سياسة

في الذكرى العاشرة للثورة السورية والتحركات السياسية

نعيم مصطفى – رسالة بوست

بعد أيام قليلة تدخل الثورة السورية في عشيرتها الأولى، ويبدو أن المأساة مستمرة، والحلول بعيدة المنال، والتشاؤم بكل أسف يخيم على رؤوس السوريين، فقد فَقَدَ الشعب السوري ثقته، بالعرب، والإقليميين، والدوليين، والأجسام المعارضة التي كان يعوّل عليها يوماً من الأيام.

فالمنصات المتعددة التي تزعم أنها تمثل الشعب السوري أصبحت تحج إلى روسيا التي فتكت، وبطشت بالشعب السوري، وجعلته شذر مذر، وحال المعارضين يذكر بتلك القصة التي تروى عن الطاغية ستالين (أستاذ بوتين) عندما كان يدرّس ويدرّب زبانيته على القتل والإجرام، ويحاول أن ينتزع منهم كل مشاعر الرأفة، والرحمة، ويلحقهم بالوحوش الضارية، فجمعهم يوماً، ثم أتى بدجاجة حية وراح ينتف ريشها ريشة تلو الأخرى إلى أن أتى عليها كلها، ثم رماها بعيداً، وأتى بحفنة من القمح بيده، وأشار لها أن تعالي كلي يا عزيزتي، فما كان منها إلا أن لبت دعوته، متجاهلة التعذيب والذل الذي وقع بساحتها، والذي سامها إياه.

هكذا بات حال الكيانات، والشخصيات التي تزعم أنها معارضة، أو تمثل الشعب السوري – إن أحسنا الظن بهم ونحن لا نحسنه – فهي تستجير بفرعون من هامان.

بعد الفتور، والركود الذي شاب الملف السوري منذ شهور إن لم أقل سنوات، ها هي روسية، ومع حلول الذكرى العاشرة للثورة، تقوم بتحريك الملف، وذلك بإزماع  وزير خارجيتها القيام بجولة إلى الإمارات، والسعودية وقطر، استهلها من قطر.

فقد رعت قطر اجتماعاً ضم روسيا وتركيا، إضافة إلى مشاركتها بأعماله، وقد رشح عنه، بيان تقليدي كلاسيكي يمج الآذان، ويدعو للتقيؤ، وكأن البيان صدر في السنة الأولى للثورة، وقبل سفك تلك الدماء الزكية التي يمكنها أن تغير لون ماء البحر إذا ما خالطته، ويمكننا ذكر البيان على مضض والتعليق على بعض فقراته.

  • الحفاظ على سيادة واستقلال ووحدة سوريا الترابية وفقاً لميثاق الأمم المتحدة.

أول المحتلين لسوريا، والذين يعيثون في أرضها فساداً هم الروس الذين أصدروا البيان، ثم الأمريكان يسيطرون من خلال ذراعهم قسد في الشمال على معظم ثروات البلاد النفطية، ثم حزب الله، وإيران لهم نصيب لا يقل عن حلفائهم من الروس والأمريكان….

  • لا يوجد حل عسكري للنزاع السوري.

لله دركم أيها الدول على هذه العبقرية السياسية التي صقلت وأتت أكلها عبر السنوات العشر الفارطة، إذا كان قد قتل من الشعب السوري مليون، والإصابات بمئات الآلاف، والمهجرين بالملايين، فهل  حصل هذا بنثر الورود والحلول الدبلوماسية، إسرائيل التي تمارس الحلول العسكرية مع إخواننا الفلسطينيين منذ سبعين سنة لم تقتل عشر ما قتل النظام، وسادته المتمسكين بالحلول السياسية.

يبدو أن المجتمعين يحتاجون للعودة إلى قاموس المصطلحات السياسية، والعسكرية لتحرير لفظة الحل السياسي.

  • أهمية دور اللجنة الدستورية.

وهل المأساة السورية سببها الدستور؟! لو أقر وفد النظام ،والمعارضة بأن الدستور الذي سيحكم سوريا هو الدستور السويسري، مع بقاء الأسد، لما تغير في المعادلة شيء، بل لزاد الأسد من صلفه، حزب البعث الذي تبنى مبادئه آل الأسد من الأب إلى الابن ومازال، لم يُطبق منه بند، لأن الطاغية دستوره الحقيقي إضفاء البندقية والقنبلة.

  • محاربة الإرهاب.

لا أعتقد أن هناك إرهابياً يستطيع بَزَّ الرباعي: بوتين، بشار، خامنئي، حسن نصر الله،  ولكن مقصود السياسي في هذه الكلمة  التي يستخدمها هو  نعت  خصومه  المعارضين بها حتى يضفي عليهم سمة الشر والهمجية  ، ولو كانوا قد حصلوا على جائزة نوبل.

وكان وزير الخارجية التركي جاويش أوغلو قد التقى برياض حجاب المنسق السابق للهيئة العليا للتفاوض في الدوحة، لبحث التطورات التي يشهدها الملف السوري بعد لقاء ثلاثي جمعه بوزير الخارجية القطري ووزير الخارجية الروسي كما غرد الوزير التركي دون أن يذكر تفاصيل اللقاء.

وقد خرج حجاب عقب لقائه مع جاويش في حوار على الجزيرة برسالة تطمينية للشعب السوري يبشره بأن بشار لن يكون رجل المرحلة المقبلة، وأنه يعيش في مأزق ، وأن المرحلة المقبلة تحمل انفراجة بالملف السوري، كما دعا السوريين للصبر.

والذي أراه أن هذا الكلام لا يعتمد على  حجج، وروافع تحمله، وإنما مشبوب بالعواطف، وأن لقاءه مع السيد جاويش هو من باب الاصطفافات السياسية، وتقاسم المعارضات، وأن الكلمة الفصل في القضية السورية هي التي تملكها روسيا، وروسيا كما هو معلوم تتقاطع مع المنظومة الأسدية المارقة في شعاراتها، فبوتين من القصر إلى القبر، وآل الأسد إلى الأبد، أو نحرق البلد.      

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى