مقالات

هل الثورة خيار ام استحقاق؟ من مذكرات ثائر سوري 6

محمد حساني

ناشط ثوري
عرض مقالات الكاتب

إن المحقق والمراقب للوضع السياسي في سوريا يخلص إلى أن سوريا وقعت تحت مؤامرة احتلال داخلي كامل الأركان والمواصفات ؛حتى وإن كان هؤلاء يحملون الهوية السورية، فبالنتيجة هم لا يملكون أي انتماء لسوريا أرضًا أو شعبًا، فحتى العدو لا يفعل بمستعمراته مافعله نظام حافظ الأسد بسوريا من التدمير الممنهج للمجتمع على جميع الاصعدة السياسية والاجتماعية والأخلاقية ؛وتدمير الأسرة التي هي أساس بناء المجتمع ،وأيضًا كيف دمّر التعليم وبدد مقدرات سوريا وثرواتها.


بدأ مخطط هذا النظام منذ الاجتماع الأول الذي تم بالقاهرة لتحالف الاقليات عام ١٩٦٣، تحت رعاية عبدالناصر الذي تمخض هذا التحالف عن انقلاب شباط ١٩٦٦ ،والذي سمّاه المراقبون باليوم الأسود
نعم لقد تم تحالف الأقليات لاغتصاب السلطة والسيطرة على مفاصل القوة في سوريا، بينما المكون الرئيسي كان غارقًا في بحر أوهام الشعارات القومية ،فضلاً على ان البعض منهم كان غارقًا في النساء والخمور إلى أن تم سحب البساط من تحت أقدامهم ،وأخيرًا واجهوا النفي والاعتقال والاعدام ،وأكثر ما تجلى ذلك بعد انقلاب المقبور حافظ.


ولا أنسى هنا ماتهيأ من أرضية ساعدت تحالف الأقليات على إنجاح مشروعهم مافعله أكرم الحوراني من استقدام النصيرية من الجبال ،حيث أسسوا لبناء مستوطنات في المحافظات ،ومنحهم هويات لأجل الانتخابات البرلمانية أيضًا !

لا أنسى عملية تسريح الضباط السنة التعسفي والمدروس مما شكل فراغًا كبيرًا في الجيش كان لابد من سد الفراغ بالنصيرية ، حيث كان يقبل في الجيش كل المتقدمين من النصيرية ومن يحمل الابتدائية يقبل كضابط ،وهذا مخالف للقوانين ،وبهذا اختل توازن الجيش والأمن لصالح أبناء الطائفة ممن يوسمون بالجهل ، وهذا أدى إلى أن يحملوا الحقد إلى جانب الجهل ، فباتت لغتهم القتل ، والنهب المنظم لخيرات سورية ، وبهذا أصبحت القوة العسكرية بيدهم.
عام ١٩٧٠، اغتصب السلطة المقبور حافظ الأسد بشكل رسمي بديكور من حثالات الشعب السوري وعصابات من الرعاع والهمج بيدهم القوة والسلاح ،وبيد زعيمهم المال ليشكلوا إمبراطورية القوة الغاشمة على قاعدتين:
الأولى ؛الضباط النصيريون الذين لايملكون أي قيمة أخلاقية ولا حس انتماء.
القاعدة الثانية ؛تجار السنة الذين آمنوا له ما يحتاجه من المال لاكمال مشروعه الاحتلالي ،وبدوره فتح لهم أبواب الدنيا باخترق القوانين الناظمة والدوس عليها.
وبهذا تمكن المقبور حافظ من تأسيس دولة الفساد والاستبداد، ولكن كانت له أهداف أخرى أكبر وأكثر بعدًا في الإجرام والخيانة وللوصول لهذا الهدف أنشأ حافظ الأسد أفرع المخابرات ،والمحاكم الميدانية وفرض حالة الطوارئ ،وأنشأ محكمة أمن الدولة ،وأحصى على الناس أنفاسهم ،وعاش الناس في حالة من الرعب والهلع ،واختزلت الدولة السورية بشخصه فصارت سوريا سوريا الأسد!
كم كنّا نحذر الناس من تجذر حكم حافظ ونظامه القمعي المجرم، فهو أخذ البلد للهاوية شارحين لهم مخططه ومشروعه الخبيث ،وكيف اعتمد على الرعاع والمجرمين وحثالة الشعب السوري، ورشوة التجار، وعندها يصبح اقتلاعه أصعب من “ألموت “وسيكلفنا الكثير بل ربما يكلفنا الوطن لكن أحدًا لم يسمع !
كان واضحًا أمام القليلين مشروع المقبور حافظ، وأكثر من وعى حقيقة مشروعه كان” الاخوان المسلمون” فقاوموه مقاومة شديدة ،ولأسباب متعددة سنشرحها لاحقًا، استطاع التغلب عليهم ،وسحقهم مما أدى إلى ازدياد حجم تمكنه من رقاب السوريين، ومهد الطريق أمامه لتنفيذ مشروعه الطائفي القذر وإخراج السنة الذين هم المكون الرئيسي من معادلة الدولة، ليتفرد بالحكم والسلطة هو وأبناء طائفته فكانوا مشروع احتلال أكثر مما هو حكم دكتاتوري عاشق للسلطة .
أمام هذا الوضع البائس واللامتناهي في السوء، لم يكن أمام الشعب السوري من خيار سوى الثورة لاسترداد سوريا ممن اغتصبها ،فكانت الثورة أمام تلك الاعتبارات استحقاقًا وليس خيارًا لتحريرها من المحتلين بغض النظر عن صفة هذا المحتل.

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى