منوعات

الرجولة الزائفة!

علي الصالح الظفيري

ناشط سياسي سوري
عرض مقالات الكاتب

الرجلُ في اللغة : هو الذكرُ البالغُ من بني آدم .

وقد أصبح لهذهِ الكلمة معانٍ عميقةٍ ترسخت عبر العصور ، فلا يطلق على كلِ الذكورِ البالغين كلمة رجل ، بل صار لقباً فخرياً لكلِ من يحملُ الكثير من الصفات الحميدة التي يُتَفَاخر بها ، فالقوّة والشجاعة والغيرة والحكمة وغيرها هي من الصفات التي يحملها ذاك الذي يسمونه بالرجل .
وعبر التاريخ كانت القبائل والمدن والدول تتفاخر بأن منها فلان هو رجل بمعنى الكلمة .
ولكن واقع الرجولة اليوم مزريٍ مع الأسف ، ففي غياب العلم والبعد عن تعاليم الدين الحنيف تشوّه مفهوم الرجولة عند قسمٍ ليس بقليل من الرجال ، فالرجولة صارت مِزقٌ من موروثات سقيمة فاسدة تتّكأ تارة على ماتنتقيه من الفقه الإسلامي في الحلال والحرام أو على عادات وتقاليد لا تمت للدين والأخلاق بصلة .
فتراه يحفظ عن ظهر قلب الآيات والأحاديث التي يستدل بها على أنه المسيطر الأوحد في البيت ، وطبعاً السيطرة على تلك الضعيفة التي هي أخت أو زوجة وحتى أم عند البعض . ويتغافل عن الكم الكبير من النصوص التي تحثُ على أن تكونَ المعاملة للأنثى بالرحمة والمودّة والبر ، فعندما يأخذ الميراث منها عنوة يتركُ الدين جانباً ليستدل بموروثٍ فاسد عند البعض تُمنَعُ فيه المرأة من الميراث سواء كانت أمًا أو أختًا أو إبنةً أو زوجة .
وتراه يتشدّقُ بالشرف والرجولة وأن عليها الحشمة الكاملة و أن لا تخضع بالقول أمام الرجال ، ولكن تغيب تلك الرجولة عندما يأخذُ منها المال الذي تجنيه من عملها ، وهو ذاك الذي يحرمها أحياناً حتى من الخروج خارج المنزل بدعوى الخوف على عرضه من الرجال .
بينما تراه ينصب الشباك لهذه وتلك لتقع فرسية حبه الكاذب ليحصل من أنوثتها مايستطيع الحصول عليه ، نعم هي رجولة مزيفة بل تصبح أحياناً عند البعض منحرفة لتصل إلى حد الإجرام ، فبعض الرجال يستغل بأن المرأة غالباً ماتتمسك بالأسرة والأطفال مهما كانت الظروف قاسية فهو يمارس الضغط عليها محاولاً تحويلها إلى عبدة له ، يستغلها مادام بها عرق ينبض .
كنت قد أسلفت أن ماوصل إليه واقع الرجولة عند البعض هو بسب غياب العلم بتعاليم الدين القويم ، فالإسلام أعطى الرجل البالغ العاقل العدل القوامة على المرأة نعم ، ولكن تلك المهمة هي للتكليف لا للتشريف كما يظنها البعض ، فالرجل راعٍ في أهله وهو مسؤول عن رعيته ، أي محاسب عن الإفراط أوالتفريط في حقوقهم وواجباتهم ، فالإسلام أعطى لكل فردٍ في المجتمع حقوق وواجبات مادية ومعنوية لو طبّقها المجتمع لكاد أن يصل إلى مرحلة الكمال .
لذا علينا أن نعيد تقييم مفهوم الرجولة المغلوط عند البعض وأن يكون الرجال رجال بكل ماتعنيه الكلمة من معنى لأنّ صلاح المجتمعات لا يكون إلا بصلاح أفرادها ، والرجل كما المرأة كما الطفل هو ركن من أركان أي مجتمع .

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

شاهد أيضاً
إغلاق
زر الذهاب إلى الأعلى