حقوق وحريات

الطرق القانونية لمحاكمة مرتكبي الجرائم الدولية بسوريا في القانون الدولي 14من 20

الدكتور السيد مصطفى أبو الخير

خبير أكاديمي في القانون الدولي
عرض مقالات الكاتب

1- القوات الحكومية والقوات الموالية للحكومة

76-    استخدمت قوات الحكومـة، بما في ذلك أجهزة مخابراتها، أعمـال التعذيب الممنهج والواسع النطاق لاستجواب من تعتبرهم معارضين لها وتخويفهم ومعاقبتهم. ومورس التعذيب في مراكز الاحتجاز وفروع الأمن والسجون والمشافي.

77-    وظلت أساليب التعذيب المُبلّغ عنها سابقاً تُستخدم في شتى أنحاء البلد. وقد بدت على أجسام الكثير من الضحايا الذين أُجريت مقابلات معهم ندوب ظاهرة تؤكد صحة رواياتهم وتُظهر أعراض تعرّضهم لصدمات نفسية.

78-    وقدّم من أُجريت مقابلات معهم روايات متسقة يشيرون فيها إلى أن المخابرات الجوية هي من أسوأ مرتكبي أعمال التعذيب. وفي حماة، تعرّض المحتجزون لدى المخابرات الجوية للضرب لدى اعتقالهم وأُخضعوا للتعذيب خلال استجوابهم. ويشير أحد المنشقين عن المخابرات الجوية في حماة إلى أن الأفراد الذين مارسوا التعذيب لم يتعرضوا لأية إجراءات تأديبية.

79-    ويقوم الأمن العسكري باستجواب الأشخاص الذين يعتقلهم الجيش وعادة ما يمارس التعذيب. وقد احتُجز شخص اعتُقل في مدينة درعا في منتصف أيار/مايو ثم أطلق الأمن العسكري سراحه بعد ثلاثة أسابيع وكان مصاباً بكسر في الساق وبحروق متعددة في جسمه جرّاء تعذيبه باستخدام أعقاب سجائر مشتعلة. ووصف معتقل سابق آخر تعرضه للتعذيب في فرع الأمن العسكري 235.

80-    وقد أُخضع الضحايا في هذه المراكز لأساليب تعذيب لم تُوثّق من قبل. واستخدم أفراد المخابرات العسكرية أسلوب التعذيب بالماء، مثل الإيهام بالغرق، في الفرع 227. وقد حُبس المعتقلون في فرع الفيحاء في دمشق في زنزانات حبس انفرادي ضيقة (“أقبية”) يستحيل فيها على السجين أن يقف منتصب القامة أو أن يستلقي متمدداً على الأرض وقد احتُجز أحد المعتقلين في أوضاع كهذه لمدة 10 أشهر حيث كان يتعرّض للضرب يومياً، وقد عُلِّق من معصميه لمدة 17 يوماً وحُرق جسمه بأعقاب سجائر مشتعلة وأُخضع للتعذيب بالصدمات الكهربائية.

81-    وفي الحالات التي مثُل فيها المعتقلون أمام محاكم حكومية في مدينة حلب، بدت على أجسامهم علامات تعذيب واضحة لم يلتفت إليها القضاة.

82-    وقد تم توريط موظفين طبيين في بعض المشافي العسكرية في إساءة معاملة المحتجزين الخاضعين للعلاج في هذه المشافي.

83-    وتدير الأجهزة الأمنية وأجهزة المخابرات مراكز احتجاز داخل مشفى عبد القادر الشقفة العسكري في حي الوعر بحمص وفي مشفى المزة العسكري في دمشق. وقد أُحضر المعتقلون مكبلي الأيدي ومعصوبي الأعين وتم تسجيلهم وفقاً لرقم السلطة التي اعتقلتهم. وكان أفراد الأمن يتولون حراسة المحتجزين ويعملون كوسطاء بين المريض والطبيب.

84-    وسُجلت حالات مرضى تعرضوا للتعذيب في هذه المشافي، بالتنسيق مع فروع أمنية مختلفة. ويُقال إن المرضى تعرضوا للضرب في العنبر المحروس الذي يضم 14 سريراً في مشفى المزة العسكري.

85-    وقد نُقلت إلى مشارح المشافي جثث أولئك الذين قضوا تحت التعذيب في مشفى عبد القادر الشقفة العسكري وفي مراكز أمن الدولة في دمشق. ولم تُعد جثث معظم الموتى إلى أسرهم. وقد أُعيد بعضها إلى الأُسر مقابل التوقيع على إقرار تؤكد فيه أن الضحية قُتل على أيدي “الإرهابيين”.

86-    ووردت تقارير متعددة عن أعمال ضرب وإساءة معاملة عند الحواجز وغيرها من أماكن الاعتقال. ومعظم الضحايا هم من الرجال المتهمين بمساعدة المعارضة، وكثيراً ما يُنقل هؤلاء إلى الأمن العسكري ويتعرضون للتعذيب خلال الاستجوابات. وقد اعتُقل رجل في كانون الثاني/يناير عند حاجز في حي الخالدية (حمص) وظل محتجزاً إلى أن توفي في حزيران/يونيه. وقد بدت على جثته ندوب تدل على تعرّضه لضرب وجَلد شديدين.

87-    وقد تمّ توثيق حالات تعرُّض للضرب عند حاجز تابع للأمن العسكري على مدخل درعا وحاجز دير بعلبة التابع للأمن السياسي وحواجز على امتداد الطريق السريع بين حمص ودمشق حيث توجد مراكز احتجاز غير ثابتة وحيث تعرض المحتجزون للضرب قبل تسليمهم إلى المخابرات العسكرية خارج المشارة (القنيطرة) وفي الأشرفية (حلب).

88-    وارتكبت القوات الحكومية أعمال تعذيب وغير ذلك من ضروب المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة كجزء من هجوم ممنهج وواسع النطاق ضد السكان المدنيين عملاً بسياسة مؤسسية. ويدل تورط مؤسسات حكومية أو مشاركتها الفعلية في هذه الأعمال على أن التعذيب يكتسي طابعاً مؤسسياً ويُستخدم كجزء من سياسة منتهجة. وقد ارتكبت أجهزة المخابرات السورية، وبخاصة المخابرات العسكرية والجوية، وكذلك الأجهزة الأمنية، جرائم ضد الإنسانية تتمثَّل في التعذيب والمعاملة القاسية. كما أن هذه الأعمال تُعتبر عرضة للملاحقة القضائية بوصفها جرائم حرب.

          2-   المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة

89-    قامت بعض المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة بإساءة معاملة وتعذيب الأشخاص المحتجزين لديها. وفي حين أن هذه الانتهاكات قد ارتُكِبت في حالات معزولة، فإنها تمثل دلالات قوية على أن هذه الممارسات آخذة في التزايد.

90-    وفي منتصف أيار/مايو، قام أعضاء لجنة شرعية في شمال مدينة حلب باعتقال واحتجاز عدَّة ناشطين في أعقاب مظاهرة سلمية وأخضعوهم للعنف الجسدي، بما في ذلك ضربهم على أعقاب أقدامهم.

91-    وكان لواء عاصفة الشمال يدير سجناً يتسع ل‍ 300 سجين في أعزاز (حلب) حيث استخدم أسلوب استجواب تمثل في وضع المحتجزين في حفرة عمقها 1.5 متر ووُضِعَ فوقهم غطاء من الصفائح المعدنية لمدة 48 ساعة.

92-    وفي 19 تموز/يوليه، قامت كتيبة صدام حسين التي تشكل جزءاً من الشرطة العسكرية التابعة للواء التوحيد بضرب وتعذيب رجل باستخدام أسلوب “الدولاب”([1]).

93-    وارتكبت بعض المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة جريمة الحرب المتمثلة في التعذيب. كما أن المعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو المهينة للمحتجزين تشكل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

          3-   المجموعات الكردية المسلحة

94-    في شباط/فبراير، قامت قوات وحدات الحماية الشعبية في عفرين بضرب محتجين مناهضين للحكومة واحتجزت أفراداً ينتمون إلى الجيش السوري الحر. ووردت روايات عن إنشاء سجون جاهزة الصنع بالقرب من عفرين حيث تعرض المحتجزون للضرب. وارتكبت وحدات الحماية الشعبية أعمالاً تمثل معاملة أو عقوبة قاسية أو لا إنسانية أو مهينة، مما يشكِّل انتهاكاً للقانون الدولي لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني.

      واو-   العنف الجنسي

95-    كان للعنف الجنسي دورٌ بارزٌ في النزاع بسبب الخوف من التعرُّض للاغتصاب أو التهديد به وأعمال العنف المرتكبة. وتحدث أعمال الاغتصاب الجنسي أثناء المداهمات وعند الحواجز وفي مراكز الاحتجاز والسجون في شتى أنحاء البلد. ويُستخدم التهديد بالاغتصاب كوسيلة لترويع ومعاقبة النساء والرجال والأطفال الذين يُعتبر أنهم مرتبطون بالمعارضة. وتتفشى ظاهرة الامتناع عن الإبلاغ أو الإبلاغ المتأخر عن أعمال العنف الجنسي، مما يجعل من تقييم حجم هذه الظاهرة أمراً صعباً.

          1-   القوات الحكومية والقوات الموالية للحكومة

96-    ارتُكِبت أعمال عنف جنسي ضد نساء خلال المداهمات التي قامت بها قوات موالية للحكومة في درعا وحماة وطرطوس. وأقدم رجل أمن على اغتصاب امرأة أثناء عملية مداهمة جرت في درعا في كانون الأول/ديسمبر 2012. وحاول مقاتل من قوات الدفاع الوطني اغتصاب امرأة في منزلها في طرطوس خلال مداهمة جرت في أيار/مايو.

97-    وكانت مراكز الاحتجاز والسجون المواقع التي أُشير إليها في كثير من الأحيان كأماكن مورس فيها العنف الجنسي. وفي أواخر نيسان/أبريل، وصفت امرأة أُفرج عنها من فرع المخابرات السياسية في دمشق كيف أُرغمت على ممارسة الجنس الفموي مع مستجوبيها. ووصفت امرأة كانت محتجزة في المزة في دمشق في كانون الأول/ديسمبر 2012 اغتصاب من كنّ معها في الزنزانة. وفي أواخر كانون الثاني/يناير، استولى مقاتلو الجيش السوري الحر على مركز احتجاز في دير الزور ووجدوا أسرة ضمن السجناء. وقد اغتُصِبت الأم وأُرغمت على القيام بأعمال التنظيف والطهي لآسريها تحت التهديد بقتل أطفالها.

98-    واستُخدم التهديد بالاغتصاب كوسيلة لانتزاع الاعترافات كرهاً. وهناك امرأتان كانتا محتجزتين في المزة والفرع 235 في دمشق، على التوالي، أبلغهما مستجوبوهما بأن بناتهما سيُغتصبن إذا لم تعترفا. وهُدِّدت ممرضة كانت محتجزة في مركز شرطة في دمشق بأنها ستُغتصب اغتصاباً جماعياً إذا لم تكشف عن هوية الأشخاص الذين كانت تتولى علاجهم.

99-    وتعرضت نساء للتحرُّش والإهانة وكذلك، في بعض الحالات، للضرب عند الحواجز في دمشق ودرعا وحمص والقنيطرة. واغتُصبت طالبة جامعية عند حاجز في درعا في أوائل عام 2013 لأن شقيقها كان مطلوباً للحكومة. وفي وقت لاحق، رتّب الجيش السوري الحر لزواجها من أحد الأشخاص من أجل “صون شرفها”.

100-  وارتكبت القوات الحكومية وقوات الدفاع الوطني أعمال اغتصاب وغيرها من الأعمال اللاإنسانية التي تشكل جرائم ضد الإنسانية. كما أن أعمال الاغتصاب والمعاملة اللاإنسانية تشكل أفعالاً تخضع للملاحقة القضائية بوصفها جرائم حرب.

      زاي-   انتهاك حقوق الطفل

          1-   القوات الحكومية والقوات الموالية للحكومة

101-  إن معظم وفيات الأطفال وإصاباتهم قد نجمت عن عمليات القصف المدفعي والجوي. ففي 4 حزيران/يونيه، أُطلق صاروخ على كفر حمرة (حلب) أدى إلى مقتل 63 شخصاً، بمن فيهم 10 أحداث. ولم تكن هناك أهداف عسكرية على مقربة من البلدة. وفي 12 حزيران/يونيه، خلال قصف تل الشيخ (درعا)، أُصيبت فتاة في الثالثة عشرة من العمر بجراح بليغة عندما أصاب القصف منزلها. وتوفيت والدتها وأصيبت شقيقتاها بجراح بليغة من جراء القصف.

102-  وتعرّض أطفال لعمليات قتل. فعندما أغارت القوات الموالية للحكومة على البيضا (طرطوس) في 2 أيار/مايو، قُتل أطفال تتراوح أعمارهم بين 13 و15 سنة مع البالغين. وفي 10 نيسان/أبريل قُتلت أسرة بدوية في خربة التين (حمص). وتم إطلاق الرصاص على البالغين وذبح الأطفال الأربعة (انظر أيضاً المرفق الثاني).

103-  وينضم الشبان – أحياناً طوعاً، وأحياناً أخرى مكرهين – إلى الجيش وإلى قوات الدفاع الوطني. وتم تجنيد فتيان في السابعة عشرة من العمر قسراً عند حواجز في حلب؛ وقُتل أحدهم بعد أسبوعين. وذُكر أن المجندين الشباب تُساء معاملتهم ويدفعهم الجنود الأكبر سناً نحو الخطوط الأمامية. ولوحظ وجود شباب في سن السادسة عشرة والسابعة عشرة في صفوف قوات الدفاع الوطني.

104-  وفي حزيران/يونيه، أُوقفت حافلة كانت تقل نحو 50 مدنياً شُردوا من حمص، وأُخرج منها عشر فتيان تتراوح أعمارهم بين 14 و17 سنة وأُجبر الفتيان على خلع كل ملابسهم وتعرضوا للضرب عند حاجز للأمن السياسي في دير بعلبة (حمص). وأُطلق سراحهم فيما بعد.

105-  وأفاد المحتجزون البالغون بانتظام باحتجاز وتعذيب أطفال لا يتجاوز عمرهم 13 سنة في مرافق احتجاز.

          2-   المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة

106-  قُتل أطفال عندما قصفت المجموعات المسلحة بصورة عشوائية مناطق مدنية. وفي 15 حزيران/يونيه، قُتل طفل يبلغ من العمر 10 سنوات في الفوعة (إدلب) من جراء قصف عشوائي من مواقع تقع بالقرب من بنّش.

107-  وفي 8 حزيران/يونيه، قام ثلاثة مسلحين بإعدام محمد قطاع البالغ من العمر 15 سنة في حلب. وكان هناك طفلان من بين 27 شخصاً قُتلوا في حطلة (دير الزور) في 10 حزيران/يونيه (انظر المرفق الثاني).

108-  وقامت بعض المجموعات المسلحة بتجنيد أطفال يقل عمرهم عن 18 سنة. وضمت صفوف كل من لواء التوحيد وجبهة النصرة مقاتلين تتراوح أعمارهم بين 14 و18 سنة. ولم يكن المقاتلون الأصغر سناً مسلحين بأسلحة ثقيلة بل كانوا يخضعون لبرنامج تدريب ويشاركون في الأعمال القتالية في الجبهة. وذكر أحد المقاتلين أن الأطفال يجندون لأنهم “يقاتلون بحماس ولا يخافون”.

109-  وجُنِّد طفل عمره 13 سنة في أحد ألوية الجيش السوري الحر في درعا بعد أن تعطلت مدرسته. ولم يكن مسموحاً له بنقل أسلحة أو ذخيرة وإنما كان يُستخدم كحمّال تشتمل وظائفه على نقل الجرحى والأدوية وإعداد الذخيرة. وقد أصيب بجروح بليغة في أيار/مايو. وهناك فتى آخر انضم إلى إحدى المجموعات التابعة للجيش السوري الحر عندما كان عمره 13 سنة بعد أن شاهد أباه يتعرض للإذلال عند أحد الحواجز. وكان الصبي يقدم خدمات الدعم لتلك المجموعة.


  • انظر A/HRC/23/58، الفقرة 83.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى