مقالات

قيمة وثمن قلادة رغد صدام حسين ، هل تكفي لسداد رواتب المتقاعدين ، إذا قطعت رواتبهم وأرزاقهم ؟

الدكتور محمد الشيخلي

خبير في القانون الدولي
عرض مقالات الكاتب

من البديهي أن يحسب الإنسان – ولاسيما الشخصيات العامة- من أصحاب الرأي والفكر خطواتهم وتصريحاتهم بميزان الذهب ، لأنها ستكون نبراسًا من الحقيقة للآخرين قولًا أو فعلًا , وكل همسة منهم ستكون محط اهتمام وتمحيص وتدقيق ، لذا واجب عليه أو عليها أن يحسبوا ألف حساب لأقوالهم وتصريحاتهم ويضعوها في الميزان ومن ثم النظر إلى إيجابيات الموقف وسلبياته ، وأنا شخصيًا امتنعت عن الظهور في أي وسيلة إعلامية تتعلق وتتحدث ( بالآزمة الخليجية بين قطر والسعودية والإمارات ) منذ بداية الأزمة وحتى الآن ، لأنني أدرك أن قيادات هذه الدول تعمل بعقلية قبلية وقد يؤدي أي تصريح من أي شخصية عراقية لانكاسٍ سيئ على آلاف العراقيين المقيمين في تلك الدول ، وقد يؤدي إلى طردهم منها ، فما ذنبهم ؟

لقد أثار ظهور السيدة رغد صدام حسين الكثير من النقاش والتحليل والرؤى ،حتى أفاض البعض وأبحر ما بين أمواج الحقيقة والتمني وحتى الوهم ، وبالتاكيد أن ظهورها هذا هو حق طبيعي لكل إنسان في ابداء رأيه أو رؤاه كمبدأ أساسي من حقوق الإنسان في الحرية ،وحق التعبير عن الرأي ،والذي ثبت في المواثيق والعهود الدولية ومنها الإعلان العالمي لحقوق الانسان ، وليس من حق أي حكومة أو جهة أو شخص أن يمنع الآخرين من التعبير عن الرأي . ونشهد أمام الله ويشهد العراقيون ويشهد العدو قبل الصديق أن ( عائلة الرئيس صدام حسين من النساء وبخاصة حرمه وبناته وحتى أخواته ) لم نسمع عنهن أو نرى منهن ما يلثم أو يسيء إلى سمعتهن ،أو أخلاقهن طوال عقود من الزمن سواء حين كانوا في الحكم أو خارجه ، حتى عندما أرادت حكومات الاحتلال تسريب (فيديوهات مناسباتهن الخاصة ) كانت حفلات وكأنها لأبسط عائلة بغدادية يجتمع فيها الأهل والأقارب ،ويحتفين بالمناسبة بكل أدب ووقار ويتصرفن كأي امرأة أو بنت عراقية . وحينما ظهرت الأخت رغد صدام حسين في قناة العربية تابعت لقاءاتها بكل حرص واهتمام ، وأنا أرها امرأة عراقية تدلي بذاكرتها في برنامج ( وثائقي ) لتوثيق حقبة قد تكون مخفية عن الكثيرين سواء اتفقنا أو اختلفنا مع الطرح ، ورغم يقيني أن إدارة القناة أرأدت أن تنفذ وتستخدم اللقاء لتحقيق أجندتها الخاصة بعيد كل البعد عن مصلحة العراق .

لن أتناول اللقاء من الناحية السياسية وأبعادها ورسائلها لأن الكثيرين من الأصدقاء والأعداء تناولوا الأمر تفصيلآ ، ولكنني سأتناول أبعاد اللقاء ونتائجه من الناحية الإنسانية فقط ، بخاصة وأنا أرى آلاف العوائل في معسكرات النزوح ما زالت تلتحف السماء وتفترش الأرض، وتعيش التشرد والحرمان سواء داخل العراق أو خارجه . لقد بدأت الأصوات القبيحة والطائفية تتعالى بعد لقاء السيدة رغد صدام حسين من داخل حكومات الاحتلال وبرلمانهم البغيض لإعادة وتفعيل قرارات الاجتثاث أو تفعيل قرارات قانون المسائلة والعدالة والذي أدى الى ذبح آلاف العراقيين دون جريرة ارتكبوها سوى أنهم كانوا موظفين في الدولة العراقية ، وهذا يعني أن النظام السياسي في المنطقة الخضراء سيذهب إلى قطع رواتب ومصدر رزق هذه العوائل وحرمان عائلها من حقه القانوني والشرعي براتبه التقاعدي ،وقد يؤدي الأمر الى فصل آلاف الموظفين العراقيين داخل العراق ومن الضباط في الجيش والشرطة ومن القضاة والأطباء والمهندسين وغيرهم من الذين أعيدوا إلى وظائفهم بعد معاناة من شظف العيش ومرارته عاشوها لسنوات بعد عام 2003 ، لم يطرق باب بيوتهم خلالها أحد أو قدم لهم مساعدة مالية طوال سنوات وسنوات، حتى أن أغلبهم عمل في أعمال لا تليق بمكانتهم العلمية أو الوظيفية سابقًا وقد رأيت اأحد القادة من الضباط العراقيين يتسلق الجدران والأسطح ليعمل على نصب الستلايت في السطوح ! وآخر من أروع طياري الميراج برتبة عقيد طيار يعمل صانع (صبي ) في محل تصليح المولدات ! وآخر كان عميد ركن وآمر لواء فتح دكان – بقالة في باب بيته – كلهم عملوا حتى يوفروا لقمة لعوائلهم وأطفالهم ؛وجميعنا يعلم مقدار الملايين من الدولارات التي أودعت لدى قيادات حكومية وحزبية قبل الاحتلال ولكننا لم نر منهم من طرق الابواب لتوزيع مساعدات مالية أو عينية خلال سنوات القهر والاحتلال على عوائل العراقيين ، بل بالعكس “حملت” هذه القيادات الأموال بالملايين وهربت خارج العراق لإيداعها في مصارف عمان ودبي وغيرها ، واستخدموا هذه الاموال في شراء العقارات وفتح الشركات الخاصة لهم ولآبنائهم ليرتعوا ويلعبوا بها غير مكترثين بحجم المأساة التي كانت تعيشها العوائل العراقية وحتى المقاومة العراقية التي موّلت نفسها بنفسها ؛ومنهم من باع بيته حتى يوفر دعمًا للمقاومة ، أما تلك القيادات التي أؤتمنت على هذه الأموال فكان لسان حالها يقول (( إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَرَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ)) ، ولا يخفى عليكم بعد 2003 و2006 و 2014 مدى المعاناة والحرمان والألم والقتل والتشريد التي عاشتها محافظات صلاح الدين ونينوى والأنبار وديالى نتيجة المؤامرات المخابراتية الدولية والإقليمية التي صنعت التنظيم الإرهابي داعش والمليشيات الطائفية الحاقدة لتدمير هذه المحافظات التي لا ذنب لها سوى انها كانت محسوبة طائفيًا( بعقلية حكام المنطقة الخضراء ) على النظام السابق قبل 2003 ، فدمروها تدميرًا وحرقوها وشردوا أهلها الى معسكرات النزوح ، والتي عاشت فيها هذه العوائل ونسائها وأطفالها وشيوخها من المأساة التي يندى لها جبين الإنسانية وما زال بعض هذه المعسكرات قائمًا ويحرمون من العودة الى منازلهم بحجة أو بأخرى ، وما زال مسلسل القتل والتشريد الطائفي على قدم وساق ومثاله ما يجري في الطارمية وحزام بغداد من عمليات مداهمة وإبادة جماعية ، ألا يكفي هذه المحافظات ما عاشته من مآسٍ وويلات حتى يرجع الانتقام منهم دون ذنب أو جريرة ؟

لذا فإن من التبعات ( الإنسانية ) لظهور السيدة رغد صدام حسين ستكون قرارات ظالمة ومجحفة تتخذها حكومات الاحتلال انتقامًا منها ، وسيكون ضحية هذه القرارات آلاف الأبرياء من العراقيين سواء داخل العراق أو خارجه ، فأذا ما طردوا من وظائفهم أو حرموا من رواتبهم وبخاصة المتقاعدين الأبرياء ومنهم من هم إقاماتهم خارج العراق ويعيشون بشظف العيش على رواتبهم التقاعدية ، وأغلبهم يدفعون إيجارات شهرية، ويقسمون راتبهم على شهرهم ومنهم الكثير من يفطر ولا يتغدى ،ومنهم من يتغدى ولا يتعشى ،ومنهم من لا يجد قيمة الدواء لشرائه ،وأغلبهم من المصابين بأمراض مستعصية أو خطيرة ، فمن سيقدم لهم مساعدة أو يسدد عنهم إيجار البيت أو يشتري لهم احتياجاتهم …؟

سؤالي المشروع : هلّا نزلتِ سيدتي رغد إلى ( شارع الجاردنز ) في عمان ورأيتِ حال قامات عراقية شامخة لا تجد ما تدفعه لثمن فنجان قهوة ، هلّا جلستِ في ( مقهى الفوانيس ) وسمعت معاناة العراقيين أو ذهبت إلى ( جبل الحسين ) لتري مأساة عراقيين يعيشون بالقرب منكِ على راتب تقاعدي يستلمونه مقطعًا كل شهرين ليسدوا أحتياجاتهم وقوت يومهم ، هل سرتِ سيدتي رغد أو سرتم جميعكم في (( شوارع ألانيا وأسطنبول )) ورأيتم العراقيين المهجرين كيف يعيشون ؟ هل ذهبتم إلى (( 6 أكتوبر والسيدة زينب في مصر )) لتسمعوا معاناة هؤلاء العراقيين ؟ هل مشيتم في (( شوارع دمشق )) لتشاهدوا كيف أن العراقيين المهجرين يعيشون ؟ ومنهم ضباط وقادة وعلماء وأكاديميون ! لا مصدر لهم سوى راتبهم التقاعدي ، من سيدق أبوابهم ومن سيقدم مساعدات مالية لهم إذا قطعت رواتبهم التقاعدية ، هل سيقبل من سرق الملايين من الذين أودعت لديهم هذه الملايين سابقًا أن يسيروا في (( شوارع عمان ودمشق والقاهرة واسطنبول وألانيا )) يبحثون عنهم ويقدموا المساعدة لهم ؟ لا أعتقد ذلك مطلقًا لآن من استمرأ المال والسحت الحرام يخشى أن ينقص ماله الحرام ، فإذا ما صدرت قرارات جائرة لفصل وطرد من أعيد إلى الوظيفة داخل العراق أو قرارات لحرمان المتقاعدين مما تبقى من مستحقاتهم التقاعدية لقضاء ما تبقى من أعمارهم وبخاصة من يعيش في (( عمان ودمشق والقاهرة )) وغيرها فمن سيكون المسؤول ؟ بخاصة وأن حكومة المنطقة الخضراء وبعد أن سرقوا ونهبوا الميزانيات المليارية هي تبحث الآن عن أي وسيلة لتقطع الرواتب وهي تعيش ضائقتها المالية نتيجة السرقة والخراب الذي حل بالعراق !

سيدتي رغد دعيني أكون ناصحًا أمينًا؛ أن ظهورك الأخير على قناة العربية لم يكن موفقًا ( بجوانبه وأبعاده الإنسانية ) وسيكون سببًا لقطع أرزاق عوائل أبرياء حتى وأن تبرعت بقيمة أو ثمن العقد ( القلادة Van Cleef ) التي ترتدينها، فإنه لن يكفي لسداد من ستقطع رواتبهم ويحرمون من تقاعدهم ، وسيعيشون ذل السؤال؛ فلا تكوني عونًا للظالم على ظلمه حتى وإن كان بحسن النية … فارحموا عزيز قوم ذل ….

والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته

مقالات ذات صلة

‫15 تعليقات

  1. نظرتك الى زاوية لم تطرق لك حق فيها انت تنظر الى قوة سوط الباطل على ظهورنا ونحن نجلد بلا رحمة والان هل تنتظر ان نجلد بلا صوت ايظاً وهي ليس من شيمنا سنبقى شهيدٌ يقتفي خطوة شهيد … عن نفسي وانا اكن لك الاحترام اقول لم توفق في هذا .

  2. انت غير موفق ابدا بهذا الموضوع
    والظاهر تريد ان تركب الموجى وتشتهر براس الست رغد
    الست رغد قالت ان ملك الاردن وحكام العرب بيساعدوها يعني لا عدها مليارات ولا ورث ولا اي شيئ فهذه السطور التي تضع العسل بلسم اشربها انت وامثالك وانا متابعك من زمان وتقول انك محامي لماذا لا ترفع دعوه قضائيه وانت في اوربا ضد المجرنين ولصوص في منطقه خضراء كلهم عندك ويحملون جناسي اوربيه وتقدر ان تربح القضيه بسهوله ولا انت ايضا مستفيد من تحت لتحت
    انت ولصوص الخضراء وجهان لعمله واحده

  3. مقالتك مثل هذه القصة
    بنت الذي تبكي على أختها الصغيرة سألوها لماذا قالت
    ان أختي سوف تكبر وعندها تتزوج وبعدها تنجب ولد والولد يكبر ويذهب الى النهر ويسبح ويغرق وأنا أبكي عليه

  4. يموت السنة في أربعة عواصم عربية لابواكي لهم ، ان خرج احدهم يصف مظلومية ستتأذى فئة ، لاضير ، يجب المواجهة ، سياسة الاختباء ، وهكذا نعيش في الظل ، هذا طرح محبط ، خرج الربيع العربي وهاهو يضحي ، الغد أفضل والسفر طويل جدا

  5. ساحيلك للدكتور فيصل القاسم بهذا النقد للسيدة رغد
    هوا لاشك بان خروجها على قناة العربية لم يكن موفق ليس من ناحية الحديث او خروجها الان
    وانما على العربية بالذات احقر قناة لانذل داعمين لها
    وخروج السيدة رغد جعل القناة تخفي شيء من غدر الماضي والموامرة على عائلة صدام واهله السنة جميعاً في العراق
    بتلك المقابلة للسيدة رغد يريدون ارجاع الثقة بالقناة وداعميها

  6. اذا هي دعوة للسكوت وعدم ازعاج السلطان الظالم.. والتبرير حتى يبقى المتقاعدون ياخذون راتبا، وحتى يبقى الذين عادوا للوظيفة بوظائفهم..

    1. بمقاله هذا هو يسترعي انتباه الطغاة لأتخاذ اجراء بحق من ذكرهم ..مقال غير موفق للاخ الشيخيلي
      تحياتي لك دكتور محمود

      1. تعيش اخي العزيز.. مع الاسف كثير من ردود الأفعال السريعة لبعض الأخوة لم تكن موفقة. بعد حصول لقاء السيدة رغد صدام حسين على مائتي مليون مشاهدة هرع الكثير للكتابة في هذا الموضوع طلبا للشهرة ليس أكثر ولذلك لم يكن الموضوع ذاته هدفا ولهذا ضلت البوصلة وضاع الطريق. السيدة رغد تحدثت وهذا حقها ولم تسئ للشعب ولا لصورته المباركة بل احسنت واشادت.. ووازنت بين ابيها واخواتها وزوجها وهذا من حقها.. الله يوفق كل ذي نية حسنة وان اخطأ

  7. ماعلاقه السيدة رغد بقطع الرواتب كنت اتصورك فاهم للوضع والقرارات في العراق اساسا رجال البعث تم اجتثاثهم منذ الاحتلال وان ظهرت السيده رغد ام لا فالحرب مستمره على رجال البعث اما المهجرين في تركيًا وغيرها من الدول فعيشتهم افضل من اي مواطن ع الي داخل البلد اتق الله في بلدك ونساءه مالذي اثار حفيظتك من لقاء السيده رغد اخي ان اطمأنك انها لاترغب في اي منصب ولاتخاف على مصالحك اطمأن ان تنافسك اما القلاده فمن المعيب ان تتكلم عن بنت بلدك بهذا الاسلوب انتقد الرعاع اللواتي اصبحت برلمانيات اما ماترتدبه من قلاده فهي جدا بسيطه ولاتعني اي شئ اتق الله كما تدين تدان هذه بنت العراق انتبه لمقالك وكلماتك كلها تدل على الغيره وعيب على رجل ان يغارون أمرأه كنت اتصور المهجر سيغيرك

  8. طرح موفق
    بالنسبة للعقد لن يسد
    بالنسبة للقصر الذي تسكن فيه ورواتب خدم وحشم سيريلانكيات يعشن بقصرها افضل من امهات الشهداء
    اما كان الاولى ان تتبرع هذه النافخة الحاقنة وشد جلد وبوتوكس وغيرووو اليس الاولى لو تبرعت بثمنهم كاز وقود لعائلة عراقية ترتعش بردا وجوعا في الاردن

    هناك مئات العوائل في الاردن معرضون للطرد ماعندهم ايجار يدفعون ولا كم لتر كاز يتدفون وهي تقول نحن اسياد
    رسالتي لها
    نحن لم نكن عبيد لاحد كي يتسيدنا امثالك . اقل مننا علما وعملا .

  9. مالكي والزيباري والطالباني وغيرهم الكثير الداعمين والمطبلين والمزمرين لطائفية والمحاصصة دمروا العراق وموارده وسرقوه لعنة الله عليهم سياتي يوما يسحلون فيها بشوارع العراق

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

هذا الموقع يستخدم Akismet للحدّ من التعليقات المزعجة والغير مرغوبة. تعرّف على كيفية معالجة بيانات تعليقك.

زر الذهاب إلى الأعلى