجلس العسكري في سورية!
بعد عقدٍ من صمود الثورة السورية بثبات مواقف ثوارها، و حفاظهم على مكتسبات من سبقوهم، و عدم انخراطهم، أو انصهارهم بتكتلات، و أجسام صنعتها أجهزة الاستخبارات المتعددة؛ بات واضحاً لكل ذي بصرٍ، و بصيرة بأنَّ العالم بأجمعه يقف، و يدعم حكم عائلة الأسد، أو من سيحل مكانها في استلام السلطة، حيث تعتبر الأولى؛ من أشدِّ الأنظمة التوتاليتارية في العالم إجراماً، و قمعاً، و بطشاً، و إفساداً. و هذا ما يسعى إليه المجتمع الدولي، ليبقى مسيطراً على سورية عبر عملائه، و أدواته. فأفسدت تلك العائلة؛ الفرد، و الأسرة، و المجتمع، و حتى الدين. بجميع الوسائل، و مختلف الأدوات. و لأجل هذا؛ فإنَّ النظام العالمي يبحث عن شركاء ينخرطون في تقاسم السلطة مع آل الأسد في محاولة لدمج المعارضين مع نظام الحكم للالتفاف على الثورة، و القضاء عليها.
نخاطب أخوتنا السوريين نازحين، و مهجرين، و منكوبين الذين يعيشون المأساة، و القهر في كل لحظة؛ إياكم و الوثوق بحكم عائلة الأسد، أو العهود التي تقطعها لكم المعارضات السورية المتباينة التي تتلقى ذات الدعم في التمثيل، و الاعتراف من مؤسسات المجتمع الدولي، و الذين لا يزالون يعترفون في حكم هذه العائلة المجرمة، و حمايتها لمنعها من السقوط، و الانهيار. و ما الترويج لشرعنة المجلس العسكري الوصي على السوريين، و ثورتهم بوصاية من دول تعتبر عدوة للشعب السوري؛ إلا محاولةً جديدة لتعويم هذه العائلة، أو لإبقاء نظام الحكم في سورية سلطوياً و بوليسياً كما كان قائماً بعد كل فشل سياسيٍ، أو عسكريٍ مُنيَ به الممسكون بملف الثورة السورية على مدار السنوات السابقة.
و لا يُستبعَد أن يُقدَّم الثوار إلى المحاكم العسكرية، و محاكم أمن الدولة، و محاكم الإرهاب التابعة لنظام الحكم عن طريق استخدام هذا المجلس كأداة تنفيذية للاعتقال، و القتل، بذريعة ضبط الأمن، وفرض الاستقرار. ناهيك عن كمِّ الأفواه المطالبة بالحرية و الكرامة، و تغييب الأحرار، و نفي أصحاب الفكر و الرأي. و زجِّ من انشقوا عن حكم العائلة الحاكمة في سورية في حروب مع الثوار لسحب سلاحهم، و لتغيير الواقع لصالح آل الأسد. في حين ينعم المجرمون بحرية تنقلهم، و إبقاء أسلحتهم، و تقديم الحماية لهم عن طريق مؤسسات الجيش، و الأمن. و ترك مجرميهم خارج أقفاص العدالة.
و رسالتنا لأخوتنا الثوار؛ لولا فشل المجتمع الدولي بتحقيق أهدافه من خلال المعارضات السورية المتعددة الانتماءات، و التبعيات سياسة كانت، أو عسكرية؛ لما وصل لمحاولة فرض مجلس إئتلافي عسكري مناصفةً بين الضباط المنشقين، و ضباط جيش آل الأسد الذين شاركوا بقتل الشعب السوري، و تدمير البنى التحتية، ناهيكم عن تهجير المدنيين الذين لم يحملوا السلاح، و اعتقال الأحرار منهم، و التغيير الديمغرافي الذي قاموا به، و الذي يعتبر جريمة حرب. و ما الذين سينضوون تحت المجلس من الضباط – مع احترامي و تقديري للأحرار منهم و الذين يرفضون الوصاية، و الإملاءات الخارجية – سوى أدوات تعمل لتنفيذ ما يُطلب منهم و من دون تردد، أو اعتراض. كما كانت بأحسن أحوالها في زمن البعث الفاشي، و الأسد النازي. لإيهام الرأي العام العالمي بمشاركة جميع أطياف الشعب السوري في الحكم، و خاصةً الضباط السنَّة، حيث كانوا واجهة صدارة فقط، و كانت القيادة الحقيقة للعلويين على جميع الأصعدة.
و من الواجب على الضباط الأحرار بأن لا يثقوا بوعود، و أكاذيب المجتمع الدولي؛ فتاريخ هذا الأخير مليء بالخداع، و المراوغة، و التضليل، و الازدواجية في تطبيق، و ممارسة القانون الدولي وفقاً لما يخدم مصالح الكبار على عذابات و آلام، و جماجم مئات الملايين من الذين ينشدون الحرية، و استعادة الكرامة في العالم. و إنَّ المجلس العسكري الذي يُروج له، و يُفرض فرضاً على الشعب السوري من قبل قوى إقليمية، و دولية؛ لن يكون إلا في الصفِّ المعادي للثورة، و الذي نعتبره يصبُّ لصالح حكم آل الأسد، و نظامهم البوليسي. فالثوار داخل، و خارج سورية ليسوا ضد أي شخصية سياسية كانت أم عسكرية ينتجونها هم، و يلتفون حولها ليضفوا عليها الشرعية، و يعززون دعم مواقفها عبر الحاضن الثوري لتحقيق أهداف الثورة، و تطلعات الشعب السوري من دون مساومة، أو وصاية على حقوقهم، و حق تقرير مصيرهم بأنفسهم. و هذا ما تضمنه المعاهدات الدولية. و خاصة شرعة حقوق الإنسان، و العهدين الدوليين لحقوق الإنسان، بالإضافة إلى ما نصَّ عليه ميثاق المنظمة الأممية في مواده من احترام قرار الشعوب بحق تقرير مصيرها.