مقالات

حكومة وأحزاب وشعوب البطاريق والانقياد الأعمى !

الدكتور محمد الشيخلي

خبير في القانون الدولي
عرض مقالات الكاتب

لطالما لفت انتباهي طائر البطريق، وطالما تابعت حياة هذا الطائر الجليدي بقطعانه المليونية وهي تسير الهوينا بعضها خلف بعض ، وتسبح بانسيابية في المحيطات ،وتسير على الجليد بخطوات أقرب إلى البشر وهي ترتدي العباءة السوداء ،وكأنها ذاهبة لأداء مناسك العبادة قطعان تجر قطعانًا .

ولا أخفي عليكم كيفية اهتمامي بها ،لأنها تتبع كبيرها دون تفكير، أو استخدام لما تحمله من بعض الذكاء الفطري ! فتراها تقف كالقطيع على جبل الجليد تنتظر كبيرها أن يهوي بجسده إلى مياه المحيط ، فإن نزل كبيرها إلى الماء نزلت خلفه وسبحت معه قطعانًا قطعانًا دون أن تلتفت إلى المخاطر التي تنتظرها من وحوش المحيط وحيتانه وأسود بحره ؛فيلتهم أجسادها بدموية ، بل كل ناظر متربص بها تحت الماء ، فتسيح دماؤها وتتمزق أجسادها ، وكبيرها غير مهتمٍ بما يجري لقطيعه الذي قاده إلى الهاوية ! وعند انتهاء المجزرة التي سبحت إليها البطاريق دون تفكير أو روية أو اهتمام ،تعود قطعان البطاريق المتبقية وهي تنتظر على السواحل كبيرها أن يختار زاوية أو ساحل أو قطعة أرض يخرج اليها من المحيط ، فترقب كبيرها وتنتظر ، فيخرج كبير البطاريق بجسده مسرعًا ،وتهب البطاريق خلفه ثانية دون تفكير أو روية أو بصيرة ، وتتطاير أجسادها بالهواء تتبع كبيرها الذي خرج ، وهي لا تعلم مدى المخاطر الجمة التي تنتظرها عند الساحل من الوحوش والطيور الكاسرة التي تهب عليها تقطيعًا ، حتى إذا أكتملت البطاريق بخروجها ،اجتمعت قطعانًا مرّة أخرى ، تنتظر كبيرها إن رغب بالقفز للمحيط من عدمه ،حتى تتبعه دون تفكير أو روية وتستمر المجازر بحقها ، وكبيرها قابع وسطها متمخترًا بعبائته السوداء يمشي الهوينا بين البطاريق ،وكأن شيءًا لم يكن ، وكأن الدماء والأجساد التي تطايرت في المحيط أو الساحل هي جزء من سياسة الطبيعة الدموية !

بعض الشعوب لا تختلف عن البطاريق نهائيًا فهي تتبع كبيرها دون استخدام العقل ، ودون استنباط الأحكام عقليًا، وإنما نقلًا بالإنابة ! فهذه الشعوب تغلق عقولها وتتبع العقل الجمعي والتقليد الأعمى ، فتراها تضع عقولها في إجازة وتنتظر كبيرها ( البطريق الأكبر ) حتى يفتيها متبجحًا بعبقريته ملتحفًا عباءته السوداء منظّرًا من صومعته ويسير الهوينا لأداء مناسك العبادة ، غير مدرك للمخاطر التي تحوم بقطيعه ومدى المجازر التي تذبح القطيع يوميًا ، نتيجة اتباعه دون تفكير !

والمشكلة أن هذه القطعان البشرية أستأنست بالاتباع والتقليد ،ووضعت عقولها في خزائن التأريخ ، وتنتظر كبيرها أن يذهب بها لسفينة النجاة ،وكأنها لا تعلم أن المحيط الدموي مليء بالوحوش والحيتان لتنزل خلف الكبير دون استخدام للعقل ، فتتمزق أجسادها وتتناثر دماؤها وهي لا تعلم ما يجري حولها وبمحيطها ؛وتستمر هذه القطعان البشرية تقدم الأضاحي ، وهي عمياء مقلدة للآخر ، وبتبعية غير مبررة وغير مقبولة إنسانيًا ؛ حتى وصل الأمر أن يستخدم كبير قطيعنا البطريقي قطعانه البطريقية للدفاع عن بعض الكواسر البشرية الدموية من بقية زعماء قطعان البطاريق !عفوًا الأنظمة السياسية البطريقية الأخرى ، فيرسل بطاريقه لتموت في دول بطريقية أخرى ، بحجة أن سفينة نجاتها يقترن بموتها دفاعًا عن مقدسات بطاريقها ،وتعود جثث الضحايا البطريقية بتوابيت طائرة لتشييعها بموكب بطريقي مهيب , وكل البطاريق المقلدة تسير خلفها وهي تنحب وتولول دون أن تعي أنها أستخدمت للدفاع عن زعيم بطريقي دموي أفنى قطيعه وذبحه وقدمه في محراب شعارات المقدسات والمقاومة …! والمهم أن قطعان البطاريق أنتجت حكومة بطاريق وأحزاب بطاريق ، فترى رئيس وزراء البطاريق ، عين ممثلآ عن كتل قطعان البطاريق في وزارته ن وأصبح لدينا “وزير بطريقي” في كل وزارة ، والبطريق الوزير عين بوزارته كل بطاريق عائلته ، حتى أصبحت مواريث البطاريق عرفًا بطريقيًا لكل وزارة ، وتمتع بثروات ومزايا وحصانة دولة البطاريق ، والمصيبة يتمختر هذا الوزير البطريق ،ويصرح وينسحب ويعود لوزارته معتبرًا نفسه زعيمًا ومفكرًاو فقيهًا؛ وكأنه نسي أنه مجرد بطريق يستخدم لنوايا وأجندات حيتان المحيط وكواسره؟!

والعجيب في الأمر؛ أن كبير بطاريقنا بارك وزارة البطاريق الديمقراطية ،وقطعانها وجيوشها ومليشياتها، حتى انتجت بطاريق بطاطية وخزعلية ، وسكت عن قتل واستباحة دماء وأموال وأعراض مجاميع بطريقية تسكن جزيرته ومحيطه ، وترك عنان بطاريقه المستخدمة تفجّر وتقتل وتخطف بسيطرات وهمية وبمباركة رئيس حكومة البطاريق الديمقراطية ، مما وضع قطيع البطاريق بين “حانة ومانة حتى ضاعت كل لحانا “

يؤلمني أن التفكير الجمعي لبطاريقنا أصبح تفكيرًا أعمى وغير ذي بصيرة ؛فضاعت بوصلته وتمزقت أحلامه ، وتناست أنها صنعت بطارقها الصنمية لعقود طويلة ، فكانت تهتف وتتقافز وتتنابز شعرًا بشعاراتها وهي تصدح بالروح بالدم نفدي بطريقنا الأكبر ، وهي التي صنعت “بطريقها” الحالي بأصابعها البنفسجية ، فنفخته وووسمته بمختار البطاريق ، ورئيس البطاريق يقف متبجحًا بأنه أخذها من بطريقكم “وما ينطيها ” فضاعت قطعان بطاريقنا بين الشتات قتلًا وخطفًا وإقصاءً وتهميشًا!

والآن ،الجميع ينتظر أن يخرج لها بطريق ثوري يخلصها من واقعها المؤلم ، بين تمزيق أجسادها وتناثر دمائها وسلب أموالها وثرواتها ، ويكون البطريق المخلص هو البطريق الأكبر الجديد؛ونعود لتهتف بالروح بالدم نفديك يا بطريق !

ولكن السؤال الأساسي الذي يحمل جملة أسئلة :

إن خرج لنا بطريق ثوري جديد ؛ هل سنبقى بطاريق ونتبع كبيرنا دون تفكير ؟ هل سنتخلص من أمراضنا البطريقية لصناعة البطريق الأكبر ؟ وهل سنستخدم عقولنا ونبتعد عن التقليد الأعمى والاتباع للآخر دون تفكير ؟ وهل سيأخذنا بطريقنا الثوري الجديد لنعيش بكرامة ؟ وهل سيعتمد الإعلان العالمي لحقوق البطاريق دليلًا عمليًا لحكمه ؟ وهل سنكون بطاريق أحرار برأينا وفكرنا وعقائدنا ؟

والسؤال الأهم : هل سنبقى بطاريق أم نعود لإنسانيتنا ؟

لن يتحرر البطريق من عقلية البطاريق حتى يعلم أنه إنسان وليس بطريقًا، أسئلة تحتاج إلى إجابات واضحة وصريحة ، لأن الله سبحانه وتعالى خلق الإنسان في أحسن تقويم ومنحه عقلًا للتفكير حتى يتفكر ويتمعن ويستخدم عقله ورؤيته لاستنباط الأحكام التي تجعله خليفة الله في الأرض معمرًا ومنتجًا ، ويبتعد عن الاتباع والتقليد الأعمى حتى يعرف الأنسان أنه إنسان وليس بطريق !

مقالات ذات صلة

تعليق واحد

  1. لا اعرف الوضع حاليا في العراق لاني بعيد عنه منذ زمن ولكن اعرف ان العراقيين المخلصين والاغلبية مخلصين للوطن ، ولكن المحتلين وعمليتهم السياسية الباطلة اتت ببطاريق ليسوا عراقيين ونصبوهم ظلما ليكونوا بالاسم حكام العراق امام الامم المتحدة وليس امام العراقيين ، فمن جاء بعد ٢٠٠٣ جاء ليدمر ويقتل بامرة سيده المحتل ، فالعراق ليس لديه حومة وليس لديه شعب لينتخب لان نتائج الانتخابات معروفة معلومة قبل الانتخابات …

    وصفك مع كامل احترامي لتحليلك لا ينطبق ابدا على شعب العراق الحي الواعي انما ينطبق على ما يسمى بحكومة العراق التي يعترف بها المحتل الاميركي واجبروا عالم الامم المتحدة على الاعتراف بها ، فالحكومة التي عينها الاحتلال بانتخابات باطلة هم البطاريق وهم ليسوا عراقيين ومعلوم منذ الازل ان امبراطورية فارس المجوسية القذرة واتباعهم واحفادهم من اكثر الناس انقيادا وتقليدا وبلادة كالبطاريق التي وصفتها ، فقد الغوا العقل وجعلوا تقليد كسرى هو المنهج وكسرى المجوس القابع في قم والذي ابدا اسمه من كسرى الى الولي السفيه عبارة عن بطريق غبي يقوم على تدمير ابناء جلدته من البطارييق احفاد المجوس سواء في الشعوب التي تسكن ايران او الايرانيين الذين في العملية السياسية اابطاريق الذين اختارتهم حكومة الاحتلال وجعلتهم في العراق كصورة حكومة لا اكثر … اميركا والدول الامبريالية هي الوحوش والبطاريق هم احفاد المجوس وتابعيهم … اما شعب العراق فبعون الله هم الاسود الذين سيمزقون كبير البطاريق ومن سانده من وحوش الامبريالية العالمية … وغدا لناظره قريب

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى