مختارات

قائد الجيش يحذر السلطة اللبنانية وباسيل ولعبة احراق مرشحي الرئاسة

ليس ثمة ما يمكن تخيله في لبنان، فكل الأمور قابلة للتحقق، أحد أبرز المستحيلات هو أن الاجتماع الطارئ الذي دعا له رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا لمناقشة تبعات الأزمة المالية التي أوصلت العملة المحلية لهذا الحد من السقوط المدوي يتحمل مسؤوليته، بحسب بيان الرئاسة، “تطبيق المضاربات” الذي يحمله الباب العالي في بعبدا مسؤولية انخفاض قيمة الليرة اللبنانية، هذا في الشكل، لكن في المضمون كان رئيس الجمهورية ميشال عون غير راض عن بيان ومواقف قائد الجيش جوزيف عون، الذي أعلن صراحة أمام ضباط الجيش قبيل مشاركته في الاجتماع الأمني -المالي الطارئ أن الواقع لم يعد يحتمل، وأنه يرفض وضع الجيش أمام الناس، متوجهاً بالقول: “لم يعد بمقدورنا السكوت عما يجري من حملات تشن علينا من جهات معروفة الأهداف”.

 لم يسمّ قائد الجيش أي جهة بعينها، لكنه قصد القول إن كل الحملات مكشوفة ويراد من خلالها زج الجيش في وجه الناس كرماً لعيون الحالمين، لذا فإن تصريحات قائد الجيش حظيت باهتمام أوسع خلال الساعات الأخيرة؛ لأنه فهم منها أن توتراً حاصلاً بين الرئاسة الأولى وقيادة الجيش على خلفية طلب رئيس الجمهورية ميشال عون فتح الطرقات بالقوة، وهذا ما يرفضه قائد الجيش، وذلك منذ انطلاق انتفاضة 17 تشرين، لذا فإن قائد الجيش جوزيف عون بقي صامتاً معظم الوقت في الاجتماع على الرغم من محاولات رئيس الجمهورية توجيه بعض سهامه على القوى الأمنية، واتهامها أن لها حصة في الأحداث الجارية في الشارع.

المس بالمرتبات ورفض التدخل بالتعيينات

كان موقف قائد الجيش اللافت يرتكز على عناوين ثابتة، هي عدم الرغبة بزج الجيش في معارك السياسة، والثانية عبر رفض سياسة الاقتطاع من مخصصات الجيش في ظل وصول الرواتب لأدنى مستوياتها مع تبدد العملة أمام الدولار، حيث شدد قائد الجيش على أن “الأعباء كبيرة ولا تقابل بخفض مستمر ومتكرّر للموازنة، مش فارقة معهم الجيش ولا معاناة العسكر. نحن لن نقبل المسّ بحقوقكم، مع العلم أننا أوّل من مارس سياسة التقشّف منذ 2018″، حيث يدرك قائد الجيش أن ما يجري من تدهور للعملة بات الجندي اللبناني شريكاً به مع المواطن؛ لذا فإن عون -قائد الجيش- بات يدرك حجم الضغط الذي بات العسكري يتعرض له في الشارع، معطوفاً عليه حملات إعلامية يشنها إعلام حزب الله ضد الجيش تحت عناوين الفرار من الجيش والتملص من الأوامر، ما يفتح الباب على استهداف مبرمج تتعرض له المؤسسة العسكرية من بوابة الحزب وحلفائه.

ووفق مصدر مطلع فإن جزءاً من الحملة المركزة على الجيش جاء نتيجة حصول الجيش على المساعدات الغذائية، والدعم الذي يتلقاه عبر دول صديقة يمر مباشرة للجيش دون المرور عبر السلطة السياسية، الأمر الذي أدى لامتعاض بعض المسؤولين، والخشية من أن يتحول الجيش لمصدر ثقة دولية وعربية، بعد إصرار المجتمع الدولي على توزيع مساعداته عبر مؤسسات مجتمع مدني غير حكومية أو عبر الجيش مباشرة؛ لذا فإن أحد أبرز أسباب الحملة المركزة على القيادة العسكرية، بحسب المصدر، هو ثقة الدول الغربية بالجيش دون سواه لتمرير المساعدات وتوزيعها.

في الجانب الآخر، كان سقف قائد الجيش أمام ضباطه عالياً باتجاه رفض التدخل بقرار الجيش وتعييناته، لذا خرج قائد المؤسسة العسكرية للقول إن “المؤسسة العسكرية على مسافة واحدة من الجميع. وهناك حملات سياسية ضدّ الجيش لأنهم يريدونه مطواعاً بأيديهم، وهالشي بأيامي لا  صار ولا رح يصير. وممنوع على أيّ كان التدخّل بشؤوننا، لا بالتشكيلات ولا بالترقيات ولا حتّى برسم مسار المؤسسة العسكرية وسياستها“.

وهذا الأمر يزعج البعض، حيث إن هذا الكلام بحسب مصادر متابعة يراد من خلاله إيصال رسائل لكل من التيار الوطني الحر وتيار المستقبل، اللذين حاولا مراراً التدخل بالتعيينات العسكرية والأمنية داخل الجيش، وتم منع ذلك وتحديداً في مخابرات الجيش، حيث تم تعيين مسؤولي مخابرات من خلال تشكيلات قدمها قائد الجيش حصراً؛ لذا فإن الموقف كان مناسبة لإيصال رسالة للحريري وباسيل الذين اتهما الجيش في مواقف منفصلة مرات عديدة بالتقصير، حيث خرج باسيل الصيف الفائت لاتهام مخابرات الجيش بغض الطرف عن التدخل التركي في شمال لبنان، ثم محاولة الحريري منذ شهر اتهام الجيش بالتقصير خلال أحداث طرابلس الأخيرة.

تحريض المستشارين.. الأمن يغض الطرف

قبيل اجتماع قصر بعبدا كان مستشارو القصر الرئاسي يغمزون في اجتماعاتهم مع الرئيس عن تواطؤ محتمل للقوى الأمنية في تحريك الشارع عبر مفاتيح تديرها الأجهزة الأمنية في ساحات لبنانية متعددة، وأن هذا التحرك ليس شعبياً بل بخلفية سياسية يراد منها إحراج الرئاسة ودفعها أكثر للصدام مع الشارع. 

ووفق مصدر سياسي مطلع، فإن بعض المستشارين تلا على الحاضرين من زملائه المستشارين ورقة تضم أحزاباً سياسية تقف خلف التظاهرات وقطع الطرقات، وهي بحسب الرجل كل من تيار المستقبل والقوات اللبنانية والحزب الاشتراكي والجماعة الإسلامية وحركة أمل ومجموعات سياسية تديرها سفارات أجنبية هدفها الضغط على رئيس الجمهورية للقبول بشروط الرئيس المكلف سعد الحريري، لذا فإن فتح الطرق ومنع إغلاقها، بحسب المستشار، يجب أن يتم من قبل الأجهزة الأمنية، وإلا فهي شريكة بالمؤامرة على العهد، وعليه فإن هذه الاتهامات، بحسب المصدر، تندرج في إطار التقليل من أهمية التحركات عبر وضعها في إطار الاستغلال السياسي لإيجاد مخرج في حال اقتضى الأمر العمل على فض التظاهرات بالقوة، وهذا ما ترفضه القوى الأمنية التي لم تنفذ بنود بيان قصر بعبدا، حيث بقيت الطرق مغلقة دون تدخل من أي جهة أمنية لفتحها أو فض التجمعات.

باسيل وهاجس الرئاسة

في المضمون لكل ما يجري من استهداف للمؤسسة العسكرية، يرى مرجع سياسي أنها تكمن في لمسات رئيس التيار الوطني الحر جبران باسيل المستند بظهره على حزب الله، فباسيل يريد إحراق أي مرشح محتمل لرئاسة الجمهورية؛ لذا يعمد الرجل إلى ضرب صورة جوزيف عون وتهشيم دوره تحت حجة التقصير بمعالجة المشاكل الأمنية. 

ووفق المرجع، فإن باسيل المعاقب أمريكياً والمخاصم داخلياً من معظم الأطراف يخشى من التوافق على قائد الجيش لإيصاله لرئاسة الجمهورية، في ظل عدم وجود مرشحين مقبولين كثر لخلافة الرئيس ميشال عون

ووفق المرجع، فإن باسيل يصارح كل المقربين منه حول هواجسه من تسويق قائد الجيش لمنصب الرئاسة الأولى، لذا فوفق المرجع، فإن كل الحملات التي تشن على العماد جوزيف عون تحظى برضى باسيل ودعمه.

المصدر : عربي بوست

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى