ثقافة وأدب

حينما يصير ضعف الذاكرة نعمة!

أ.د فؤاد البنا

أكاديمي ورئيس منتدى الفكر الإسلامي
عرض مقالات الكاتب

لا يستطيع أن يجدد ويبتكر إلا من تمرد على التقاليد الموروثة وحطم القوالب القائمة.
ولأن للحفظ تأثير كبير على طرائق التفكير؛ فإن الذاكرة القوية قد تصبح نقمة على صاحبها إن لم يقم بتفعيل مداركه العقلية التي تعينه على الفهم وتمنحه الوعي وتذهب به نحو امتلاك المنهج الذاتي في التفكير والتجديد.
إن حفظ نتاجات الآخرين داخل الذاكرة من دون وجود منهج نقدي، يصنع بيئة خصبة للتقليد، ومع مرور السنوات تتكون قوالب تمنع المرء من الانطلاق نحو فضاءات التفكير الحر وارتياد واحات الابتكار والإبداع، بجانب أن الذاكرة تتسع على حساب المدارك الأخرى للعقل، فيصبح المرء عاجزا عن: التحليل والتركيب والاستنباط والاستقراء والخيال والنقد.

ولأن النعمة قد تأتي على صورة نقمة، فإن ضعف الذاكرة قد يكون عاملا مهما في دفع المرء نحو تفعيل مداركه العقلية الأخرى، مما يمنحه القدرة على امتلاك يراع متميز وتفكير متجدد، وقد يصبح إنتاجه الثقافي أو العلمي إضافة حقيقية للمجتع الذي يعيش فيه أو ينتمي إليه.

ويبدو أن الأديب المصري الشهير مصطفى لطفي المنفلوطي واحد من هؤلاء، فقد سطر في مقدمة كتابه (النظرات) نبذة عن تجربته في الكتابة المتميزة وأعاد الفضل في ذلك إلى ضعف ذاكرته، بمعنى أن صعوبة حفظه منع نصوص الآخرين من استيطان عقله، ولو استوطنت لما تفتقت ملكاته الإبداعية ولصار نسخة أخرى ممن تأثر بهم وأحبهم!

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى