مقالات

حديث الشجون 1

حسام نجار

كاتب صحفي ومحلل سياسي
عرض مقالات الكاتب

نكأ الجراح خصلة لا يملكها إلا القليل مستفيداً من وضع ما أو حالة ما أو مأساة ما .إن البحث عن مواقع الألم فقط دون تخفيف لها أو مسح للدموع أو ترويح عن النفس يعتمد عليه البعض للتحفيز و الدفع للإنتقام وهذا لا بد منه في حالات عديدة كي لا تبقى الروح الإنهزامية قائمة في النفوس ،

تلك الروح التي خلقت للحرية والانطلاق و الانعتاق من عبودية الفرد لعبودية رب الأرباب .

إن الجماهير الثورية تشكل ذلك الوعاء الذي تنطلق منه كل القدرات ويبقى تنظيمها وتشذيبها وتنقيتها بيد النخب الثورية تلك النخب القادرة على التوجيه والباحثة عن نقاط القوة لتعزيزها ونقاط الضعف لتقويتها وعدم إظهارها .

فما دامت هناك جموع بشرية تشارك بكل ثقلها في الحراك الثوري فلا بد أن تتنوع تلك الجموع بتنوع البيئات والتربية وكذلك بإختلاف التعليم والتدين و الإنتهازية ، فلا توجد مدينة فاضلة ولا توجد جموع مثالية ،إن الثورات ولدت لتعيش لا لتموت محكومة بذلك بقدرة نُخبها على الالتصاق بالشعب و توجيه هذا الشعب و أية ثورة مضادة لتدوير القديم والقضاء على الجديد تكون بسبب عدم التوافق والتلاؤم بين الجموع ونُخبها لأسباب عديدة .

لا تنحصر مهمة النُخب بالتجميع والتوجيه بل لا بد من العمل على الابتكار والخَلْق و الإبداع و أن لا تكتفي بالموجود بل عليها التجديد المستمر .

إن تلك النُخب لا يشترط فيها التأهيل العالي ؛وأن تكون من عٍلية القوم لكن يجب أن تكون فوقية متسلطة تتربع على برج عاجي بل مرتبطة بالأساس الشعبي منبثقة منهم عانت ما عانوه من بطش و إرهاب ،تملك الأفق الواسع ، محبوبة لأن الحب يدفع للعمل و الاتباع .

في متابعات عديدة من البحث لم نجد في وطننا العربي تلك النُخب القادرة على إحداث هذا التغيير في سلوك الجموع وتصرفاتهم رغم محاولات عديدة هنا أو هناك وقفت الحكومات ضدها ، فالحكومات تريد قطيعاً دون راعٍ ٍ ، أو تصنع راعياً تريده هي ينفذ أهدافها بقيادة القطيع .

لكن السؤال الملح وباستمرار ……

تلك الحكومات هل تريد من شعوبها أن يبقون خلف ركب الأمم ؟ ما هي مصلحتها في تأخر بلدانها وشعوبها ؟؟؟

هنا يتبادر إلى الذهن مباشرة إجابة مقتضبة بسيطة ألا وهي …سهولة قيادتهم وانقيادهم والتحكم في مصيرهم .

لقد عرف الحكام العرب تحديداً أن العامل الديني هي نقطة الارتباط الأساسية بين الجموع والنُخب فاستطاعوا على فترات  تدجين هذا العامل واستغلاله وتقييده، ثم توجيهه بالصورة التي تجعله يعمل لصالحهم ،ومن خرج عن هذا التقييد كان مصيره خارج المنظومة البشرية أي التنكيل والقتل والترهيب والسجن !

كما هيأ هؤلاء الحكام منظومة جديدة بنفس مفاعيل العامل الديني يسبح بحمدهم لنقض وضرب الأخرين واستخدام الآيات القرآنية والأحاديث النبوية استغلالاً شديد السميّة بحيث تهاجم العامل الديني و القائمين عليه .

ومن هنا قلت :إن على النُخب أن تكون قادرة على الإبداع و الخَلْق فليس العامل الديني وحده القادر على الجذب و إن كان عاملاً مهماً و منبعاً لكل الأفكار .

في الحالة العربية لم تؤد تلك النُخب دورها ولو في جزء منه وهي مكلفة شرعاً بهذا الدور فهل لعزوفها أم عدم قدرتها على القيام بهذا الدور أسباب جوهرية ؟

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى